إدارة السجن المحلي واد زم تفند مزاعم بخصوص وفاة سجين    قطب الريسوني ورشيدة الشانك ومحمد العناز يفتتحون سنة 2025 في دار الشعر بتطوان    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    بشار الأسد يتعرض لمحاولة اغتيال    مالي: الجزائر تدعم "مجموعات إرهابية"    وفاة أغنيش كيليتي أكبر بطلة أولمبية في العالم عن 103 أعوام    حموشي ينوه بنجاح تأمين ليلة رأس السنة    تسجيل هزة أرضية خفيفة بإقليم أزيلال    سيارة تصدم شرطيًا أثناء أداء مهامه بطنجة    "جرائم الأموال" تؤجل محاكمة مبديع .. ومنظمة حقوقية تدخل على الخط    "مقتصدو التعليم" يحتجون بالرباط    فيفا: رحلة دياز تعيد المغرب إلى القمة    تفاصيل جديدة عن هجوم "نيو أورليانز" الدموي    المعارضة بورزازات تطعن في انتخابات رئيس المجلس وتصفها ب"المذبحة القانونية"    ّ"البذخ مقابل الجوع".. زعيم البوليساريو يبني قصرًا فاخرًا بتندوف الجزائرية    قطر تعلن احتضان كأس العرب في دجنبر المقبل    تفاقم البطالة والفساد والمديونية.. منظمة نقابية تستعرض إخفاقات الحكومة في 2024    السلطات الفلسطينية تقرر توقيف بث قناة الجزيرة القطرية و"تجميد" كافة أنشطتها    شرطة كوريا الجنوبية تداهم مطارا في إطار الكارثة الجوية    مقتل شخص وإصابة عدة أشخاص في انفجار سيارة كهربائية بلاس فيغاس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    خطر الدوغمائية على مآل "الميثاق الغليظ" في المغرب!    مالطا.. استنفار أمني بعد هروب مسافرين مغاربة من طائرة تركية هبطت اضطراريا بالمطار    تأجيل محاكمة مبديع إلى 9 يناير الجاري    صن داونز يصل إلى المغرب لمواجهة الرجاء    صفرو: ثلاث مجموعات شركات رائدة عالميا في إنجاز محطات نقل الطاقة بواسطة الضخ تتنافس لنيل مشروع "محطة المنزل" للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب    صيدليات الانترنيت… مامدى خطورتها على صحة المواطن المغربي    ضحايا زلزال الحوز .. لفتيت يكشف تفاصيل عمليات النصب    تقرير يصنف المغرب ضمن أكثر الدول استهلاكًا للبن    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    مجموعة من التعديلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ مع حلول السنة الجديدة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    شركة "مايكروسوفت" تطور نموذجا لذكاء اصطناعي جديد لتنفيذ المهام بنحو مستقل    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: 2024 الأكثر دفئا على الإطلاق    تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أفلام الصحراء    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    مليلية المحتلة تسجل انخفاضًا غير مسبوق في الهجرة السرية منذ التسعينات    دولي مغربي على رادار برشلونة    مسار استقلال السلطة القضائية في السياسات العمومية كتاب جديد للقاضي عبد الله كرجي    وفد سوري برئاسة وزير الخارجية يحل بالرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد    تتويج رحيمي بجائزة أفضل لاعب عربي محلي    مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال.. نموذج للتعاون الإقليمي    صدمة جديدة .. الليغا تزيد أوجاع برشلونة    زياش يلتقي بمعجبين مغاربة في دبي    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    دراسة: هذه المشروبات قد تحد من مخاطر الإصابة بالسرطان    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الأضحى .. بين طقوس المجتمع ودعوات الاحتفال دون ذبح
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 08 - 2019

كلما اقترب عيد الأضحى إلا وتجدد السؤال لدى العديدين، يتوزع بين الذين يرددون إن كان لازال من الضروري اقتناء الأضحية وممارسة إحدى الشعائر التي ليست من الواجبات الدينية، بل سنة، مستحبة، وبين من يعتبرون أن الوقت قد حان لرفع الطابو والدفع في اتجاه تجاوز اقتناء الأضحية، خاصة وأن الأمر يتعلق بممارسة تنحر فيها ملايين الأضاحي دفعة واحدة، ويراق فيها الدم الذي قد يكون له تأثير سلبي على الناشئة، ويرفع لديهم منسوب العنف والقسوة والغلظة، فيما الحاجة ماسة لغرس قيم السلام وأيضا قيم الرفق بالحيوان.
ويرى فريق آخر أن الارتفاع الصاروخي لأثمنة الأضاحي والصعوبات المادية التي تعيشها العديد من الأسر والتي تدفعها للاقتراض، بات عنصرا أكيدا للدفع في اتجاه التخلي عن اقتناء أضحية العيد والاقتصار على الاحتفاء بالمناسبة دون حاجة للنحر.
