في الوقت الذي أعلنت فيه بعض مؤسسات التعليم الخصوصي، بمختلف ربوع المملكة، عن اتخاذها لإجراءات تحمي جيوب الأسر المغربية المتعاقدة معها خلال جائحة كورونا، موازاة مع التدابير الاحترازية التي اتخذتها الوزارة الوصية، خاصة التعليم عن بعد، رفضت مؤسسات أخرى اتخاذ أي خطوات توازي بين نوعية الخدمات المقدمة خلال هذه الفترة، والمقابل المادي لها من جهة، وتراعي الظرفية الاقتصادية الوطنية الحالية، التي أعلن فيها جميع المغاربة عن شعار التضحية لاجتيازها. وقد عمدت مؤسسات للتعليم الخصوصي، إلى الإعلان عن تخفيض نسبة واجبات التمدرس، من 40 في المائة إلى 60 في المائة، حسب المستويات الدراسية، ولصالح جميع التلاميذ دون الأخذ بعين الاعتبار الوضعية المادية والاقتصادية للأسرة، وعزت ذلك إلى واجبها الوطني، ثم إلى نوعية الخدمات المقدمة والتي تختلف كثيرا عن التعليم المباشر والذي قد يكلف المؤسسة ماديا أكثر من التعليم عن بعد، الذي قلب الكفة، وزاد من التكاليف المادية للأسر، التي اضطرت لاقتناء هواتف ذكية أو لوحات إلكترونية لأبنائها، حتى يتمكنوا من متابعة دراستهم، هذا إلى جانب تكاليف الإنترنيت أيضا وغيرها… وفي الوقت ذاته، لم تكتف مؤسسات أخرى بمطالبة الأسر بواجبات التمدرس كاملة فقط، بل طالبت أيضا بواجبات النقل والمطعمة أيضا، مما أثار سخطا عارما بين صفوف الأسر، التي اختارت التعليم الخصوص بحثا عن جودة تعليمية، أجمع الأغلبية على غيابها أو انعدامها خلال هذه الفترة… وفي هذا الصدد، عقد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الناطق الرسمي بإسم الحكومة سعيد أمزازي، يوم الاثنين 1 يونيو، لقاء مع رؤساء الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، والفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، والكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، والمجلس الوطني لمنتخبي جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ. وخلص الاجتماع رمي الكرة في ملعب أولياء التلاميذ، ومطالبتهم بالبحث عن صيغ للتفاوض مع أرباب المدارس الخصوصية، بشأن أداء واجبات التمدرس الشهرية. وأثار أولياء أمور التلاميذ، عددا من النقط إلى جانب مسألة الواجبات الشهرية التي تطالب المدارس الخصوصية بأدائها، حيث تطرقوا أيضا إلى المشاكل والمعيقات التي واجهت عملية التعليم عن بعد، و”عدم التزام” مجموعة من مدارس التعليم الخصوصي بها. كما طرح أولياء الأمور، مشكل التعليم الأولي في مدارس التعليم الخصوصي، وضعف العرض الذي طرحته المؤسسات الخاصة للأطفال خلال عملية التعليم عن بعد، مع مواصلة المطالبة بأداء مستحقات شهور أبريل وماي ويونيو كاملة، مع وجود استثناءات قليلة لمدارس أقرت تخفيضات لفائدة الأسر لم تتعدى في المتوسط ال40 في المائة من واجبات شهر يونيو. ووقف المجتمعون على وجود فراغ قانوني في ما يتلعق بالعلاقة التي تجمع بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والمدارس الخصوصية، وعدم وجود أي صيغة قانونية تمكن الوزارة من التدخل المباشر في مسألة أداء واجبات التمدرس من عدمها، كما وقفوا أيضا على وجود فراغ قانوني في ما يخص تعاقد ما بين أولياء الأمور والمدارس الخصوصية، ولقاء أي خدمة يؤدون الواجبات الشهرية، خاصة وأن تسجيل الأبناء بهذه المدارس لا يتم بموجب عقد يحدد الالتزامات بدقة. من جهة أخرى، نشر الوزير سعيد أمزازي على حسابه الخاص على موقع “فيسبوك” ما خلص إليه