نقلت العديد من الأسر المغربية احتجاجها على المدارس الخاصة لأبنائها من الفضاء الافتراضي إلى أمام المؤسسات التعليمية، حيث احتد الصراع بين آباء التلاميذ ومدراء المدراس، حول أداء واجبات الثلاثة أشهر الأخيرة "أبريل و ماي و يونيو". واستمر مسلسل الشد والجذب بين الجانبين طيلة الأشهر الأخيرة للحجر الصحي والطوارئ الصحية، قبل أن يخرج إلى الفضاء العام، حيث تنظم تنسيقيات الآباء بشكل يومي احتجاجاتها أمام المؤسسات التعليمية الخصوصية بمختلف المدن المغربية. ويرفض العديد من الآباء أداء واجبات هذه الأشهر الثلاثة، بحجة أن أبنائهم لم يستفيدوا من الدروس الحضورية في الأقسام، وهو ما لم يكلف المؤسسات التعليمية مجهودا كبيرا حتى تطالب بأداء الواجبات الشهرية بشكل كامل. وقال محمد الدسوري، إنه لا يعقل أن تطالب مؤسسات التعليم الخصوصي من أولياء التلاميذ أداء الواجبات الشهرية، في حين أنهم فقدوا عملهم أو تضرروا جزئيا من أزمة جائحة كورونا، التي ألزمت التلاميذ المكوث في المنزل ومتابعة الدراسة عن بعد. وأبدى الدسوري الأب لطفلين يدرسان بالتعليم الخصوصي بمدينة الدارالبيضاء، والذي حضر لوقفة احتجاجية أمام إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة، مجموعة من الملاحظات حول التعليم عن بعد الذي أوضح أنه لا يمكن أن يعوض التعليم الحضوري، ومن ثم لا يستحق أن تؤدى عليه واجبات الشهر. وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه في حال عدم فتح مدراء المؤسسات التعليمية الخاصة لحوار مع أولياء التلاميذ، سيكون هؤلاء الأخيرين مضطرين إلى التصعيد، الذي قد يصل إلى حد سحب أبنائهم من هذه المؤسسات والرحيل بهم صوب المؤسسات التعليمية العمومية. من جهتها، قالت صوفيا الهيتمي، إنها اضطرت إلى أداء واجبات شهر أبريل، بيد أنها عجزت عن أداء واجبات شهري ماي ويونيو الجاري، نتيجة فقدانها لعملها، وتوقف زوجها عن العمل، حيث تطالب اليوم بفتح المؤسسة لحوار مع أولياء التلاميذ بهدف حل هذا الخلاف الذي يجب أن يتحمل فيه الاثنان الخسائر الذي ألحقه وباء كوفيد-19 بجيوب المغاربة. وقالت صوفيا لبيان اليوم، إنها استنجدت بأبيها لأداء فاتورة أبريل لابنيها، بيد أنها اليوم عاجزة عن أداء الشهرين المتبقيين، ومن ثم تطالب بتخفيض الواجب الشهري، وتقسيم الباقي على الأشهر القادمة، إلى حين استئناف الدراسة في الموسم الدراسي القادم. ولا تستبعد صوفيا احتمال إلحاق أحد أبنائها بالتعليم العمومي، بعدما كانت برمجتها في البداية قائمة على اتمام دراسة ابنيها معا بمؤسسات التعليم الخصوصي، لكنها مهددة اليوم بعدم منح أبنائها شهادة النجاح من قبل إدارة المؤسسة إذا لم تسدد المصاريف التي بذمتها، على حد تعبيرها. وفي سياق متصل، اتصلت الجريدة برابطة التعليم الخاص بالمغرب، من أجل أخذ رأيها في الموضوع، غير أن الهاتف ظل يرن دون مجيب، قبل أن تتحدث بيان اليوم إلى أحد مدراء مؤسستين تعليميتين بمدينة فاس، الذي عبر عن أسفه في البداية عن هذه الأزمة التي ألحقتها كورونا بالقطاع الخاص بالمغرب. وأوضح المدير الذي فضل عدم ذكر اسمه للجريدة، أن المؤسستين اللتين يديرهما، أعفتا الآباء الذين في وضعية صعبة من أداء واجبات الشهرين الأخيرين، في حين أعفيت فئة أخرى من أداء النصف، بيد أن الفئة الثالثة أدت الشهر وتم إعفاؤها من مصاريف النقل. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن هذا الحل تم التوصل له بعد اتفاق بين إدارة المؤسستين وتنسيقية آباء التلاميذ، داعيا جميع المؤسسات والآباء إلى فتح الحوار فيما بينهم والخروج من هذه المشاكل التي أجبروا على الوقوع فيها ولم يكن الأمر اختياريا بالنسبة للجانبين، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، تنظم مجموعة من الأكاديميات الجهوية بالمغرب، سلسلة من اللقاءات بين جمعيات أمهات وأولياء التلاميذ، وممثلي مؤسسات التعليم الخصوصي، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لهذا المأزق. وسبق لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، أن دعا إلى ضرورة التفاعل مع النقاش الوطني الجاري حول تداعيات الحالة الوبائية بالمغرب والقيام بدور الوساطة بين الأطراف الشريكة في المنظومة التربوية. يوسف الخيدر تصوير: أحمد عقيل مكاو