التنصيص على المساواة بين الأمازيغية والعربية دسترة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة تقريرية والتنصيص على العرف الأمازيغي التعريف بالكنفدرالية تأسست كنفدرالية الجمعيات الأمازيغية بشمال المغرب سنة 1986. تضم ما يقرب من مائة جمعية مدنية منها جمعية إلماس التي كانت من الجمعيات الستة الموقعة لميثاق أكادير بتاريخ 5 غشت 1991. ناضلت من أجل الأمازيغية لعقود من الزمن، وساهمت في الدفاع عن الجهوية الموسعة في إطار الحكم الذاتي سنة 1996 حيث قامت بمؤتمرات وطنية و دولية مبلورة عدة مواقف و وثائق تتعلق بالمسالة الأمازيغية وكذا الحكم الذاتي في منطقة الريف الكبير. -السياق العام بناء على النضالات المستميتة لجمعيات الحركة الأمازيغية التي طالبت بدسترة الأمازيغية منذ ميثاق أكدير إلى يومنا هذا، وبناء على الدينامية النضالية الجديدة التي تقودها القوات الحية في البلاد من منظمات سياسية وحركات مدنية، وفي صدارتها الحركة الشبابية ل20 فبراير والتي تجمع كلها على دسترة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية. وبناء على الخطاب الملكي بتاريخ 9 مارس، القاضي بدسترة الطابع التعددي للهوية... وفي صلبها الأمازيغية، وبدعوة كريمة من اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور لكنفدرالية الجمعيات الأمازيغية بشمال المغرب للإصغاء والتشاور، أتشرف بتقديم تصورات الكنفدرالية واقتراحاتها بشأن دسترة الأمازيغية؛ لغة وثقافة وهوية أمام اللجنة وموافاة رئيسها السيد عبد اللطيف المانوني المحترم بمذكرة مكتوبة ومسجلة سُلمت له في بداية الجلسة. -الإطار المرجعي إن دسترة الطابع التعددي للهوية المغربية... وفي صلبها الأمازيغية تعتبر قرارا حكيما واختيارا ديمقراطيا يستمد مرجعيته من الخطب الملكية السامية، وخاصة الخطاب الملكي بتاريخ 9مارس 2011 القاضي بالتعديل الدستوري الشامل وخاصة دسترة الأمازيغية في مغرب ديمقراطي متعدد، ومن قبل خطاب العرش بتاريخ 20 غشت سنة 1994 الذي يعتبر مؤسس التعدد والاختلاف، وتلاه بعد ذلك خطاب أجدير بتاريخ 17 أكتوبر 2001 الذي يعد الانطلاقة الفعلية للمبادئ والمضامين المؤطرة لإدراج اللغة الأمازيغية في التعليم والإعلام والإدارة والحياة العامة، وأخيرا الظهير المنظم والمحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والذي يعد القانون الأساس للنهوض بالأمازيغية في المغرب. -الأسباب الموجبة لدسترة الأمازيغية سياسة الميز واللامبالاة فرغم القرار الملكي الذي يعتبر الأمازيغية أساس الثقافة الوطنية ورغم اعتبار النهوض بها مسؤولية وطنية وإدراجها في منظومة التربية والتكوين يعمق الشعور بقيم المواطنة ، ويقوي الوعي بالذات المغربية، فإن سياسة الميز التي تمارس داخل دواليب الدولة تقودها لوبيات سياسية وإدارية ما زالت تحن إلى ثقافة الإقصاء التي سادت في الفترات السابقة ما زالت تمنع تسجيل الأسماء الأمازيغية في الحالة المدنية، و تمنع الحرف الأمازيغي من ولوج الفضاء العمومي، وتحرم الأمازيغ من التحدث بلغتهم في المحاكم والإدارات العمومية، وتجردهم من حقهم في استغلال أراضي الجموع