خالد الناصري: الإعلام العربي مرآة صادقة للمجتمع تعكس انتظاراته وتنوعه ومكا منقصوره أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الإعلام العربي مرآة صادقة للمجتمع تعكس انتظاراته وتنوعه ومكامن قصوره. وأوضح الوزير في مداخلة له أول أمس الاثنين خلال الجلسة الثامنة ضمن الملتقى الإعلامي العربي الثامن الذي تستضيفه الكويت العاصمة، أن الإعلام العربي «مرآة صادقة للمجتمع، تعكس انتظاراته وتنوعه ومظاهر عظمته، ومكامن قصوره وإحباطاته، يتحرك معه كتوأم لصيق، قد يسبق الواحد الآخر في هذه المحطة أو تلك، دون أن يستقل كلياً, هذا عن ذاك». وأشار خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول موضوع ماذا قدم الإعلام العربي؟، إلى أن الإعلام «بات يساهم في بلورة الرأي العام، كل يوم، بل يؤثر في مجريات الحراك الاجتماعي إلى درجة تحريك أو تسريع الثورات متى نضجت شروطها الذاتية والموضوعية». وأبرز الناصري، أن الإعلام العربي «أضحى اليوم أيضا بؤرة تتدفق فيها كل التناقضات الاجتماعية والسياسية العربية وتحول إلى مرتع لتفريغ فائض المكبوتات، وهي وظيفة جديدة غير مألوفة لديه في السابق». وسجل الوزير من جانب آخر، أن «الخطاب التعددي» (أي شرعنة حق الاختلاف السلمي)، هو اكتشاف إعلامي عربي حديث النشأة، ولم يصل بعد إلى مستوى النضج، القائم بالضرورة على احترام الرأي والرأي المغاير، حيث المونولوغات الجوفاء تأتي بديلا عن الحوار الحقيقي، والنقاشات الحوارية التلفزية تثير كثيراً من الاشمئزاز، نظراً لطغيان الديماغوجية في مواجهة ديماغوجية مُضادة، إلى درجة انعدام الفائدة، انعداماً مطلقا». وأشار إلى أنه يتعين «الإنكباب على معالجة هذا الإشكال، في إطار الاحتكام إلى ثنائية الحرية والمسؤولية، القائمة على أساس تعزيز وظيفة ودور الإعلام، وتمكينه من أجواء الحرية والانفتاح، مقابل تقيد الجسم الإعلامي، بكيفية ذاتية، بقواعد وآداب مهنة الصحافة، والارتقاء إلى ما تقتضيه روح المسؤولية المهنية والاجتماعية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام». وأبرز أن «تخلف الإعلام العربي»، ما هو في نهاية الأمر إلاّ «نتيجة طبيعية لغياب الديمقراطية، فكلاهما وجهان إثنان لعملة واحدة، ذلك أن الإعلاميين العرب الذين يكلفون أنفسهم عناء تفهم آراء المنتقدين أو المختلفين، هم قلة ترقى إلى مستوى النجومية إن لم نقل مقام البطولة»، مشيرا إلى أن العلاقة الوطيدة بين الإعلام والديمقراطية (وكل واحد منهما يغذي ويتغذى من الآخر) مؤداها أن الإعلام أضحى فاعلا سياسيا بكل معنى الكلمة، حتى مع الإقرار النسبي بتمايزاته الخاصة عن الفعل السياسي الصرف». من جهته، اعتبر وزير الإعلام اللبناني طارق متري، في مداخلة مماثلة، أن الإعلام العربي يعيش تحولات جذرية تعود ضمنيا إلى مدى تحوله إلى سلطة رابعة بات حضورها أساسيا في رسم ملامح مستقبل الشعوب العربية. وأكد متري أن هذا التحول يعزى إلى التقنيات الحديثة في تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي جعلت من الإعلام العربي مصدراً رئيسياًَ للمعرفة والتأثير وصناعة القرار والتنمية والتوجيه وزيادة الوعي ومساحة الثقافة والمعرفة لدى الناس. لكن الإعلام العربي في المقابل، حسب رأي متري، «مازال يتأرجح بين خيارات متعددة لتعزيز حريته وحياده، في نقل القضايا والأحداث العربية، دون تحيز وتأثير من أجل كسب ثقة المتلقي في كل مكان». أما وزير الإعلام الجزائري السابق عز الدين ميهوبي، فتحدث في تدخله عن ماهية دور الإعلام العربي في نقل المعلومة السليمة للمتلقي وفي التعبير عن نبض الشارع والدفاع عن قضاياه العادلة بمختلف تجلياتها. وأشار إلى أن الإعلام العربي يتوزع على عدة تصنيفات تتمثل في «الإعلام التفاعلي الذي درج على اعتماد الوسائط الإلكترونية في التجاوب مع قضايا الشعوب»، ثم هناك «الإعلام التفاؤلي وهو ما يطلق عليه بالإعلام الرسمي أي إعلام الخدمة العمومية أو ما يعني بلغة مبسطة إعلام كل شيء على ما يرام»، إلى جانب «الإعلام المنفلت» الذي يتناول كل القضايا على اختلاف أنواعها، ويطرح نفسه بديلا في ممارسة الحرية، ويعتبر نفسه الصورة الأمثل لتكريس الديمقراطية في العالم العربي. وأشار إلى أن الصنف الأخير هو «الإعلام المغشوش»، إعلام رديء يرسم صورا هشة عن المجتمعات العربية من خلال اعتماده على نشر ظواهر الشعوذة والدجل في «فضائيات» عربية عبارة عن أكشاك مغلقة. ماذا قدم الإعلام العربي للمجتمع، يضيف ميهوبي، «قدم لنفسه قليلا من المهنية وكثير من التعبئة وقدم للمجتمع كثيرا من الأسئلة وقليلا من الأجوبة، انتقل من مرحلة تشكيل وعي مجتمعي هادف وتقديم المعلومة التي تلامس قضايا المجتمع في إطار شعار الرأي والرأي الآخر، إلى مرحلة صنع الخبر بعيدا عن الموضوعية والمهنية». ومن جانبه، أكد محمد الخمليشي الأمين العام المساعد لقطاع الإعلام في جامعة الدول العربية، أن الإعلام العربي، و»إن كان قد نجح في تشكيل رأي عام عربي وتوجيه السياسات العربية بما يحقق التقدم والازدهار لمجتمعاتها، فإنه يوجد أكثر من أي وقت مضى في مفترق طرق بسبب التحديات التي باتت تواجه الأمة العربية في المستقبل المنظور». وأضاف الخمليشي أن العالم العربي «يحتاج الآن إلى إعلام منفتح ينتج محتوى معرفي متقدم يأخذ في اعتباره متطلبات العصر وحاجة الشعوب العربية إلى التفاعل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي». وقد بحث هذا اللقاء، على مدى ثلاثة أيام، عدة قضايا تتعلق بالإعلام وحوار الحضارات، والتنمية والاستثمار في الإعلام والثقافة المعلوماتية، واتجاهات التغطية الإعلامية للثورات العربية، والإعلام والمتغيرات العربية. كما ناقش مواضيع أخرى تتعلق ب»الإعلام الرياضي.. الواقع والطموح»، و»الإعلام الغربي وتغطية الأحداث العربية»، و»ثورة الإعلام وإعلام الثورات»، بالإضافة إلى موضوعي «تحديات صناعة البرامج التلفزيونية» و»الإعلام الإلكتروني.. قوة التأثير والتغيير.