المغرب التطواني ينتصر على الوداد الرياضي برسم ثمن نهائي كأس العرش    إصابة أربعة أشخاص في حادث اصطدام سيارة بنخلة بكورنيش طنجة (صور)    الاتحاد الإسلامي الوجدي يقصي الرجاء    منتدى يدعو إلى إقرار نموذج رياضي مستدام لتكريس الريادة المغربية    اعتصام ليلي بطنجة يطالب بوقف الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    اعتداء جسدي بليغ على عميد شرطة والرصاص يقوم بالواجب    مأساة بحي بنكيران.. وفاة فتاة يُرجح أنها أنهت حياتها شنقاً    يوم غضب أمريكي تحت شعار "ارفعوا أيديكم".. آلاف الأميركيين يتظاهرون ضد ترامب في أنحاء الولايات المتحدة    بلاغ جديد للمنظمة الديمقراطية للصحة – المكتب المحلي للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا – الرباط    في مباراة مثيرة.. الاتحاد الوجدي يُقصي الرجاء ويتأهل لربع نهائي كأس العرش    "لن أذهب إلى كانوسا" .. بنطلحة يفضح تناقضات الخطاب الرسمي الجزائري    توقيف أربعيني بطنجة روج بمواقع التواصل لعمليات وهمية لاختطاف فتيات    أمن طنجة يفند أخبار اختطاف فتيات    منظمات حقوقية تدين تهميش المهاجرين المغاربة في مليلية المحتلة    حركة حماس تشيد بموقف المهندسة المغربية ابتهال أبو سعد واصفة إياه ب"الشجاع والبطولي"    باريس سان جرمان يحرز بطولة فرنسا    طنجة تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية.. وهذه توقعات الأحد    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    برشلونة يسقط في فخ التعادل أمام ريال بيتيس    هذا ما يتوقعه المغاربة من المعطي منجب؟    المغرب يرسخ مكانته كحليف تاريخي و إستراتيجي في مواجهة سياسة ترامب التجارية    فرنسا: خسائر ب15 مليار دولار بسبب التعريفات الجمركية الأمريكية    الدار البيضاء تستحضر ذكرى 7 أبريل 1947.. محطة مشرقة في مسار الكفاح الوطني والمقاومة    تحالف استراتيجي بين الموريتانية للطيران والخطوط الملكية المغربية يعزز الربط الجوي ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإفريقي    جهة الداخلة وادي الذهب تستعرض تجربتها التنموية في المنتدى العالمي السادس للتنمية الاقتصادية المحلية    العودة إلى الساعة الإضافية وسط رفض واستياء واسع بين المغاربة    الفكر والعقل… حين يغيب السؤال عن العقل المغربي في الغربة قراءة فلسفية في واقع الجالية المغربية بإسبانيا    الأسرة الكروية المغربية تودّع محسن بوهلال بكثير من الحزن والأسى    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    أداء أسبوعي خاسر ببورصة البيضاء    رحلة ترفيهية في القطب الجنوبي تقيل نائب الرئيس الإيراني    فيديو يوثق استهداف إسرائيل لمسعفين    انطلاق الدورة الربيعية لموسم أصيلة الثقافي الدولي بمشاركة فنانين من سبع دول    الفئران قادرة على استخدام مبادئ الإسعافات الأولية للإنعاش    دعوات للمشاركة المكثفة في مسيرة "الرباط الوطنية" للتنديد بالمحرقة المرتكبة في غزة    سفير جمهورية السلفادور: المملكة المغربية تعد "أفضل" بوابة للولوج إلى إفريقيا    عرض مناخ الأعمال وفرص الاستثمار في المغرب خلال ملتقى بباريس    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع انتشار الوسطاء والشناقة داخل الأسواق    حصيلة الزلزال في بورما تتجاوز 3300 قتيل    وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: النظام التجاري العالمي يدخل مرحلة حرجة مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة    'مجموعة أكديطال': أداء قوي خلال سنة 2024 وآفاق طموحة    ماذا بعد استقبال مجلس الشيوخ الفرنسي لحكومة جمهورية القبائل؟    الركاني: من يدعم فلسطين توجه له تهم جاهزة وعواقب وخيمة ستلاحق كل من تواطئ لجعل غزة مسرحا للجريمة    في قلب باريس.. ساحة سان ميشيل الشهيرة تعيش على إيقاع فعاليات "الأيام الثقافية المغربية"    "نفس الله" عمل روائي لعبد السلام بوطيب، رحلة عميقة في متاهات الذاكرة والنسيان    شركة "رايان إير" تُسلّط الضوء على جوهرة الصحراء المغربية: الداخلة تتألق في خريطة السياحة العالمية    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    الوزيرة السغروشني تسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز مكانة إفريقيا في العالم الرقمي (صور)    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    تكريم المغرب في المؤتمر الأوروبي لطب الأشعة.. فخر لأفريقيا والعالم العربي    دراسة: الفن الجماعي يعالج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحولات الأخيرة
نشر في بيان اليوم يوم 21 - 01 - 2020

يمكن للمرء، وبغير افتئات على حماس، أن يرى في تحولاتها الأخيرة ما يناقض بعضه بعضا. فخطوة إعادة الزَخم لعلاقتها مع طهران بتلك الحرارة التي انعكست في رثائها لقاسم سليماني؛ تنمُّ عن حسابات مرتجلة، ولا نقول ذلك من منطق إنكار حقها في المواساة، على الأقل لأن الرجل الذي قاد خطط إيران العسكرية في المشرق العربي؛ قد شمل حماس برعاية تسليحية ومعنوية. لكن حقّ حماس على نفسها أيضا أن تستذكر الدور الذي لعبه سليماني، كقائد ميداني ينفذ إستراتيجية إيرانية، قوامها السيطرة على بلدان في قلب هذا المشرق، على النحو الذي لا يلائم تمنيات الإخوان إن لم يكن يمثل لهم كابوسا.
ربما يكون قادة حماس قد جلسوا وفكروا، قبل أن يتخذوا خطوتهم، لكن المنطق يقول، إن محددات هذا التفكير لم تكن صائبة، بحكم معطيات كثيرة في محيطهم الأقرب.
فقد كان يتعين عليهم أن يعلموا بأن الصراع اليوم، على بلداننا وفيها، يدور بين قوة أعظم قررت إعادة إيران إلى حدودها، وقوة إيرانية أضعف تريد تثبيت وجودها المتخطي الحدود، من خلال ميليشيات هادرة، ربما في غمرة حماستها، لا تستطيع قراءة السياق الإستراتيجي للسياسات الإقليمية والدولية. وإن ظللنا في نطاق الحديث عن حماس تحديدا، بمقدورنا أن نتبين الفجوة بين خطوتها الإيرانية الجديدة، وتحولاتها الجديدة داخل منطقة سلطتها في غزة.
ففي الوقت الذي يحافظ فيه حلفاء إيران الصغار، على خطابهم المُرعد عبر الأثير، فإن إيران نفسها تتوخى تسوية مع الأميركيين، وهي تعرف أن الغرب بات موحّدا على هدف تحجيم نفوذها في المشرق العربي، كما تعرف أن ما تملكه من القوة العسكرية، ينحصر في الصواريخ الباليستية، وأن القواعد الأميركية تحيط بها من الشرق والغرب، وأن أي حرب يمكن أن تندلع ستكون محفوفة بالمخاطر. فسلاحها الجوي شديد التواضع، وتقنيات التحكم في النيران لن تضاهي التقنيات الأميركية، والمجتمع المدني الإيراني يتحين الفرصة للانفجار، وبالتالي فإن أي حرب، من شأنها تضييع النظام، ولن يجدي قبلئذ، كل طنين الخطاب الجامح، عند الوطيس. فما الرشقات الصاروخية التي أُطلقت على قاعدتين أميركيتين في العراق بالكيفية التي أطلقت بها؛ إلا محاولة مدروسة ومبلّغ عنها مسبقا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تأثير خطاب الطنين. بل إن الإشارات الإيرانية الكثيرة، التي أرسلتها طهران وقالت أو ألمحت فيها إلى أن الثأر البليغ، سيكون بأيدي "محور الممانعة" ليست إلا نوعا من الممارسة التعبوية. فتعبير "محور الممانعة" يُرادُ منه الإشارة إلى الميليشيات قبل الإشارة إلى الدول. لذلك رأت "زينب" ابنة قاسم سليماني وجاهة في إعطاء التكليف الشخصي من أسرتها ل"حزب الله" بالثأر لوالدها.
