من الكتب النقدية المهمة، كتاب “تحليل الخطاب الروائي” للدكتور سعيد يقطين، وهو كتاب يبحث فيه صاحبه عن أسس الخطاب الحكائي للرواية العربية، بتطبيق عدة نظريات غربية مستقاة من مصادر ومراجع موثوقة، محللا بذلك خمس روايات عربية، أبرزها رواية “الزيني بركات” لجمال الغيطاني، وكذا رواية “عودة الطائر إلى البحر” لحليم بركات، ومستفيدا من أفكار أدباء الغرب أمثال: بنفينيست، راستيه، تودوروف. جيرارد جينيت، ليحاول حصر دراسته في تحليل خطاب الرواية العربية دون غيرها، هذا التحديد المنهجي ضروري ومهم لفصل الخطاب عن غيره، فمثلا يبحث في الطريقة التي تجعل الراوي يتعرف على الأحداث، ومثلا يبحث في تحليل الخطاب لوجوده في النص، بذلك فهو يستثني القصة بل يبحث في علاقة القصة بالخطاب من خلال ما يسميه السياق والعتبات، غير أنه تقدم كثيرا في بحثه ليحلل بنية السرد فيما يلي: الصيغة – السرد- الخطاب، ثم قصدية الراوي وقصدية القارئ، والكتاب عبارة عن مغامرة يطأ فيها أرضا لم توطأ من قبل. والملاحظ على المؤلف أنه مشروع كبير وامتداد للكتب السابقة، خصوصا كتابه: “قال الراوي”، و”القراءة والتجربة”، مشروع أسس الدكتور سعيد يقطين لبناته ليحتفظ بأفكاره، واستنتاجاته لنفسه، غير أن هذه الأفكار أصبحت مع الوقت متجاوزة، نظرا لما يحدث من تغيرات وتحولات مجتمعية وشروط تاريخية، جعلت الباحث نفسه يعترف بذلك في محاضراته عبر اليوتوب، وقد حرضته أبحاثه حول الأدب الشعبي لسنوات. وسمحت له بأن يلج عالم الرقمنة والتواصل باعتبارها رافعة للألفية الجديدة، في هذا المشروع نلمس قدرة الأفكار على التطور والتحول سريعا من قراءة الكتب والزاد المعرفي لفترة البحث عن نظرية للخطاب الروائي المعاصر إلى البحث عن كنه الإنسان المعاصر وهو يرتاد عوالم الرقمنة والاتصال السريع.