أعرب عدد من المحللين عن اعتقادهم بأن شبكة القاعدة تواجه أزمة قيادة إثر الإعلان عن مقتل زعيمها أسامة بن لادن في باكستان مشيرين إلى تراجع شعبيته التنظيم الأم الذي أصيب بضعف يفقده قدرته للسيطرة على الفروع الكثيرة. وقال خبير الحركات الإسلامية محمد أبو رمان لوكالة فرانس برس إن «بن لادن مثل رمزا للقاعدة كونه امتلك كاريزما افتقدها الآخرون, والتأثير الرئيسي المباشر لمقتله هو أزمة القيادة التي ستصيب التنظيم». وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مقتل زعيم القاعدة أول أمس الأحد في باكستان خلال عملية نفذتها فرقة خاصة أميركية ما أنهى مطاردة طويلة لمدبر اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وأضاف أبو رمان أن «أي شخصية أخرى لا تمتلك المزايا ذاتها فأيمن الظواهري, الرجل الثاني في التنظيم ليس موضع إجماع فضلا عن الخلافات حول شخصه (...) ستسود حالة من القلق صفوف قادة الجماعات القريبة من القاعدة بسبب مقتله». وتابع «على الصعيد الميداني, لقد تحولت القاعدة من تنظيم هرمي إلى شبكات محلية فالصلات بين بن لادن والقاعدة في العالم العربي كانت عبارة عن توجيهات إعلامية شكلت عاملا مهما. لذا, فان التوجيه المعنوي سيغيب» عن الأنصار. وأوضح ردا على سؤال أن «مقتله يتزامن مع ثورات في دول عربية حيث شباب الفيسبوك لا علاقة لهم بأفكاره فهم يريدون خيارات مختلفة تتفق مع ثقافتهم». ورأى أبو رمان أن «القاعدة تراجعت في الآونة الأخيرة ولم تعد تحظى بشعبية كانت تتمتع بها قبل أعوام قليلة, ولو قتل بن لادن قبل مدة لكان تأثير ذلك اكبر وأوسع مدى. أما الآن, فإن الجماهير لا ترى في القاعدة خيارا مقنعا أو مقبولا لديها». كما اعتبر أن «مقتله يشكل تراجعا رمزيا للقاعدة أكثر مما هو عملي, لأن شعبيته بدأت تعاني من الضمور قبل فترة». وختم موضحا أنه «إذا استمر خط التحولات في العالم العربي, أتوقع أن تصبح الجماعات المرتبطة بالقاعدة متجاوبة مع المعطيات المحلية أكثر من عولمة الجهاد كما يحدث في مصر حاليا حيث تطغى النزعة المحلية على مناقشات وهموم الجمعيات السلفية». من جهته, قال الخبير في شؤون «الجهادية السلفية» حسن أبو هنية لفرانس برس إن «غياب بن لادن رغم, رمزيته بالنسبة للحركات الجهادية السلفية, لن يترك تأثيرا كبيرا على هذه الجماعات لأنه لم يعد يسيطر على الفروع منذ العام 2001 اثر هجمات 11 سبتمبر 2001 كما لم يعد هناك تنظيم كبير للقاعدة». وأضاف «لقد بايعت مجموعات في مختلف مناطق العالم الإسلامي من القوقاز شرقا حتى المغرب العربي بن لادن زعيما بحيث تحولت القاعدة إلى نموذج إرشادي». وختم أبو هنية قائلا «قد يتخذ التنظيم مسارا جديدا مستغلا ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا بما يؤدي ربما إلى إعادة بروز السلفية الجهادية التي تبقى ماثلة طالما أن هناك قضايا لم يتم حلها حسب وجهة نظرها». أما أنور عشقي رئيس دائرة الشرق الأوسط في معهد الدراسات الإستراتيجية في جدة, فقال إن «مقتل بن لادن يعتبر مؤشرا على نهاية إرهاب القاعدة». وأضاف «عرفته شخصيا قبل ذهابه إلى السودان العام 1994, فقد امتلك عقلية للتخطيط وليس للقتال وقام بتوظيف جميع إمكاناته لزرع الخلايا النائمة لكن هذه الخلايا فقدت تمويلها الآن». وتابع أن «مشكلة القاعدة تكمن في إيجاد بديل. فالوحيد الموجود هو الظواهري الذي لن يأتمر السعوديون بأوامره أبدا». ورأى عشقي أن «الولاياتالمتحدة قتلت بن لادن قبل أسبوع لكنها لم تعلن عن ذلك لكي تخطط بدقة للمرحلة المقبلة وقامت برمي جثته في البحر لكي لا تتحول إلى مزار ربما (...) حقق أوباما انتصارا باهرا الأمر الذي قد يمكنه من الفوز بولاية ثانية». واعتبر أن «السعودية ستنعم بأيام هانئة حيث لن يكون هناك إرهاب بعد اليوم كما سيضعف الإرهاب في اليمن والصومال إلى حد كبير بعد مقتل زعيمه». وختم مؤكدا «صعوبة العثور على بديل يحل مكان بن لادن».