كشف إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن المحاكم المالية أصدرت خلال سنة 2018 ما مجموعه 2144 قرارا وحكما في ميدان البت في الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين العموميين، و68 قرارا وحكما في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. وعلاوة على ذلك تابعت النيابة العامة على مستوى المجلس 114 شخصا في ميدان التأديب وأحالت على رئاسة النيابة العامة 8 قضايا تتعلق بأفعال تستوجب عقوبات جنائية. وأفاد إدريس جطو أول أمس الثلاثاء، في عرض له أمام البرلمان حول أعمال المحاكم المالية، أن برمجة أشغال المحاكم المالية خلال سنة 2018، تميزت بالرفع من عدد المهمات الرقابية المنجزة، التي وصلت إلى 274 مهمة رقابية، حيث أنجز المجلس الأعلى للحسابات 50 مهمة رقابية في ميادين تسيير الأجهزة والبرامج العمومية، في الوقت الذي تولت فيه المجالس الجهوية للحسابات تنفيذ 224 مهمة رقابية على مستوى بعض الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المحلية، وكذا بعض شركات التدبير المفوض. وبخصوص التصريحات الإجبارية بالممتلكات، أوضح جطو في كلمته التي اطلعت عليها بيان اليوم، أن المحاكم المالية تلقت خلال سنة 2018 ما مجموعه 9.387 تصريحا، وبذلك يصل العدد الإجمالي للتصريحات التي تلقتها المحاكم المالية منذ سنة 2010، ما مجموعه 232 ألف و339 تصريحا. وفي هذا الصدد، أشار رئيس المجلس الأعلى للحسابات إلى أن المجالس الجوية للحسابات وجهت إلى رئيس الحكومة قوائم بأسماء الملزمين بالتصريح الإجباري بالممتلكات من فئة المنتخبين الذين لم يسووا وضعيتهم على الرغم من توصلهم بالإنذارات الموجهة إليهم في هذا الشأن. دين وفوارق وأوضح المتحدث ذاته، أن المجلس لاحظ على مستوى “المهمة الرقابية حول النتائج الإجمالية لتنفيذ ميزانية سنة 2018″، تزايد النفقات العادية للدولة، والتي بلغت 213 مليار درهم، حيث سجل حجمها الإجمالي بالمقارنة مع سنة 2017 ارتفاعا بما يناهز 6.9 مليار درهم نتيجة زيادة نفقات المعدات والخدمات ب 3.2 مليار درهم وتكاليف المقاصة بما يناهز 2.8 مليار درهم. وسجل المصدر عينه، أن نفقات الاستثمار المنجزة من طرف الدولة بلغت 65.5 مليار درهما، فيما ارتفع حجم الاستثمار العمومي إلى 195 مليار درهم مقابل 190 مليار درهم سنة 2017 وهو ما يمثل 17.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وفي هذا الصدد، لاحظ المجلس أنه على الرغم من المجهودات التي بذلت في مجال الاستثمارات العمومية، فإنها لم تمكن مع ذلك من الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية، وكذا تحسين مؤشرات التنمية البشرية حيث أوصى المجلس بوضع تصور جديد للاستثمار العمومي يساهم في تنمية متوازنة ومنصفة، توفر فرص الشغل وتنمي الدخل مع اعتماد معايير النجاعة والمردودية والحكامة الجيدة. وبخصوص معالجة إشكالية متأخرات الدولة، ذكر إدريس جطو، أنه تم أداء ما مجموعه 35.3 مليار درهما إلى حدود أواخر شهر ماي 2019، في حين لا تزال بعض المؤسسات العمومية الكبرى دائنة للدولة بمبالغ مهمة كشركة الطرق السيارة للمغرب والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للمطارات حيث يتوقع إدراج هذه الديون وتصفيتها ضمن عقود – برامج يجري الإعداد لها مع المؤسسات المعنية. عجز مستمر ووقف المجلس، وفق جطو، على مستوى عجز الخزينة، التي تفاقمت لتصل إلى 41.35 مليار درهم سنة 2018 أي ما يعادل 3.