والسلالات كما كان يفعل أجدادهم. -سوء تدبير ورش التعليم ولقد بلغت سياسة اللامبالاة ذروتها في التعليم الأمازيغي؛ حيث غيبت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الأمازيغية في إصلاحها الاستعجالي وجمّدت كل أشكال التنسيق والتقويم، وذلك بإيقاف أشغال اللجنة المشتركة بين الوزارة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وتقاعست في إصدار النصوص التشريعية المنظمة للتعليم الأمازيغي باستثناء بعض المذكرات الوزارية اليتيمة التي تصدر ولا تطبق، وتخلت الأكاديميات عن تطبيق المذكرات الوزارية على قلة عددها (ست مذكرات في ظرف ثمان سنوات تقريبا) حيث لا تنخرط في تنظيم الدورات التكوينية (5 أكاديميات هي التي تولت تنظيم دورات تكوينية من أصل 16 أكاديمية خلال الموسم الدراسي لسنة 2010-2009) ولا تحترم عدد الدورات المقررة (3 دورات) ولا مدة كل دورة (5أيام) وأخلّت بالتقويم الزمني الخاص بالتعميم؛ حيث إن المخطط الاستشرافي للوزارة حدد موسم تعميم الأمازيغية في كافة مستويات التعليم الابتدائي والثانوي سنة 2011-2010، علما بأن مستوى الثانوي لم يُشرع فيه بعد بقسميه الإعدادي والتأهيلي، حيث إن حصرالتعليم الأمازيغي في مستوى الابتدائي ربما لتحقيق ما كان يصبو إليه ميثاق التربية والتكوين من جعل اللغة الأمازيغية لغة استئناس لدى التلميذ في سنواته الأولى لينتقل إلى اللغة العربية والفرنسية باعتبارهما لغتي العلم والتلقين. ولم تخلق مناصب شغل لإدماج حاملي دبلوم الدراسات الجامعية العامة وحامل اللسانس في الدراسات الأمازيغية، رغم تخرج الفوج الأول لسنة 2010-2009 من الجامعة، علما بأن التعليم الأمازيغي لم يستفد إلا بمنصب مالي واحد منذ بدايته، حيث إن جميع مدرسي الأمازيغية خضعوا فقط لتكوينات سريعة ومرتجلة، ولم يستفيدوا من التكوين الجامعي الأساس. وغيرها من المشاكل كسوء توزيع الكتاب المدرسي عدم توفرالمراجع الأمازيغة في المكتبات المدرسية. (راجعوا تقارير قافلة تيفيناغ المواكبة للتعليم الأمازيغي وتقارير المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغي). -حماية المكتسبات إن النهوض بالأمازيغي، رغم كل النواقص والاختلالات التي كادت تطيح به، حقق مكتسبات تعتبر منجزات ثابتة لا يمكن التراجع عنها ولا التماطل في المضي قدما لتطويرها، منها: نمطية خط تيفيناغ الذي تم الحسم في اختياره وطنيا ودوليا باعتباره رداء تراثيا للغة الأمازيغية ونمطا ملائما لكتابتها بعد توحيده وتنميطه وكذا تقنينه بقواعد خطية وإملائية.. هو الآن بحاجة إلى تطويره تقنيا وفنيا وذلك بإعداد مشاريع عمل أخرى تتعلق بالكتابة المسترسلة (cursive) وإعداد ملمس (clavier) على الحسوب خاص به. وتجدر الإشارة إلى أن الاعتراف بالخط الأمازيغي دوليا من قبل المنظمة العالمية للمعيرة (ISO) يجعل منه خطا وظيفيا متقدما يتبوأ مكانته بين الخطوط العالمية المتطورة، وخاصة بعد أن تم الاعتراف بالمنظومة الخطية المغربية والاعتراف كذلك بالمنظومة الخطية التي تشمل كل الخصوصيات الصواتية لمنطقة الساحل والبلدان المغاربية (تشمل المنظومة الخطية المغربية 33حرفا، أما