وبهذا الخصوص، يقول محمد عبد الوهاب رفيقي، أستاذ باحث في الفكر الإسلامي، إن عيد الأضحى، بكل طقوسه وما يجري فيه من شعائر وإن كان له أصل ديني، أصبح عادة اجتماعية أكثر مما هو التزام بأمر شرعي وبأمر ديني، حيث يلاحظ أنه تحول إلى عادة اجتماعية، وطغت الطقوس الاجتماعية على كل ما هو ديني.
وأضاف رفيقي، في رد على سؤال لجريدة بيان اليوم بهذا الخصوص، أنه لا يعتقد أن الذين يحرصون اليوم على القيام بشعيرة الأضحية هم يستحضرون الجانب الديني بقدر ما يستحضرون البعد الاجتماعي، إذ تجد أن لديهم هذا الحرص الشديد على إحضار الأضحية وقد تجدهم بعيدين عن ممارسة كثير من شعائر التدين التي هي أوجب وأعظم، فيما يحرصون كل الحرص، على استقدام الأضحية وذبحها في هذا اليوم، لأن الطابع الاجتماعي يغلب على هذا الموضوع”.
وأكد الباحث في الفكر الإسلامي والذي يدعو إلى القراءة التاريخانية للنصوص الدينية حينما يتحدث عن بعض الإشكالات الجديدة التي تشهدها المجتمعات في البلدان الإسلامية، أن اقتناء الأضحية وذبحها عادة تاريخية أصبح من الصعب على بعض الناس التخلي عنها ولا التخلي عن طقوسها، إضافة إلى ما يستحضر في هذا الموضوع من العلاقة مع الآخر والجار والعائلة والأقارب، بحيث أصبح عدم ذبح الأضحية كنوع من العيب الذي لا يمكن الإقدام عليه أو نوع من الخوف في أن يتأثر الأطفال من أن لا يعيشوا تلك الأجواء التي يعيشها جيرانهم وأقرانهم وزملاؤهم.
وشدد عبد الوهاب رفيقي على أن ما سلف ذكره يعد كله اعتبارات اجتماعية وليس اعتبارات دينية بالمرة، مسجلا أن هذا البعد الاجتماعي قد ضخم حتى البعد الديني، بحيث أصبح كثير من الناس يعتقدون أن اقتناء الأضحية وذبحها هو من الواجب الذي لا يمكن التخلي عنه، علما، يقول رفيقي، أن الأصل في الأضحية كونها سنة والمقصود بالسنة أنها أمر مستحب، من شاء فعله وكان له الأجر والثواب على ذلك ومن لم يفعله فلا شيء عليه البتة.
ونبه رفيقي إلى أنه بسبب هذا البعد الاجتماعي تضخم الموضوع حتى اعتقد كثير من الناس أنه أمر واجب وأنه أساسي من أساسيات الدين وأنه شعيرة من الشعائر التي لا يمكن التخلي عنها إلا لضرورة، مبرزا أنه في أصل الشرع يمكن التخلي عن هذا الأمر ولو من غير ضرورة، ولو كان الإنسان غنيا وموسرا وأراد أن لا يضحي فله ذلك لأن الأمر لا يتعلق بعبادة واجبة كالصلاة مثلا، أو صوم رمضان.
وبحسب رفيقي، فإن الموقف اتجاه التضحية من عدمه فيه نوع من الغلو والمبالغة لدى الطرفين، لدى من يرى أن هذا أمر واجب ولا يمكن التخلي عنه ويتكلف في ذلك ماديا ويشق على نفسه ماديا من أجل إيفاء هذا الأمر، وبين من يدعو إلى إلغاء هذه الشعيرة كليا بحجج إنسانية علما أن هذا الأمر قد يدخل في قانون الطبيعة ولا علاقة له بالرفق أو الرحمة.
وأبرز رفيقي، فيما يخص الخوف الذي يتملك البعض من تأثر الأطفال لعدم اقتناء الأضحية، أنه من الحري الخوف على الأطفال من صور الذبح وإراقة الدم وجعل الأمر كأنه مسألة عادية، على أن الأحكام الشرعية تؤكد على ذبح الأضحية له آداب معينة ينبغي الحرص على الالتزام بها أو حتى تطويرها وكان المقصود منها هو إجراء هذه العملية في أقصى ظروف الرحمة والرفق ولذلك جاء في الأحاديث “وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته، حتى يمر الأمر بأسرع ما يمكن”.
واعتبر رفيقي، أن الطقوس الذي يظهر بها إزهاق الدم بهذا الشكل، حاليا، هي أيضا عادات اجتماعية وليست مقصودة في هذه الشعيرة في الأصل، إذ أن المقصود الأصلي ذبح الذبيحة في أعلى شروط الرفق والإحسان سواء بالنسبة للحيوان ولا بالنسبة لمن يشرف على ذلك المشاهد”.
وبالنسبة لإشكاليات تعيشها الجالية في بعض الدول الأوربية حيث تمنع سلطات هذه البلدان الإقدام على ذبح الأضحية في مساكنها، وما إن كان الأمر يتطلب من أفراد الجالية تجاوز التضحية والامتثال لواقع المكان، اعتبر رفيقي أن الأمر يتعلق بإشكالية كبيرة مرتبطة بواقع اندماج المسلمين داخل المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها وما يثير هذا الاندماج من إشكاليات ومن التباس .
