عندما تساوي التمريرة هدفا، فإن صاحب التمريرة يساوي كنزا، وربما كان تشابي هيرناندز هو أفضل صانع للأهداف في العالم. ولد تشابي هيرناندز إي كريوس في تيراسا بمدينة برشلونة عاصمة إقليم كتالونيا الإسباني في 30 ينايرعام 1980، ولم يلبس قميصا بخلاف قميص البرسا الأحمر والأزرق. كانت بداية رحلته مع التألق في بطولة كأس العالم للشباب في نيجيريا عام 1999 التي توج بها باكتساح منتخب الماتادور الصغير، وبعدها بعام لعب للمنتخب الأول للمرة الأولى أمام هولندا ليتحول منذ ذلك الحين إلى لاعب أساسي في صفوف الفريق مع جميع المدربين، عبر 84 مباراة دولية. وفي نفس ذلك العام حصد مع المنتخب الإسباني الميدالية الفضية في منافسات كرة القدم بدورة الألعاب الأوليمبية «سيدني 2000». كانت أهم إنجازات تشابي دوليا قيادة المنتخب الإسباني نحو لقب بطولة الأمم الأوروبية «يورو 2008» في النمسا وسويسرا، وهو اللقب الذي أهل إسبانيا لتكون للمرة الأولى في صدارة المرشحين لاقتناص كأس العالم في جنوب أفريقيا هذا العام. ولم يكن الفوز باللقب هو السبب الوحيد وراء سعادة تشابي بعد البطولة، بل توج النجم عطاءه الشخصي بالحصول على لقب أفضل لاعب في البطولة عن جدارة، ليعوض مرارة الخروج من الدور الأول في البطولة السابقة عام 2004 بالبرتغال. وفي جنوب أفريقيا سيسعى تشابي إلى أخذ ثأره المونديالي كما فعل أوروبيا، فالمنتخب الإسباني وإن لم يكن قد رشح لنيل لقب مونديال ألمانيا 2006 إلا أن اسمه كان مطروحا بالتأكيد للذهاب لما هو أبعد بكثير من دور الستة عشر الذي سقط فيه أمام زيدان ورفاقه 3-1. على المستوى المحلي كان تشابي واحدا من أهم أبطال السداسية التاريخية التي حققها برشلونة خلال عام 2009 بالفوز بجميع البطولات التي شارك فيها ذلك العام وهي الدوري الإسباني وكأس الملك ودوري الأبطال الأوروبي وكأسي السوبر المحلي والأوروبي ومونديال الأندية. وبخلاف ما حققه في ذلك العام المثالي، فاز أيضا مع البرسا بالدوري الإسباني أربع مرات أخرى وكأس السوبر المحلي مرتين ودوري أبطال أوروبا عام 2006. يتميز أداء تشابي بالهدوء على أرض الملعب والنظرة الثاقبة، وهو قادر بتمريرة واحدة على وضع أي من زملائه أمام المرمى، ولا تزال جماهير سانتياجو برنابيو تتذكر بأسى تمريرتيه إلى الأرجنتيني ليونيل ميسي والصاعد بيدرو رودريجز في المباراة التي فاز فيها برشلونة على ريال مدريد 0-2 في العاشر من أبريل ومهدت لبرشلونة الطريق نحو اللقب. وإذا كان تشابي سيفتقد وجود ميسي في المونديال، فإنه بالتأكيد سيجد إلى جواره مهاجمين قناصين قادرين على إنهاء تمريراته بنجاح في مرمى الخصوم هما فرناندو توريس وديفيد فيا، فضلا عن زملائه المنطلقين من خط الوسط وأبرزهم ديفيد سيلفا وخوان ماتا وأندريس إنييستا وسيسك فابريجاس. وربما لا تمثل باقي فرق المجموعة الثامنة التي تلعب بها إسبانيا مشكلة كبيرة لتشابي أو لإسبانيا، حيث يمكن للفريق التفوق بسهولة على هندوراس وتشيلي وسويسرا لكن الخطورة تتمثل في الدور التالي الذي يبدو المنافس الأقرب فيه هو منتخب البرتغال بقائده كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد. وبعد أن توج برشلونة قبل أيام بلقب الدوري الإسباني، قال تشابي في إشارة إلى لاعبي وجماهير الريال «فليتعلموا»، فهل يقوم بقيادة الماتادور نحو تعليم رونالدو المزيد، أم يتمكن الأخير من فرض حقيقة باتت تاريخية أن إسبانيا لا تفعل شيئا في المونديالات. وتخوض أسبانيا نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا وهي مرشحة فوق العادة لإحراز اللقب المرموق بعد تتويجها عام 2008 بلقب كأس أوروبا حيث قدمت