منظومة الساحل والدول المغاربية فهي تحتوي على 55 حرفا و25 موقعا جاهزا لتعديلات مستقبلية). فلا يعقل اليوم بعد التطور الحاصل لهذا الخط التراثي التشكيك فيه ولا التخلي عنه بقبول الدعايات المغرضة التي تستهدفه وخاصة بعد أن ظهرت فعاليته و جدواه ميدانيا. - معيرة اللغة باعتبارها لغة موحدة، مقننة، ولكنها منفتحة على الاستعمالات المختلفة وتراكيب الفروع المكونة لها، فهي معيارية متدرجة لا يمكن أن تكون فورية أو مصنوعة، شأنها شأن كل اللغات التراثية التي وحدت تنوعها. فتطوير هذه اللغة الموحدة في التعليم والإعلام والإبداع ومحاربة الأمية لايتناقض مع لهجاتها، التي تؤدي اليوم دورا هاما وخاصة في التداول اليومي والتواصل الإعلامي، بل يعتبر عملا استراتيجيا لبناء لغة معيارية مشتركة في الأمد المتوسط والبعيد. ومن المؤكد أن تعايش مستويين في لغة ما؛ المستوى المعياري المكتوب والمستوى اللهجي الشفهي مسألة صحية وبديهية في جميع لغات العالم بما فيها اللغات التي قطعت أشواطا معتبرة في التوحيد والمعيارية كاللغة الفرنسية والإنجليزية، حيث لا تخلو لغة مهما- تقدمت- بثنائية المستويين المذكورين. - تعميم التعليم مبدأ التعميم هم أيضا اختيار وطني حكيم باعتبار اللغة الأمازيغية «ملك لكل المغاربة بدون استثناء»، لذا فالمذكرة الوزارية رقم 108 نصت على «تعميم تدريس اللغة الأمازيغية لجميع المتمدرسين في مجموع التراب الوطني وفي مختلف الأسلاك التعليمية»، «مع «إخضاع عملية تعلم اللغة الأمازيغية لنظام التقويم المعتمد في باقي المواد». وبناء على ذلك ورد مبدأ تعميم تدريس الأمازيغية في كل المذكرات الصادرة عن الوزارة. - الزامية التعليم تستمد إلزامية تدريس الأمازيغية شرعيتها من الدستور المغربي القاضي بالحق في التعليم: (فصل 13) ومن قانون إلزامية التعليم الحامل لرقم00. 04 والصادر في 19 ماي 2000 والذي ينص على الزامية التعليم ابتداء من السنة السادسة إلى سن الخامس عشر منه. الدسترة وتخوف الحركة الأمازيغية فرغم دعوة الخطاب الملكي ل 9 مارس لدسترة الأمازيغية ورغم الأهمية التي أولاها لها، حيث جعلها في صلب التعدد الهوياتي والبوتقة التي تستوعب كل الروافد الحضارية الوافدة، فإن جمعيات الحركة الأمازيغية تتوجس خيفة من تفويت هذه الفرصة السانحة لتصالح المغرب مع ذاته وذلك بالتنصيص على اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور مما يقطع الطريق عن التأويلات الباطلة التي ترى فقط، حسب قراءتها، دسترة البعد الهوياتي فقط دون ترسيم اللغة التي هي وعاء لها. فهذا التأويل المغرض للمرتكز الأول من الخطاب الملكي لا يقبله العقل السليم، فكل القوات التقدمية، السياسية منها والمدنية عبرت بوضوح عن ترسيم اللغة الأمازيغية لتعزيز أدائها في كافة المجالات بعد أن أصبحت واقعا ملموسا منذ عقد من الزمان. فلا ديموقراطية بدون أمازيغية ولا هوية بدون لغة رسمية. -مقترحات إجرائية لدسترة الأمازيغية فتأسيسا على مفهومنا للهوية التي لا تستقيم إلا بلغة رسمية تعتبر قالبا لها فإن الكنفدرالية تقترح من الناحية الإجرائية ما يلي: دسترة الطابع التعددي للهوية وكلمة التعدد