الاجتماع مع الممثلين عن أولياء الأمور، وقال إن التعليم الخصوصي شريك ومكمل للتعليم العمومي ويقدم خدمة عمومية، مضيفا أن المصلحة الفضلى للمتعلمات والمتعلمين فوق كل اعتبار. وتابع أمزازي في تدوينته أن الهيئات الممثلة لجمعيات أمهات وآباء التلاميذ مدعوة إلى لعب دورة الوساطة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين من أجل إيجاد الحلول المناسبة والتي تأخذ بعين الاعتبار الوضعية المالية الصعبة لبعض الأسر ولبعض المؤسسات. وأكد الوزير على أن الوزارة ستقوم بالتدخل لدى السلطات المختصة من أجل تقديم الدعم لمستخدمي القطاع الخاص المتضررين جراء جائحة كوفيد 19: المربيات والسائقون والمرافقات والطباخون. في سياق متصل، قال الرحوني يونس، رئيس جمعية أباء وأولياء التلاميذ بالمدرسة الخاصة “سلسبيل”، بمدينة سلا، إن الأزمة الحالية التي خلفتها تداعيات الجائحة، عرت عن العديد من المشاكل التي تتخبط فيها الأسر حيال علاقتها بالمدارس الخصوصية. واعتبر الرحموني في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، أن “العقود التي تربطهم بالمؤسسات المذكورة عقود إذعان لا يؤطرها أي قانون خصوصا في الجانب المادي”، مضيفا أنه “إذا كانت الدولة تراهن على تطوير قطاع التعليم الخاص لتحميلها بعضا من العبء في استيعاب الأعداد المتصاعدة من المتمدرسين، فإنها بالمقابل أطلقت له العنان لفرض الواجبات والرسوم كيف يشاء”. وأضاف المتحدث ذاته، أن هذه المؤسسات تعد “مقاولات لا يهمها إلا الربح المتواصل حتى ولو توقفت الخدمة بسبب الجائحة”، مبرزا أنه كنموذج على ذلك، ما اصطدمت به أسر مجموعة مدارس سلسبيل الخاصة التي وجدت نفسها مجبرة على أداء الواجب الشهري كاملا غير منقوص، مع الإعفاء من النقل والإطعام المدرسي وتسهيل الأداء للأسر المعسرة بعد الإدلاء بمبررات رسمية. وتساءل الرحموني مستنكرا، “هل التعليم الأولي يؤدى عنه رغم أن الأسر تحتفظ بأطفالها في البيت؟ هل يسمى الإعفاء من النقل والمطعم إعفاء؟ هل تلتزم الأسر بواجبات التمدرس مقابل خدمة رديئة ومتقلصة عبر الواتساب؟ ألا تعتبر جميع الأسر متضررة بسبب حالة الطوارئ؟ أين تذهب رسوم التأمين والتسجيل المبالغ فيها؟”. وأبرز الرحموني أن جمعية الآباء والأمهات التي يرأسها قامت بمجهود لفتح الحوار مع المسؤول عن هذه المؤسسة، انطلاقا من موقعها كشريك أول وممثل قانوني للأسر، حيث “عقدت اجتماعين مع المدير العام في مناسبتين عبر فيهما أنه لا يطمح الا لأداء أجور الأطر التربوية. وهذا ما صرح به عند انضمامه لمجموعة الواتساب الخاصة بالأسر، إلى أن فوجئ الجميع ببيان للمؤسسة يدعو الآباء أداء الواجب الشهري غير منقوص، في تنصل كامل لما يتناسب مع الخدمة المنجزة وما تقتضيه الظروف الحالية، وهو ما أثار سخط أغلب الأسر جراء هذه السلوكيات التصعيدية”. وشدد الرحموني على أن جمعية الآباء كشريك تربوي قامت أيضا بمراسلة المؤسسة بخصوص جودة الاستمرارية البيداغوجية التي اعتمدتها المؤسسة بشكل انفرادي، حيث لم تستطع العمل بأي منصة لائقة غير الواتساب الذي سبب العديد من الردود السلبية لعدم نجاعته، وتسببه في العديد من التكاليف والأضرار للمتمدرسين وأسرهم”. ودعا الرحموني الوزارات الوصية إلى “تحمل مسؤوليتها التاريخية من خلال تأطير القطاع بنصوص تنظيمية وقوانين واضحة تحمي كل طرف في هذه العلاقة غير متكافئة، خصوصا أن هناك العديد من الأسر لا تلجأ إلى التعليم الخصوصي إلا اضطرارا”.