ألقى عبد الحق العباسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، كلمة في الجلسة الافتتاحية للملتقى الثالث للمرأة القاضية، سلط فيها الأضواء على انشغالات أسرة القضاء، والهدف من تنظيم الملتقى الثالث للمرأة القاضية، وما أصبحت تحلته هذه الأخيرة في تنظيمات الودادية، وفيما يلي فقرات من هذه الكلمة.. ... يشرفني باسمي الشخصي وأصالة عن قضاة المملكة أن أقدم للجميع جزيل الشكر والامتنان على تحمل عناء التنقل لحضور هذا الملتقى الثالث للمرأة القاضية المنعقد هذه السنة حول محور «المرأة المغربية ومقاربة النوع الاجتماعي»، وهو حضور نعتبره في الودادية دائما عربون تقديره وعلامة احترام للنهج القويم الذي سارت عليه وداديتنا في مثل هذه التظاهرات الثقافية والعلمية الرصينة.إن حضورنا اليوم بهذه الكثافة هذا الحضور النوعي المتميز مؤشر قوي على ما أصبحت للحركة النسائية من إسهامات مميزة في عملية البناء الحداثي لمجتمعنا وما أصبحت تضخه من حركية ودينامية داخله، بفضل سعيها الحثيث الى تحقيق عدة أهداف من بينها على سبيل المثال لا الحصر مناهضة جميع أشكال الميز ضد النساء وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية، والعمل على حماية حقوق النساء وتطوير الوعي النسائي والسعي إلى إدماج المرأة في عملية التنمية الاجتماعية المستدامة. فبكل فخر واعتزاز، نؤكد في الودادية الحسنية للقضاة عن تمسكها بهذه المحطة المتميزة الموازية لتخليد ذكرى اليوم العالمي للمرأة، والتي نحتفل من خلالها بالمرأة المغربية بشكل عام، ثم المرأة القاضية بشكل خاص أملنا أن نستمر على نحو سلفنا الأستاذ الفاضل مصطفى فارس الرئيس الأول للمجلس الأعلى، وأن نكمل المشوار الذي بدأه، ليس فقط فيما يخص الحفاظ على انتظام موعد ملتقى المرأة القاضية ضمن أجندتنا، إنما كذلك استمرارنا في تنفيذ جميع البرامج والمشاريع التي أسست للوجود الفعلي للودادية. أملنا ورهاننا الكبيرين أن نكون في مستوى تعزيز ما تحقق من مكاسب لأسرة القضاء تحت لواء وداديتهم العتيدة. وأن ننطلق قدر المستطاع نحو بلورة مزيد من الطموحات والتطلعات. أيها الحضور الكريم، لقد شهدت نهاية السنة المنصرمة تنظيم انتخابات الودادية الحسنية للقضاة، وكما يعلم الجميع، فقد قام المكتب المركزي السابق، في إطار جمع مع عام، بتعديل بعض مقتضيات القانون الأساسي للودادية حتى نتمكن من ضمان حضور فعلي للمرأة القاضية ضمن أجهزتها، وبالفعل، فقد عرفت الانتخابات سالفة الذكر، حضورا لافتا للنساء القاضيات ضمن هياكل الودادية، إذ بالاضافة الى تمكينهن من لائحة وطنية ضمت 24 قاضية، عرف المكتب المركزي الجديد انتخاب قاضيتين الكل يعلم مدى عطائهما والتزامهما بروح المسؤولية، وهو ما يعني، أن اهتمام الودادية بالمرأة القاضية ليس اهتماما مناسباتيا أو شكليا، وإنما هو اهتمام جاد، مسؤول وعملي، الغرض منه تأكيد المكانة المرموقة التي تستحقها جميع نساء القضاء باعتبارهن نوعا اجتماعيا مشهودا له بالكفاءة والنزاهة والتضحية في سبيل إحقاق العدالة والإسهام في مختلف أوجه التنمية. إن تقديرنا واحترامنا للمرأة المغربية نابع من قدسية تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي بوأها المكانة المستحقة وخصها بكل المكرومات والصفات النبيلة قرآنا وسنة، وهو أيضا ما أعلن عنه جلالة الملك المنصور بالله في خطبه السامية ومبادراته وتوجيهاته النيرة لإعلاء شأن المرأة