ملاحم كروية جميلة استحقت على إثرها اللقب القاري، لكن «الأرمادا» لا تزال تبحث عن لقبها الأول في المونديال. في الماضي كانت أسبانيا تلعب دور الحصان الأسود في البطولات الكبرى، فكانت تقدم تصفيات خارقة وتتأهل بجدارة، لكن عند استحقاق المسابقات لطالما كانت تتعثر وتعجز عن إحراز الألقاب، ومشاركاتها في كأس العالم تدل على ذلك، إذ بلغت الدور نصف النهائي عام 1950 عندما حلت رابعة وربع النهائي أعوام 1934، 1982، 1986، 1994 و2006. لكن عام 2008، حلت أسبانيا هذه العقدة في النمسا وسويسرا عندما أحرزت لقبها القاري بعد فترة طويلة من الانتظار (الأول عام 1964)، وتلا ذلك عشرة انتصارات في تصفيات كأس العالم 2010 وسلسلة رائعة من 35 مباراة لم تتعرض فيها «لا فوريا روخا» لأي هزيمة معادلة رقم البرازيل القياسي، بينها 15 انتصارا متتاليا في الفترة بين فبراير 2007 ويونيو 2009. يقول المهاجم الفتاك فرناندو توريس الذي عرقلته الإصابات هذا الموسم مع فريقه ليفربول الانكليزي: «لا نريد ان نحصل على لقب المرشحين فقط، بل علينا أن نحققه. في اسبانيا نعتقد دائما أننا مركز الثقل في العالم ونعتبر أنفسنا مرشحين». تملك أسبانيا واحدة من أقوى التشكيلات في العالم التي لم تتغير كثيرا عن تلك التي أحرزت اللقب القاري منذ عامين، نواتها من ناديي برشلونة بطل الدوري وريال مدريد وصيفه. في حراسة المرمى، يعتبر ايكر كاسياس أحد أفضل الحراس في العالم، إذ تخطى حاجز المائة مباراة دولية وهو بعمر الثامنة والعشرين، لكن مستواه في المباريات الإعدادية لم يكن مثاليا، ما فتح الباب لاشراك خوسيه رينا حارس ليفربول وفيكتور فالديس حارس برشلونة. في الدفاع، يبرز جيرار بيكي وكارليس بويول من برشلونة وسيرخيو راموس وراوول ألبيول من ريال مدريد وكارلوس مارشينا من فالنسيا. خط الوسط هو القوة الضاربة للفريق، وقد يكون الأبرز في العالم، اذ يضم «العقل» شابي، الموهوب أندريس اينييستا زميله في برشلونة، سيسك فابريغاس صانع إستراتيجية ارسنال الانكليزي، شابي ألونسو صاحب التمريرات المتقنة، دافيد سيلفا جناح فالنسيا وخيسوس نافاس نجم أشبيلية الصاعد، هذا بالإضافة إلى وجهي برشلونة الشابين بدرو رودريغيز وسيرجيو بوسكيتس. هجوم الفريق الضارب يتألف من الثنائي توريس ودافيد فيا هداف كاس أوروبا 2008 المنتقل من فالنسيا الى برشلونة بعد انتهاء الموسم المنصرم، في حين يلعب فرناندو ليورنتي مهاجم أتلتيك بلباو دور البديل. يقول المدرب فيتشنتي دل بوسكي الذي اشرف على ريال مدريد سابقا: «الكل في اسبانيا يعتبر ان عدم الفوز في كأس العالم هو بمثابة الفشل. أعتقد ان هذا الكلام لا معنى له ومتطرف، لكن في هذا الزمن يبدو ان التطرف هو السائد». دل بوسكي (59 عاما) الذي قاد ريال مدريد إلى لقبي الدوري (2001 و2003) ولقبين في دوري الأبطال (2000 و2002) تسلم الراية من لويس اراغونيس بعد كأس أوروبا 2008، ولم يعمل كثيرا على بناء تشكيلة جديدة نظرا لنجوميتها، لكن ما يؤرقه حاليا معاناة بعض لاعبيه من الإصابات في الموسم المنصرم خصوصا توريس واينييستا وفابريغاس. اسبانيا التي تصدرت ترتيب المنتخبات العالمية لأول مرة في تاريخها بعد إحراز لقبها القاري، وقعت في مجموعة بالغة السهولة الى جانب سويسرا وتشيلي وهندوراس، لكن مشاكلها قد تنطلق باكرا من الدور الثاني حيث ستواجه وصيف مجموعة البرازيل والبرتغال بحال تصدرها ترتيب المجموعة الثامنة. يقول قائد الفريق ايكر كاسياس: «على الورق نحن مرشحون للتأهل، وأعتقد انه يجب أن نتصدر مجموعتنا. قرعة الأدوار الاقصائية صعبة علينا، لكن إذا أردت بلوغ المباراة النهائية عليك الفوز على أقوى الفرق».