بدأ تعب الحجر الصحي يظهر في وجوه الأطفال الصغار واليافعين والشباب المغاربة، لاسيما أمام التمديدات التي تقدم عليها الحكومة خلال كل مرة، بدون تهييئ الرأي العام لهذه الآجال الطويلة منذ البداية، بحجة عدم التوفر على المعطيات الكافية حول الوضعية الوبائية لفيروس كورونا كوفيد-19 بالمغرب. وبالرغم من أخذها مؤخرا لقرار تصنيف مختلف عمالات المغرب إلى منطقتين 1 و2، والذي أفضى إلى رفع الحجر الصحي بالنسبة للمنطقة 1، والتخفيف بالنسبة للثانية، إلا أن الأطفال الصغار لا زالوا لم يتأقلموا بعد مع الأجواء التي في الخارج، وذلك نتيجة الاضطراب النفسي الذي سببه الحجر الصحي لأزيد من شهرين ونصف. وتشتكي العديد من الأسر المغربية من هذا الوضع غير المعروف النتائج في المستقبل، خصوصا وأن السياسة التواصلية للحكومة مرتجلة، بحيث لا تسمح للآباء بإقناع أطفالها بعدم الخروج إلى الشارع، كما أنها لا تتوفر على معطيات كافية بخصوص تاريخ ولوج الفضاءات العامة الخضراء، أو السفر، أو الاستجمام بجانب البحر، كما جرت العادة خلال فصول الصيف. ونبهت العديد من جمعيات المجتمع المدني إلى تداعيات الحجر الصحي على نفسية هذه الفئة من المجتمع، حيث عبرت جمعية الشعلة للتربية والثقافة عن قلقها الكبير من معاناة الأطفال واليافعين والشباب مع حالة الحجر وامتداداتها النفسية والاجتماعية. وأوضحت الجمعية أن مجموعة من العائلات تعيش قلقا بخصوص توازن أبنائها النفسي، وبروز حالات الانعزال والكآبة من جراء الظروف الاجتماعية، وضيق فضاء السكن الذي يحول دون حركة الأطفال ، ومحدودية الحوار، واللعب مع أقرانهم، وضعف البرامج الإعلامية، وخاصة التلفزية لفائدتهم، واستمرار إغلاق الفضاءات الخضراء وغيرها، وحرمانهم من حقهم في العطلة الصيفية. وأمام هذه الوضعية، طالب المكتب الوطني لجمعية الشعلة للتربية والثقافة رئيس الحكومة والقطاعات المعنية بتخصيص دعم مادي ومعنوي وصحي للأطفال واليافعين، وذلك لمواجهة هذه الوضعية الحرجة. إلى جانب ذلك، دعت الشعلة الجهات نفسها إلى تحمل المعالجة الطبية النفسية للأطفال المعنيين مع الأطباء المختصين، مشددة على ضرورة الاحتفاظ بميزانية العطلة للجميع في القانون المالي المزمع تعديله بما يسمح للمنظمات التربوية الحفاظ على خدمتها التربوية والثقافية عن بعد، لفائدة الطفولة واليافعين والشباب. وكان حزب التقدم والاشتراكية سباقا إلى تحذير الحكومة من تأثير الحجر الصحي على الأطفال في بلاغاتات ديوانه السياسي التي انعقدت منذ بداية الحجر الصحي والتي دعا فيها إلى الوضوح في التواصل مع المغاربة. وعاد حزب التقدم والاشتراكية،خلال اجتماع مكتبه السياسي بتاريخ 11 يونيو الجاري، لدعوة الحكومة إلى اتخاذ تدابير استعجالية للتخفيف من تداعيات الحجر المنزلي على الأطفال الموجودين في المنطقة 2، وذلك بالسماح لهم بالخروج والتنزه رفقة أولياء أمورهم، إسوة بباقي الأطفال بالمنطقة 1. من جانبها، دعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في بيان لها أيضا، إلى ضرورة مراعاة الحكومة لوضعية الأطفال أثناء تمديد إجراءات الحجر الصحي، محذرة من انهيار صحتهم النفسية خصوصا بعد الإعلان عن نهاية السنة الدراسية. ووجهت الجمعية، انتقادات شديدة للحكومة بشأن تدبيرها لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب، كما أبدت ملاحظتها بخصوص عدم انسجام أعضاء الجهاز الحكومي في تدبيره للحجر الصحي، الذي يتجسد في تعدد الآراء المتضاربة الصادرة عنه من جهة، وتناسل التسريبات المتعلقة بالقرارات ومشاريع المراسيم ذات الصلة بتدبير حالة الطوارئ، من جهة أخرى، وهو ما يحرم المواطن من الحق في المعلومة الصحيحة.