اعتقل رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران غباغبو، أول أمس الاثنين، عقب هجوم شامل على مقر إقامته في أبيدجان شنته قوات خصمه الحسن وتارا مدعومة بالوسائل الجوية والمصفحات التابعة للقوات الفرنسية وبعثة الأممالمتحدة. وقال سفير فرنسا في ساحل العاج جان مارك سيمون إن «القوات الجمهورية في ساحل العاج (الموالية لوتارا) اعتقلت لوران غباغبو واقتادته إلى فندق غولف». واعتقل غباغبو (65 عاما) الحاكم منذ العام ألفين، برفقة زوجته سيمون التي تعتبر من «صقور» النظام ونجله ميشال المولود من زواج أول. وبث التلفزيون تي سي إي الموالي لوتارا صورا للرئيس السابق الذي تحصن في مقر إقامته خلال هجوم قوات وتارا التي دخلت إلى أبيدجان في 31 مارس الماضي، وهو بخير لكن الإعياء باد عليه. وقام طبيب بفحصه بحسب مصادر متطابقة. وتظهر هذه الصور غير المرفقة بصوت غباغبو وهو يدخل إلى غرفة ويجلس على سرير محاطا برجال عدة واقفين يتحدث معهم. وبينهم نجله ميشال ووزير داخلية وتارا حامد بكايوكو والقائد ايسياكا وتارا الملقب «واتاو» وهو من القادة العسكريين التابعين لوتارا. وتظهر صور أخرى زوجته سيمون غباغبو بمواكبة رجال لم تحدد هويتهم. وأعلنت الأممالمتحدة، بعد ذلك، أن شرطة بعثة الأممالمتحدة تضمن أمنهما. وقال غيوم سورو رئيس وزراء الحسن وتارا عبر التلفزيون تي سي إي «إن الكابوس قد انتهى» بالنسبة للعاجيين. وتابع «بعد معارك شرسة وبعد تطويقهما وهزمهما استسلم غباغبو وزوجته وهما الآن قيد التوقيف». ودعا إلى «انضمام» القوات التي ما زالت موالية للرئيس السابق واعدا بأنه لن تتم مطاردة عناصرها. وفي نيويورك قال سفير ساحل العاج لدى الأممالمتحدة يوسفو بامبا الموالي لوتارا إن «غباغبو سيمثل أمام القضاء للجرائم التي ارتكبها». وهذا التوقيف الذي جاء في اليوم الثاني عشر لمعركة أبيدجان، أتى بعد ضربات شنتها مروحيات بعثة الأممالمتحدة والقوة الفرنسية ليكورن مساء الأحد الماضي ونهار أول أمس الاثنين على مقر الإقامة الرئاسي الواقع في حي كوكودي (شمال) والرئاسة في حي بلاتو الاداري (وسط). واستهدفت الغارات كما أعلن رسميا الأسلحة الثقيلة التابعة لقوات غباغبو التي تهدد المدنيين، وذلك بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1975. واندلعت المعارك في حي كوكودي الرئاسي حيث يوجد المقر الرئاسي المجاور لمقر سفير فرنسا، والذي دمر جزئيا بحسب احد المقربين من غباغبو. وبعد الظهر دخلت مدرعات ليكورن وبعثة الأممالمتحدة إلى القطاع. وعلى الأرض انطلقت قوات وتارا في الهجوم بعد أن فشلت مرات عدة منذ دخولها إلى أبيدجان في 31 مارس الماضي، في كسر صمود خصومها. ولطالما أكدت باريس والأممالمتحدة أنهما لا تبغيان الإطاحة بلوران غباغبو الذي يتهمهما فريقه بالسعي إلى «اغتيال» الرئيس المنتهية ولايته الذي لم يعترف مطلقا بهزيمته في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر أمام خصمه وتارا بالرغم من تأكيدها من الأممالمتحدة. وشدد مصدر دبلوماسي فرنسي على أن لوران غباغبو «لم يعتقل من قبل القوات الفرنسية التي لم تدخل إلى حرم مقر إقامته». وأكدت مصادر مقربة من الملف في باريس أن الجنود الفرنسيين لم يشاركوا مباشرة في عملية اعتقال الرئيس غباغبو لكن بعثة الأممالمتحدة في ساحل العاج تحركت «دعما للعملية». وأكدت هيئة أركان الجيش الفرنسي «أن القوات الفرنسية لم تدخل في أي لحظة الحدائق أو مقر الإقامة الرئاسي» حيث لجأ لوران غباغبو. وبعد هذه العملية تحادث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عبر الهاتف «مطولا» مع وتارا (69 عاما) الذي اعترف المجتمع الدولي بانتخابه رئيسا. وصباح يوم الاثنين بررت باريس عمليات القصف بقولها أنها تدخلت بناء على إلحاح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي أمر مساء الأحد الماضي بعمليات لتعطيل الأسلحة الثقيلة لفريق غباغبو. ودفعت المعارك أبيدجان العاصمة الاقتصادية التي يقدر عدد سكانها بأربعة ملايين نسمة، إلى شفير كارثة إنسانية. وقال منسق العمليات الإنسانية بين وكالات الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية ندولامب نغوكيوي في اتصال هاتفي اجري معه من باريس «لدينا تحركات واسعة جدا للسكان من حي إلى آخر لان ما من حي آمن فعلا». وأضاف «روى كثيرون لنا أن هناك الكثير من الجثث ممددة في الشوارع، وليس في حي السفارات فقط». والوضع في غاية الصعوبة أيضا داخل البلاد خصوصا في الغرب حيث اتهمت الأممالمتحدة ومنظمات غير حكومية مقاتلي الفريقين بارتكاب مجازر وإعدامات فورية وعمليات اغتصاب.