يصعب تحديد هويتهم وهم خلف الأقنعة، عيون مرهقة وآثار الأقنعة الطبية بادية على محياهم، إنهم الأطباء والممرضون المتواجدون في خطوط المواجهة الأولى مع فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد-19)، هدفهم الأسمى إنقاذ المصابين ودروعهم الواقية أقنعة وقفازات ومطهرات. ساعات عمل طويلة شبيهة ب”معركة طبية”، شاقة ومضنية، تخوضها الأطر الطبية والتمريضية بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، لعلاج المصابين بالفيروس، غير أن تحسن حالة في العناية المركزة وتماثلها للشفاء كفيل بأن يرسم السعادة على هذه الوجوه المرهقة. وتتكبد الطواقم الطبية والتمريضية بالمستشفى، خاصة بمصلحة الإنعاش، عناء المخاطرة برعاية المصابين بوباء ليس أسهل من انتقال عدواه بين البشر، إنهم الأكثر إدراكا لخطر الفيروس والأكثر تخوفا من مخالفة الإرشادات الوقائية، ولو سهوا، ومن ثم اكتساب العدوى ونقلها لأسرهم. وتعيش هاته الطواقم، على مدار أيام الأسبوع وساعات اليوم، حالة من التعبئة القصوى لاستقبال حالات الإصابة بفيروس (كوفيد-19)، وتحرص على أدق التفاصيل، لمساعدة المرضى على الشفاء وإخراجهم من حالة الألم والمعاناة، مع جاهزية دائمة للتدخل حسب تطورات الوضعية الصحية للمرضى. وتتوافد بشكل يومي، الحالات المحتملة للإصابة بفيروس “كورونا” على مستشفى الرازي التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، إذ تمت تهيئة جناح مخصص لاستقبال المصابين المحتملين، حيث يخضعون لكشف سريري ثم تؤخذ العينات وتوجه للمختبرات المختصة. وفي هذا السياق، أكد رئيس مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي محمد السادس، محمد عبد الناصر السمكاوي، أن قسم الإنعاش يتوفر على غرف تضم الأسرة اللازمة ومجهزة بجميع وسائل التنفس الاصطناعي، فضلا عن خضوعها للمراقبة المستمرة من لدن الأطقم الطبية. وأوضح الدكتور السمكاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن قسم الإنعاش يستقبل حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في وضعية متقدمة، مشيرا إلى أن المركز الاستشفائي هيأ لهذا الغرض مسلكا خاصا يمر عبره المرضى، نظرا لخطورة الوباء وسرعة انتشاره. وذكر بأن عملية استقبال هؤلاء المرضى سبقتها دورة تكوينية لفائدة الأطر الصحية حول كيفية التعامل مع مرضى الحالات الحرجة، وماهية الفيروس وطرق العدوى، وشروط العزل الصارمة والمتعلقة بارتداء ملابس معينة تحمي من الإصابة بالفيروس نتيجة التعامل المستمر مع المرضى. وإلى جانب الأطقم الطبية العاملة في قسم الإنعاش، يبرز دور الأطر التمريضية التي لا يقل دورها شأنا في هذا الميدان، خاصة في مجال التخفيف من ألم ومعاناة المرضى وتوفير سبل الراحة لهم والعناية اللازمة بهم من تغذية وتنظيف. وفي هذا الإطار، أكد الممرض الرئيس بقسم الإنعاش الطبي بمستشفى الرازي، طه بوفراقش، أن طريقة استقبال المرضى داخل وحدة الإنعاش تسبقها جهود حثيثة لأطقم طبية وتمريضية وعمال نظافة وتقنيون يسهرون على توفير الظروف الملائمة لاستقبال المرضى وضمان سلاسة العمل داخل هذه الوحدة العلاجية. وذكر بوفراقش، في تصريح مماثل، بأن مصلحة الإنعاش بالمستشفى كانت “سباقة” في استقبال أولى الحالات الحرجة التي كانت تعاني من أعراض تنفسية حادة، مشيرا إلى أن الأطقم الصحية تواجه “وباء خطيرا” كونه يتسم بسرعة الانتشار عكس أمراض أخرى. ونوه، في هذا السياق، بالمجهودات الدؤوبة التي يبذلها الطاقم الإداري والتقني للمستشفى في سبيل توفير الوسائل المادية و اللوجيستيكية اللازمة للعناية بالمرضى، داعيا المواطنين إلى المكوث في المنازل واتباع التوجيهات الصادرة عن السلطات المختصة. وبعد أن حث المواطنين على التحلي بالصبر لتجاوز هذه “السحابة العابرة”، أكد بوفراقش أن “الأطر الصحية تضحي بالغالي والنفيس للقضاء على الفيروس، تاركة وراءها أسرا وأبناء لم ترهم منذ مدة، ولا تتواصل معهم إلا عن طريق المكالمات الهاتفية سواء كانت صوتية أو مرئية”. والأكيد أن الأطر الصحية والتمريضية تخوض في زمن “كورونا” حربا ليست كالحروب، وفي معركتهم لإنقاذ المرضى يناشد الأطباء، في أكثر من مناسبة، المواطنين بالتقيد بتدابير الحجر المنزلي باعتباره السبيل الوحيد لمنع استفحال أعداد الإصابات والخروج من هذه المعركة بأقل الخسائر. عبد الحق يحيى ( وم ع)