بصفة عامة مفهوم اصطلاحي. أما ما يتعلق بالواقع اللغوي، فالمغرب ثنائي اللغة؛ الأمازيغية والعربية. واللغات الأجنية لها وضع لغات الانفتاح. والتمييز بين اللغات الوطنية واللغات الأجنبية في هذا المقام له أهميته. لم يتم الإعتراف بالبعد التعددي لللغة والثقافة في المغرب إلا بعد مضي خمسة عقود على استقلال المغرب وبالضبط سنة 2001. فالتعدد في الحقيقة وسط بين طرفين متناقضين: البلقنة والأحادية؛ فالبلقنة هي سياسة استعمارية في عهد الحماية التي كانت تسعى إلى تفجير الوضع اللسني في المغرب. حيث إن الدراسات الكولونيالية في عهد الحماية وصفت اللغة الأمازيغية «بالغبار المتناثر والتي تتراوح لهيجاتها ما بين 4 و5 آلاف لهيجة La Langue Bérbère s?éparpille directement ou à peu près en une poussière des parlers, de 4 à 5 milles parlers» (A. BASSET , La langue bérbère,1952). ومن الآثار السيئة التي ورثناها عن الاستعمار أيضا، تقسيم اللغة الأمازيغية إلى ثلاث لهجات: تاريفيت وتامازيغت وتشلحيت. وحتى الإذاعة المغربية اعتمدت نفس التقسيم في نشرة اللهجات، ولم يتغير هذا التقسيم إلا في سنة 2004، حيث أصبحت حصة الأخبار يطلق عليها: نشرة الأخبار باللغة الأمازيغية invmisn n tmazivt. لذا فأي تراجع عن اللغة الأمازيغية المعيارية يعتبر تراجعا عن مكسب وطني وإذعانا للبلقنة التي نهجها الاستعمار منذ القدم. أما الأحادية فبقدر ما سعت الحماية إلى البلقنة والتشرذم اللسني والتعليمي بقدر ما ذهبت الحركة الوطنية إلى الوحدة والتوحد المبالغ فيه، حيث أقرت بتبني اللغة العربية لغة رسمية دون الأمازيغية، مستوحية المبادئ الأربعة وعلى رأسها التعريب، والسبب في ذلك هو أن الحركة الوطنية لم تنظر إلى التعدد اللغوي نظرة تكامل وغنى، بل نظرت إليها نظرة صراع وتطاحن، فاللغات في نظر علال الفاسي إما أن تكون غالبة أو مغلوبة، يقول: «إن من عادة الدول الفاتحة أن تسعى في نشر لغتها في الشعب المغلوب ومحو لغته، ولكن التاريخ يحدثنا بأن الفاتحين لا يقوون على تحقيق هذا الحلم إلا إذا استقام لهم أمران: أولا - تفوق حضارتهم على حضارة المفتوحين. ثانيا - أن تكون لغتهم ولغة المغلوبين من عائلة واحدة. فإذا لم يتم الأمران معا لم يتم محو اللغة الأصلية... (النقد الذاتي. ص 352) وتجدر الإشارة إلى أن الحسّانية لسنيا هي عامية مغربية كما هي عامية في موريطانيا. وهي جزء من التنوع اللهجي في المغرب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، ويصنفها الدارسون في إطار العربية الوسطى»mediane» أو اللغة المفهومية «conceptuelle» التي تجمع بين العامية والفصحى. ولا مانع أن يعترف بها كخصوصية للساكنة الصحراية وتطوير تراثها وآدابها، ما دام هناك لغات حديثة خرجت من شرنقتها الكلاسيكية مثل اللغة المالطية التي تدرس بها العلوم وهي دارجة تونسية تركيبا ومعجما. وكذا اللغة اليونانية الحديثة التي انسلخت عن الهيلينية لغة هوميروس القديمة، والأمثلة كثيرة. وخلاصة القول فإن البعد الأمازيغي للهوية المغربية لا بد من التنصيص عليه في تصدير الدستور المرتقب ضمن الأبعاد المغربية