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بعد أن كان في مستوى 3.5 في المائة سنة 2017. كما أن الرصيد العادي للميزانية كأحد مكونات هذا العجز انخفض بدوره، حيث لم يساهم في تغطية نفقات الاستثمار إلا بنسبة 31.5 في المائة خلال سنة 2018 عوض حصة فاقت 36 في المائة برسم السنة التي سبقتها. ويأتي هذا التراجع، على حد قوله، بعد عدة سنوات من التحسن التدريجي لعجز الخزينة خلال الفترة من 2012 إلى 2017 متأثرا بانخفاض المداخيل الاستثنائية المتأتية من معونات دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بالرغم من استمرار التحسن الملحوظ للمداخيل الجبائية خلال السنوات الخمس الأخيرة. ونتيجة هذه الأرقام، تزايد حجم دين الخزينة بأكثر من الضعف منذ 2009 حيث انتقل من 345.20 مليار درهم ليبلغ مستوى 750.12 مليار درهم مع نهاية 2019 بما يمثل 65.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام وبزيادة تناهز 27.4 مليار درهم مقارنة مع سنة 2018. وتدل هذه المعطيات على أن الهدف المتوخى لبلوغ مستوى من الدين يناهز 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2021 أصبح أمرا صعب المنال. وأردف رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أن جاري الدين العمومي الكلي، أي دين الخزينة بالإضافة إلى ديون المؤسسات والمقاولات العمومية المضمونة من طرف الدولة، دون احتساب ديون الجماعات الترابية والديون غير المضمونة، فقد بلغ ما قدره 901.1 مليار رهم أي ما يمثل 81.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام. والعجز ذاته، يشهده الميزان التجاري الذي يعرف تفاقما متزايدا نتيجة ارتفاع الواردات خاصة تزايد الفاتورة الطاقية والمشتريات من سلع التجهيز، حيث تفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات، لينتقل من 3.4 في المائة إلى 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ويعتبر المجلس أن ضمان توازن واستدامة الحسابات الخارجية للمغرب تستلزم المزيد من الجهود لضبط تزايد وتيرة النفقات العمومية ذات التأثير المباشر وغير المباشر على عجز الحسابات الخارجية. تقاعد المغاربة وبشأن المخاطر المرتبطة بإشكالية ديمومة أنظمة التقاعد التي لا تزال مطروحة، قال إدريس جطو، إن العجز التقني للنظام المدني لمعاشات الصندوق المغربي للتقاعد بلغ ما مجموعه 5.24 مليار درهما مع متم سنة 2019، بعدما سجل 6 ملايير درهما سنة 2018، و5.6 ملايير درهم برسم سنة 2017، كما تراجعت احتياطاته إلى 75.9 مليار درهم. إلى جانب ذلك، يعرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدوره نفس الوضعية ولو بحدة أقل في حين يسجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فائضا تقنيا ضئيلا لا يتجاوز 1 مليون درهما إثر ارتفاع موارده ارتباطا بتزايد أعداد المنخرطين. وبالتالي فإن توازنات الصناديق الثلاثة لتقاعد المغاربة قد تواجه مخاطر متزايدة. وللإشارة فإن المجلس الأعلى للحسابات أحدث خلال سنة 2018 غرفا متخصصة مع إحداث غرفتين جديدتين، في إطار هيكلة داخلية ترتكز على توزيع مجالات المراقبة. وأشار إدريس جطو أنه بالنظر للأهمية التي يحظى بها مجال التربية والتكوين لدى السلطات العمومية وقصد مواكبة تنزيل مضامين القانون الإطار حول التربية والتكوين أحدثت غرفة تم تكليفها بمراقبة مختلف الأجهزة ذات الصلة بهذا المجال في قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والتكوين المهني والشبيبة والرياضة. كما أحدثت غرفة أخرى تعنى بمراقبة الهيئات العمومية العاملة في قطاع الصحة وتنكب، إضافة إلى ذلك، على إنجاز تقارير سنوية حول وضعية صناديق التغطية الصحية ومواكبة المؤسسات التي تقوم بتدبيرها، ويتعلق الأمر بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتأمين الصحي الذي حل محل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)، بالإضافة إلى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي.