المسألة الدستورية من أولويات أي إصلاح عقد حزب التقدم والاشتراكية في شخص كل من أنس الدكالي وغزلان معموري، عضوي الديوان السياسي لقاء تواصليا مع منخرطي الحزب وشباب مدينة الجديدة، وذلك زوال يوم السبت 26 مارس الجاري. ويأتي هذا اللقاء في إطار البرنامج الوطني للحزب والذي يهدف من خلاله إلى التعبئة وفتح المجال لأكبر عدد من الشباب لإبداء آرائهم ومقترحاتهم حول الحراك الذي تعرفه الساحة السياسية بالبلاد والتعديلات التي سيعرفها الدستور المغربي، وذلك باعتبار أن مستقبل المغرب وتنميته وتقدمه رهين بالنخب السياسية والفكرية والثقافية والجمعوية، خاصة في ظل الحركية التي يشهدها المغرب في الظرفية الحالية من أجل تحقيق جملة من الإصلاحات، وعلى رأسها إصلاح الدستور، كتتويج لمسار من النضالات التي راكمتها كل القوى الحية ببلادنا. وفي هذا السياق، أكد أنس الدكالي على أهمية الإصلاحات الدستورية التي سيعرفها المغرب والتي كان حزب التقدم والاشتراكية من السباقين إلى طرحها في عدد من المحافل آخرها المؤتمر الوطني الثامن، مؤكدا أن هذه الإصلاحات تعد إلزامية لإعادة الثقة للمواطنين وعلى رأسهم الشباب، على أساس أن تواكبها إصلاحات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وغيرها، معتبرا أن هذا الدستور يجب أن يتم بناؤه بمساهمة الجميع. والخطوة الأولى التي تبناها حزب التقدم والاشتراكية من خلال لقاءاته هذه تعد بادرة تتيح لأكبر عدد من شرائح المجتمع إبداء آرائها واقتراحاتها لبلورتها على أرض الواقع في نوع من الحوار البناء والهادف. وهكذا وبعد تقديم أرضية لمشروع الإصلاح الدستوري وأهم المرتكزات التي جاء بها خطاب 9 مارس فتح باب المداخلات التي انصبت في مجملها على كون مسألة الإصلاح السياسي مرتبطة أساسا بالديمقراطية، وأن مسعى الإصلاح لا يمكن أن يستقيم بدون أخذ المسألة الدستورية من أولى أولوياته باعتبار هذه الوثيقة أسمى بناء قانوني وحقوقي لأي دولة معاصرة، في الوقت الذي نجد فيه المغرب خلال العشرية الأخيرة بدأ يشق طريقه نحو مسلسل الديمقراطية سيما أنه يتوفر على مرتكزات أساسية لذلك من بينها المؤسسة الملكية والتعددية الحزبية التي تفتقر إليها أغلب الشعوب العربية، ليبقى أنه يجب أن يتم الإصلاح من خلال إضافة بعض النصوص والفصول الجديدة التي أصبحت تفرض ذاتها لما أصبحت الظرفية تحتمه من تحولات على عدة مستويات. لقد جاءت كل التدخلات متوافقة على أن هناك إجماعا وطنيا حول الثوابت التي بني عليها الدستور كإطار مرجعي في الوقت الذي تم فيه طرح عدة مقترحات من شأنها تطعيم مقترحات الحزب التي سيتم عرضها خلال ندوة صحفية كورقة مساهمة في هذا الإصلاح، كمسألة دسترة اللغة الأمازيغية، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان من خلال دسترة بعض الهيئات التي تعمل في هذا الإطار من بينها الإنصاف والمصالحة لضمان «ممارسة فاعلة ومراقبة ومتتبعة ومقررة ومحاسبة» في نفس الوقت، إلى جانب دسترة مؤسسات أخرى لها طابع اجتماعي واقتصادي كالوسيط، ومنها العاملة في مجال مكافحة الرشوة وحماية المستهلك وغيرها من المجالات، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، مع تعزيز صلاحيات المجلس الدستوري توطيدا لسمو الدستور ولسيادة القانون والمساواة أمامه، وتقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية و قيادة تنفيذ البرنامج الحكومي الذي يتحمل مسؤوليته، مع دسترة مؤسسة مجلس الحكومة وتوضيح اختصاصاته. كما لم تفت المشاركين الإشارة إلى أهمية الدور الذي تلعبه المرأة المغربية في الساحة السياسية، داعين إلى ضرورة تعزيز مشاركتها في تدبير الشأن الجهوي خاصة وتمتيعها بالحقوق السياسية عامة بتحديد نسبة مئوية خاصة بها لتيسير ولوجها للمهام الانتخابية. وقد عرف هذا اللقاء نقاشا حادا، وجه من خلاله المتدخلون وأغلبهم من الشباب انتقادات لاذعة للحكومة وللأحزاب وطالبوا بإصلاحها من الداخل والإطاحة برؤسائها ومحاسبة المفسدين وحل الحكومة والبرلمان، معتبرين أن حالة الدستور الجديد ستكون ممنوحة كسابقتها. لكن ذلك لم يثن الرفيقين أنس الدكالي وغزلان معموري عن فتح نقاش موسع معهم تم تسليط الضوء من خلاله على جملة من التصورات المغلوطة لديهم، وقد تقبل هؤلاء الشباب تلك المعطيات بصدر رحب خصوصا لما تم الاتفاق على أن هذا اللقاء منظم من قبل جهة «غير حكومية أو مخزنية» على حد تعبيرهم، جهة تتقاسم معهم نفس الهم و نفس الدعوة للتغيير والإصلاح، لكن بكل وعي وسلم ومسؤولية.