وأفاد أن ما يجعل هذا المشكل مثارا بهذا الصدى الذي يصلنا هو كون كثير من الناس يعتقدون أن هذا الأمر واجب ولا يمكن التخلي عنه بل يعتبرون أنه شعيرة من شعائر الدين، في حين يمكن تجاوز اقتناء أضحية العيد وذبحها في البيت، فهناك الكثير من الأمور تتطور وتتغير ويمكن معها تغيير الحكم الشرعي، وفي هذه الحالة الأمر يتعلق بالاندماج داخل مجتمع معين والالتزام بقوانينه والانضباط، وما يفرض ذلك الانتماء أو الإقامة في تلك الدولة بها وحيازة الأوراق بها يجعل هذا الأمر أولوي، وهذا يتطلب من أفراد الجاليات الانضباط لقوانين الدولة التي يعيش فيها الإنسان، واعتباره على أنه مقدم وأولوي على القيام بشعيرة من الشعائر أو سنة من السنن.
وشدد في هذا الصدد على أن “الانضباط لقوانين البلد الذي يعيش فيه المسلم، هو أمر واجب بينما القيام بالتضحية هي سنة مستحبة، فإن سمحت تلك الدولة بفضاءات وشروط معينة للذبح، فهذا جيد، لكن أن يحاول المسلمون التملص من هذه القوانين أو التمرد عليها بمختلف الطرق ومختلف الحيل، أرى أن ذلك ليس من الصفات التي يمكن أن تمثل الإسلام تمثيلا جديا، بل تسيء إليه”.
في ذات السياق، حفلت خلال هذه الأيام مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت فضاءا جديدا للتعبير، بكثير من التدوينات يعلن أصحابها عدم اقتنائهم أضحية العيد، واختيار قضاء عطلة العيد بعيدا عن البيت، لكن أغلبهم لا يربط هذا التخلي بمسألة التدين بل يربط الأمر بالغلاء الفاحش الذي تعرفه أثمنة الأضاحي، مفضلين قضاء عطلة وصرف المبلغ في الترفيه عن النفس، فيما محبو الحيوانات أطلقوا على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، نداءات للرفق بالحيوان والتخلي عن طقوس تملؤها مظاهر الدم ، وأن الأمر يتعلق بسنة وليس بواجب ديني.
وفي هذا الصدد أفاد عبدو النور، أحد المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، بأن عيد الأضحى أو ما يسمى في المغرب ب “العيد الكبير” أصبح حملا ثقيلا ينهك العائلات الفقيرة والمستضعفة، بل بات يشكل لها عقدة اجتماعية عصية على الحل، حيث يشهر الخروف، كل سنة، قرونه القوية و”يوجه ضربات لجيوب الأسر”.
واعتبر أن الوقت حان للتفكير في تجاوز عملية الذبح والنحر الجماعي لملايين الخرفان، لأن ما يخلفه هذا الفرح اليوم هو أشبه بالحروب القديمة، لكن تغيرت الأسلحة وتغير معها المحاربون، واعتبر أن الحرص على الذبح هو إعلان أننا “نعشق الدم كما نعشق الحرب. نحرص على قضاء يوم دامي في كل سنة. ألا يكفينا كل هذه الدماء التي تسيل كل يوم في شوارع بلاد المسلمين، قائلا: “بالله عليكم أجلسوا ولو مرة واحدة لأنفسكم وسألونها لو عاد إبراهيم من قبره هل سيبارك لكم كل هذه الدماء التي تراق صباح مساء وتقيمون لها عيدا كل سنة عليكم أيها المسلمين أن تكفوا عن ذبح الأكباش حتى تنتهوا من ذبح بعضكم البعض في الشوارع المزدحمة في الساحات العامة وفي كل مكان وعلى حدود بلدانكم مبررين ذلك بحماية الدين والدين له رب يحميه”.
أما عزيز الوزاني، فقد أكد بدوره على تحول عيد الأضحى إلى مناسبة للتفاخر وليس مناسبة للتضامن، حيث كان يمكن اقتناء بقرة مثلا بالنسبة لحي أو زقاق، للتضحية وتوزيع لحمها على العائلات، مشيرا أن التحول الطارئ داخل المجتمع والذي يطبعه تغير في الأوضاع الاقتصادية يفرض تجاوز اقتناء الأضحية.
وأشار أن إلغاء ذبح أضحية العيد بالمغرب، حصل على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، حينما اتخذ قرارا لثلاث مرات، بسبب سنوات الجفاف وتعسر الأوضاع الاقتصادية، معتبرا أنه حاليا حينما تلجأ بعض الأسر للاقتراض بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية لديها، من أجل اقتناء كبش العيد، يمكن أن يكون مبررا للدعوة بالتخلي عن الذبح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.