واصلت أسعار النفط الخام ارتفاعها في الأسواق العالمية لتتجاوز الأسبوع الماضي 106 دولارات، متأثرة بسلسلة من «التقلبات» العالمية، لعل أبرزها الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط، والمخاوف من «كارثة نووية» بعد الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان قبل أسبوعين. وارتفعت أسعار النفط الأمريكي بأكثر من 20 في المائة، منذ منتصف فبراير الماضي، بعدما انتقلت الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية إلى ليبيا، ثالث أكبر دولة أفريقية منتجة للنفط. وإلى جانب أحداث ليبيا، فإن هناك عوامل أخرى قادت إلى ارتفاع أسعار النفط، منها الانفجار الذي استهدف محطة للحافلات في القدس الأربعاء، والمواجهات بين قوات الأمن والمحتجين في سوريا، إضافة إلى التوترات المستمرة في كل من البحرين، وتونس، واليمن، ومصر، فضلاً عن مشكلة الديون التي تعصف بالبرتغال. يُشار إلى أن ليبيا تنتج ما يقرب من 1.6 مليون برميل يومياً، في حين أن الاحتياجات العالمية اليومية من المادة الخام تصل إلى 87.5 مليون برميل، ما يعني أن حصة ليبيا مهمة لسوق الطاقة العالمي. وتسود حالة من القلق أسواق النفط الدولية منذ الأسابيع الماضية، جراء مخاوف من إرباك متوقع للإمدادات النفطية حال اجتياح العنف لدول أخرى منتجة للنفط في شمال أفريقا والشرق الأوسط. المحلل النفطي لدى شركة «كاميرون هانوفر» لإدارة مخاطر الطاقة، بيتر بيوتل، قال إن «الوضع الحالي أصبح ينذر بأن المنطقة بأكملها قد اشتعلت فيها الاضطرابات، ومن المحتمل بشكل كبير أن تمتد إلى مناطق أخرى في المنطقة.» وتابع المحلل النفطي قائلاً لCNN، في وقت سابق: «الأمور تزداد سوءاً أكثر وأكثر وأكثر، ومن المحتمل أن تمتد (الاضطرابات) إلى المملكة العربية السعودية، وهنا تكمن أكبر المخاوف الحقيقية.» من جهة أخرى أظهر مسح أن أوبك ستمتلك ما يكفي من الطاقة الإنتاجية الفائضة لتهدئة أسواق النفط المتقلبة فيما بقي من العام الحالي إذا لم تتصاعد الاضطرابات في العام العربي. وأوضح المسح الذي أجرته رويترز وشمل 11 بنكا وشركة استشارية ومدير صندوق أن الدول الخليجية في أوبك تمتلك نحو 3.2 ملايين برميل يوميا من الطاقة الفائضة. يشار إلى أن مستوى مليوني برميل يوميا أو نحو 5% من الطلب العالمي يمثل الحد الأدنى للهامش المريح. وستزيد الطاقة الإنتاجية الفائضة إذا استؤنفت الإمدادات الليبية التي تتجاوز مليون برميل يوميا إلى أسواق النفط العالمية. وقد ساهمت الشكوك في قدرة السعودية على استخدام طاقتها الإنتاجية الفائضة في رفع أسعار النفط في الشهر الماضي لتصل إلى 120 دولارا للبرميل. ويقول محللون إن الأسعار لا تزال تتضمن علاوة إضافية للمخاطر بسبب الوضع القائم في منطقة الشرق الأوسط قدرها عشرة دولارات على الأقل. وتراجعت أسعار النفط إلى نحو 115 دولارا للبرميل منذ أن زادت السعودية إنتاجها إلى نحو 9 ملايين برميل يوميا أي أكثر من مستواها المتفق عليه في أوبك بنحو مليون برميل يوميا. وطبقا لمصادر سعودية فإن المملكة لا تزال تمتلك نحو 3.5 ملايين برميل من الطاقة الفائضة. لكن بعض البنوك ومديري الصناديق يشككون في ذلك ويقولون إن الإنتاج الإضافي من السعودية التهم معظم الطاقة الإنتاجية الفائضة.