الأخرى. - ترسيم اللغة الأمازيغية المعيارية فالتنصيص على الأمازيغية لغة رسمية بجانب اللغة العربية ينفي عليهما الميز في الصفة (رسمية، وطنية) ويبعد التراتبية التي توحي بالدونية أو الاستعلاء بين اللغتين. وهذا هو الموقف الحكيم بالنسبة لواقع الحال في المغرب، علما بأن دساتير العالم لا تعالج تعددها بنفس الموقف، قد تشير فقط إلى اللغة الوطنية ولكن بحمولة ومضمون اللغة الرسمية، ودساتير أخرى قد تعكس وضعها اللغوي بالتأكيد على تأهيله فقط دون صفة ما تذكرلهذه اللغة أو تلك، مع إعطاء نفس فرص النماء والتطور دون السقوط في متاهات المصطلح وما تُذيّل بها اللغات من صفات ونعوت تقحمها في تراتبية غير مقبولة. فالمصطلح لا قيمة له في حد ذاته وإنما القيمة تأتي من المضمون الذي يعطى له. فالدستور المغربي ينبغي، والحالة هذه، أن يعطي نفس المصطلح لثنائية اللغة الأمازيغية والعربية. مصطلح واحد وحمولة واحدة وتكافؤ الفرص بين اللغتين أي عطاء واحد لفرص التطور والنماء. والمصطلح المناسب لدسترة اللغتين في المغرب هو أن تكونا لغتين رسميتين، وهو ما أجمع عليه كافة جمعيات الحركة الأمازيغية والحركة الشبابية ل20 فبراير وأغلب الأحزاب السياسية والقوات الديمقراطية الحية في البلاد. -ولماذا ترسيم اللغة المعيارية؟ فالمعيرة هو انتقال من مستوى التواصل الشفوي إلى مستوى الكتابة والتقعيد والتقنين والتوحيد، شريطة انفتاح ذلك المعيارعلى الاستعمالات المختلفة وتراكيب الفروع المكونة لها، شأنها شأن كل اللغات التراثية التي وحّدت تنوعها. فتطوير هذه اللغة الموحدة في التعليم والإعلام والإبداع ومحاربة الأمية لايتناقض مع واقعها اللهجي، التي يؤدي حاليا دورا هاما وخاصة في التداول اليومي والتواصل الإعلامي، بل يعتبر عملا استراتيجيا لبناء لغة معيارية مشتركة في الأمد المتوسط والبعيد. ومن المؤكد أن تعايش مستويين في لغة ما؛ المستوى المعياري المكتوب والمستوى اللهجي الشفهي مسألة صحية وبديهية في جميع لغات العالم بما فيها اللغات التي قطعت أشواطا معتبرة في التوحيد والمعيارية كاللغة الفرنسية والإنجليزية، حيث لا تخلو لغة مهما -تقدمت- بثنائية المستويين المذكورين الشفوي والمكتوب. والحديث عن المعيارية اللغوية تستتبع بالضرورة النمطية الخطية. فلا تستقيم المعيارية دون الحسم في اختيارالخط وتنميطه، وطنيا ودوليا باعتباره خطا تراثيا وتاريخيا للغة الأمازيغية ونمطا ملائما لكتابتها. وهو خط صوتي قابل للتطور تقنيا وفنيا كإعداد الملمس clavier» والكتابة المسترسلة (cursive) وليس كالخط التصويري الذي يعبر برسم عن الأشياء والأفكار (idéogramme) شأن الخط الصيني أو الخط الهيروغليفي الذي يستعمل للتزيين أكثر منه للكتابة. وهذه ميزة مهمة تحسب للخط الأمازيغي واختراعه. - دسترة الإنتماء الجغرافي ؛ المتوسطي - الإفريقي باعتبار المغرب جزء من المغرب الكبير (شمال إفريقيا) وبلدان الساحل بما فيه مصر والنيجر ومالي وبركينافاصو وجزر الكناري. وهذا الانتماء هو أقرب إلى الواقع، من حيث الرقعة الشاسعة و من حيث التعدد الذي يُختزل في بعد واحد وهو «المغرب العربي». - التنصيص على تنمية الثقافة الأمازيغية وطنيا وجهويا الجهوية كتدبير ديمقراطي واقتصادي وثقافي لا تتعارض مع قالب لغوي أمازيغي معياري موحد تتقاسمه الجهات الأخرى، وخاصة إذا كان هذا المعيار موقفا وطنيا تم تبنيه بالتدرج progression» وبمنهجية منفتحة على كل الاستعمالات وتراكيب اللهجات الأمازيغية الأخرى. ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة مع ظهور الحديث عن الجهوية الموسعة بعض الأصوات تربط الجهة بوعاء لغوي خاص بها، وتنادي بتبني اللهجة الريفية لغة للريف الكبير كما هو حال القشتالية والكاطالانية و الباسكية والأسطورية في إسبانيا. وهذه الدعوة في الحقيقة بلقنة لسنية غير معهودة لخصوصية مغربية متفردة تختلف كليا عن الوضع اللغوي في البلدان الأخرى وخاصة وضعية إسبانيا، التي لا يمكن إسقاطها على الوضعية اللسنية في المغرب لسببين: أولها أن الجهوية في إسبانيا مرتبطة باللغات القومية المتعددة والتي لا يمكن الجمع فيما بينها بمعيار لأنها لا تنتمي إلى أرومة واحدة، فاللغة القشتالية castillano» ليست باللغة الكاطالانية واللغة الكاطلانية ليست باللغة الباسكية، كما أن اللغة الباسكية ليست باللغة الأستورية المحاذية للغة البرتغالية. وهذا يختلف عن الوضع اللغوي في المغرب الذي يمكن الجمع بين اللهجات الأمازيغية في لغة واحدة لانتسابها لأرومة واحدة. وثانيها لأن اللغات القومية في إسبانيا محصورة بحدود جغرافية جهوية وليست بلغات وطنية منتشرة في كافة أرجاء الوطن كما هو حال الأمازيغية في المغرب. - دسترة الجهوية المتقدمة في إطار الحكم الذاتي وذلك من أجل بناء الدولة المغربية الفيدرالية الديمقراطية. - التنصيص على المساواة بين الأمازيغية والعربية ونقصد بالمساواة منح نفس الحظوظ ونفس فرص النماء والتطور للغتين معا. ونقصد بإعطاء فرصة التطور والنماء للأمازيغية هو « ضرورة إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي» كما يؤكد ذلك الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. - التنصيص على الحق في التعليم الأمازيغي لأن الحق في التعليم هو الذي يعطيها الإلزامية في التعليم شأن العربية (فصل 13 من الدستور الحالي) ومن قانون إلزامية التعليم العبي أيضا هو القانون الحامل لرقم00. 04 والصادر في 19 ماي 2000 والذي ينص على الزامية التعليم ابتداء من السنة السادسة إلى سن الخامس عشر منه. - دسترة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة تقريرية - التنصيص على العرف الأمازيغي باعتباره مصدرا من مصادر التشريع - دسترة حقوق الإنسان وخاصة توصيات هيأة الانصاف والمصالة والحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية خلاصة إن التوافق الضمني الذي حصل هذه المرة بين كل القوات المدنية والسياسية في البلاد على دسترة الأمازيغية؛ لغة رسمية وعاء لحضارة عريقة، وهوية محورية مستوعبة لكل الثقافات الوافدة، فرصة ثمينة للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور لتكون قوة اقتراحية هامة لحماية الأمازيغية وتحقيق طموحات الشعب في تصالحه مع ذاته. والتصالح مع الذات هو حماية أمازيغة المغرب في الدستور المقبل.