القاضية والإشادة بها وبقدراتها ومكانتها العلمية ومصداقيتها الثابتة بما تتميز به من استقلالية ونزاهة وكفاءة، الشيء الذي يطرح علينا باستمرار أن تكون الودادية الحسنية للقضاة أداة لتمتين هذه التوجهات السامية في إعطاءها الفرصة الكاملة لتطارح تجاربها وتقاسم رصيدها العلمي والمهني مع زملائها وزميلاتها أو مع جمهور المثقفين والمفكرين، وهو ما لا نخاله إلا أن يفتح آفاقا من شأنها أن تعطي دينامية متجددة لأسرة القضاء عامة وللقضاء النسائي خاصة. لذا أود أن أستغلها فرصة، لمناشدة جميع القاضيات الفاضلات في مختلف محاكم المملكة، حتى ينخرطن في أنشطة الودادية، ومن خلالها في استمرار تعبأتهن الى جانب زملائهم القضاة، للنهوض بكل القضايا ذات الصلة بموضوع النوع الاجتماعي ضمن الإصلاح المنشود للقضاء، ولما لا التعديلات الدستورية المنتظرة كذلك(...) أيتها السيدات الفاضلات، أيها السادة الأفاضل، نلتئم اليوم للبحث العلمي الرصين ولتحليل خمسة مواضيع ذات صلة وثيقة بمقاربة النوع الاجتماعي انطلاقا من مستويات المساواة والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ومراكز القرار والممارسة القضائية ضمن احتفالات أمم وشعوب العالم باليوم العالمي للمرأة والذي وظفته وداديتنا لسنوات ثلاث متتالية ليكون لقاء للمرأة القاضية بامتياز، ليس من باب الدعوة الى جعل هذا اليوم بالذات كرنفالا أو مهرجانا بل لجعله يوما للتأمل والحوار والتفكير الشيء الذي يعطي لمبادرتنا الجدية والمصداقية المبتغاة. ولقد تم اختيار موضوع «المرأة المغربية ومقاربة النوع الاجتماعي» محورا للقاء الثالث للمرأة القاضية لما تكتسيه هذه المقاربة من موضوعية في معالجة مختلف القضايا المرتبطة بالمرأة، هذا مع العلم أن علم النوع الاجتماعي باعتباره علم الجنس السوسيولوجي/ الاجتماعي كما يسميه البعض، لا يخص المرأة فحسب، إنما يعني الرجل كذلك، سيما وأن هذا العلم يعني دراسة المتغيرات حول مكانة كل من المرأة والرجل وفقا للأدوار التي يقومان بها بغض النظر عن الفروقات البيولوجية بينهما، أي أن المرأة والرجل ينبغي النظر إليهما من منطلق كونهما إنسانا بغض النظر عن جنس كل منهما(...) من هذا المنطلق، ومواكبة من الودادية الحسنية للقضاة لتطورات العلوم الانسانية والاجتماعية الحديثة المتخصصة في هذا الباب. ستتفضل ثلة من الفعاليات النسوية، من داخل وخارج الودادية، على امتداد الفترة المسائية لهذا اليوم، بمعالجة موضوع «المرأة المغربية ومقاربة النوع الاجتماعي» من خلال إلقائهن لست مداخلات متكاملة، قبل ذلك وتمسكا منا بالسنن الحميدة لسلفنا، سنقوم بحول الله بتكريم ثلاثة قاضيات فاضلات يشهد لهن تاريخهن الحافل بالعطاء، بما يتصفن به من جد ونزاهة ونكران للذات. أيها السيدات، والسادة الحضور الكريم، لا يسعني في الختام إلا أن أن أقدم عبارات الشكر والتقدير للأستاذات الفاضلات المحترمات المؤطرات لهذا اللقاء العلمي الثالث والشكر موصول لكل من ساهم من بعيد أو قريب في سبيل إنجاح هذه التظاهزة وهو لقاء نأمله أن يكون مساهما للودادية الحسنية للقضاة في انخراطها الجاد في تفعيل مقتضيات الورش الوطني الكبير الذي دشنه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بكل الروح الوطنية الصادقة الكفيلة بتحقيق الآمال والتطلعات، وأن نجعل منه فرصة لاستحضار ما حققته المرأة المغربية بشكل عام والقاضية بشكل خاص من مكاسب متعددة الأوجه...