حذر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أن بقاء أسعار النفط مدة طويلة عند مستويات مرتفعة سيضر بالنمو العالمي، خاصة في الدول الأقل نموا. وقال المدير العام لصندوق النقد دومينيك ستروس كان إن النمو العالمي سيتضرر إذا استمرت أسعار النفط لمدة طويلة في نطاق يتراوح بين 110 و120 دولارا للبرميل. وأضاف -في تصريحات له في بنما- أنه يعتقد أن الأسعار التي ارتفعت قبل أيام إلى 120 دولارا للبرميل لم تلحق بعد ضررا بالنمو. ومن جهته حذر مدير إدارة الاقتصاد الكلي العالمي في البنك الدولي أندرو بيرنز من أن بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة لمدة طويلة قد يحد من معدل النمو الاقتصادي في الدول النامية بما يتراوح بين 0.2% و0.4%. بيد أن بيرنز قال إن ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة بما بين 15 و20 دولارا ليس حدثا كارثيا للدول النامية التي تنمو اقتصاداتها بنحو 6%، مع أن ذلك الارتفاع يبعث على القلق. وقد سجلت أسعار النفط بعض التراجع في الأيام القليلة الماضية بعدما قفز سعر برميل برنت الأوروبي إلى 120 دولارا جراء تقلص الإمدادات من ليبيا. ذكرت الوكالات أن أسعار النفط ، وبعد ان سجلت استقرارا عند نهاية الأسبوع الماضي بفعل رفع العربية السعودية لإنتاجها لتعويض النفط الليبي، سرعان ما عادت للأرتفاع بداية الأسبوع الجاري بنسبة 2% على خلفية مخاوف من انتشار الاضطرابات في عديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الى دول أخرى في المنطقة، خصوصا المملكة العربية السعودية التي تحتل المركز الأول في انتاج النفط الخام وتصديره. فقد ارتفع سعر نفط برنت الى 114.50 دولارا للبرميل قبل أن يستقر السعر، في حين بلغ سعر النفط الخام الخفيف الأميركي 99.50 دوارا للبرميل. وانخفض انتاج النفط الخام الليبي بنسبة تقدر ب 75% منذ اندلاع الأحداث في البلاد. وكانت السعودية أعلنت أنها ستعوض النقص الحاصل نتيجة الاضطرابات هناك. وعلى الصعيد ذاته، أفاد البنك الأميركي ميريل لينتش أن الاضطرابات في ليبيا قد توقف انتاج النفط في البلاد لأشهر عدة مقبلة. ويضيف تقرير البنك أن تقارير أولية أفادت بأن أنتاج النفط من بعض الحقول الليبية على اليابسة، أو مايقدر بطاقة انتاجية بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، قد أوقف. وأفادت الوكالات ان سوق الأسهم انخفضت في السعودية نفسها بنسبة 5% بعد توجيه 120 شخصية سعودية، من مختلف التوجهات والميادين، خطابا للملك طالبوا فيه بإجراء إصلاحات شاملة، خصوصا اعتماد نظام الملكية الدستورية. يذكر أن مؤشر «التداول» لأسعار الأسهم قد انخفض بمعدل 10% في الاسبوعين الماضيين، وهو أدنى معدل له في الأشهر الستة الأخيرة، ما دعا بعض المستثمرين السعوديين الى حض الحكومة على التدخل لاستقرار السوق، أو حتى إغلاقها. وكانت اسعار النفط قد عرفت تراجعا لدى اغلاق تعاملات نهاية الاسبوع بعدما ارتفعت الى مستوى 120 دولارا لبرميل خام برنت. واستقرت اسواق الطاقة بعد انباء زيادة السعودية انتاجها باكثر من نصف مليون برميل يوميا لتعويض نقص الانتاج من ليبيا التي تشهد اضطرابات واسعة. وسارعت الولاياتالمتحدة والسعودية الى طمأنة الاسواق العالمية بشأن امدادات النفط بعدما تراجع الانتاج الليبي نتيجة الاحتجاجات ضد نظام القذافي. وكان القلق الرئيسي في اوروبا التي تستورد القدر الاكبر من الصادرات الليبية، لذا سارعت السعودية بزيادة انتاجها الى اكثر من تسعة ملايين برميل يوميا بزيادة 700 الف برميل يوميا عن معدل انتاجها العادي. ولا يزيد انتاج ليبيا عن مليون و700 الف برميل يوميا، تصدر منها مليونا و300 الف برميل يوميا، لا تشكل الا قدرا ضئيلا من استهلاك العالم اليومي من النفط المقدر بنحو 90 مليون برميل. لكن سوق العقود الاجلة للنفط شديدة الحساسية لاي اضطرابات في الانتاج والامدادات، ومع ان العرض يزيد عن الطلب في السوق الا ان فقدان السوق لنحو نصف مليون برميل من الامدادات كفيل بزيادة المضاربة ودفع الاسعار لاعلى. وما اثار مخاوف السوق اساسا ليس نقص العرض مقابل الطلب، ولكن فقدان قدر من الاحتياطي المتوفر اضافة الى القلق من احتمال انتقال الاحتجاجات الى دول منتجة اخرى في المنطقة. كما ان تهديدات القذافي باندلاع الحرب الاهلية واحتمال تعرض منشات النفط الليبية لاضرار اثار مخاوف كبيرة بشأن طول مدة توقف صادرات ليبيا النفطية. وكانت تلك فرصة للسعودية، اكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك)، لاختبار اهمية طاقة الانتاج الاضافية لديها والتي تتراوح ما بين مليونين واربعة ملايين برميل يوميا. ورغم بعض التعليقات المتشائمة، قال خبراء ان مستوى اسعار النفط حتى الان لا يشكل خطرا حقيقيا على التعافي الاقتصادي العالمي على الاقل ليس بدرجة اكبر من عوامل اخرى تبقي على التعافي هشا. فاسعار النفط حتى في اعلى مستوياتها الاسبوع المنصرم تظل اقل بكثير عن اعلى مستوى وصلت اليه في صيف 2008 عندما اقترب سعر البرميل من 150 دولارا.