اليوم، يواجه حزب الله مأزقا داخليا في لبنان وفي إستراتيجيته الإقليمية. والوضع لم يعد كما كان في عهد باراك أوباما، عندما تركت الولايات المتحدة الميليشيات الإيرانية ترتع، دون أن تلحق بها صفة من الصفات التي استحقها تنظيم داعش. فهذا تمييز لم يعد قائما. ودوائر اتخاذ القرار في إيران تعرف أن زمن الهجوم بالوكالة قد ولّى. فهذا الأخير، بات يؤخذ باعتباره هجوما بالأصالة، تتحمل مسؤوليته مرجعيات المهاجمين. وهذه عقيدة حربية اخترعها الإسرائيليون. كذلك فإن زمن اقتصار الحديث عن إرهاب وإرهابيين، على الطائفة السُنية والإرهابيين الذين خرجوا منها، قد ولى أيضا إلى غير رجعة. ففي الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بلغة متعالية في القاهرة (10 ديسمبر 2019) تحدث عن أيديولوجية جهادية خرجت من الطائفتين السنية والشيعية، وقال ما معناه، إن من ينددون بإرهاب داعش لديهم إرهابهم، وتحدث صراحة عن أذرع إرهابية إيرانية، أطلقتها طهران على الشعب السوري، وأردف قائلا "سنعمل مع شركائنا لإخراج آخر جندي إيراني من سوريا" وكان يقصد الميليشيات. فإن كان هذا القول، لا يزال في حيز التمنيات، إلا أن المضمر لدى الإدارة الأميركية، جاء في عبارة قالها بومبيو "لقد انتهى عصر الخزي الأميركي الذاتي!".
في هذا الخضم خطت حماس خطوتها، وكان ذلك ارتجالا غير محسوب. فمن باب أول، لم تعد هي نفسها، تتبنى مشروعا عسكريا، وسط صراع الفيلة ومع بؤس المجتمع في غزة. ومن باب ثان، ليس لدى إيران ما تفعله لها سوى بيانات امتداح المقاومة حتى وإن لم يدُر رحاها. فقد دُكت غزة بكل وحشية عديد المرات، ولم تُطلق من جهة إيران وميليشياتها صفارة إنذار. ومن باب ثالث، لم يلقَ قرار استعادة الزخم للعلاقة مع إيران، ولا حرارة الرثاء لسليماني واعتباره شهيد القدس، حماسة لدى منتسبي حماس. فقد عاش هؤلاء سنوات، في حال التأسي على الشعب السوري والتعاطف مع المعارضة المسلحة عدوة سليماني. ثم إن منحى التفاهمات على التهدئة مع إسرائيل، وهذه شقيقة الاتفاقات، لا تلائمها حرارة الرثاء لسليماني. ربما تلائمها تعزية عُمان في رحيل سلطانها. فكيف قرأ قادة حماس المشهد؟ وبأي منظار؟ وماذا يريدون؟
اضطرابات المنطقة تبعث رسائلها. والسياستان الإيرانية والتركية تواجهان انسدادا، والأمن القومي العربي يشهد فراغا أغوى طهران وأنقرة، وليس للفلسطينيين من نصير حقيقي، لا في التسوية ولا في المقاومة. لذا فإن الأجدر بجماعة التسوية الفاشلة والمقاومة المجهدة، أن يلتقيا على هدف جمع عناصر العافية للمجتمع الفلسطيني وتطبيب جراحه وتنمية قدراته وإطلاق حرياته واستعادة مؤسساته، لكي تستعيد القضية الفلسطينية زخمها بدل الضياع بين المحاور!
عدلي صادق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.