دعت جمعية محاربة السيدا، الأسبوع الماضي بالدار البيضاء، إلى التعجيل بإطلاق المخطط الاستراتيجي الوطني من أجل القضاء جذريا على مختلف الالتهابات الكبدية. وأطلق رئيس الجمعية البروفسور مهدي قرقوري هذا النداء خلال في ندوة صحفية عقدها بمناسبة إحياء المجتمع الدولي لليوم العالمي لمحاربة الالتهابات الكبدية الذي يصادف 28 يوليوز من كل سنة. وذكر، في هذا الصدد، بانخراط الجمعية منذ سنة 2013 في سلسلة من الحملات الترافعية، خاصة مع ظهور أول مضادات الفيروسات ذات الفعالية المباشرة ” AAD “، المتعلقة أساسا بعلاج فيروس الالتهابات الكبدية من نوع “س”، مبرزا أن توفير هذه الأدوية في شكلها الجنيس سيتيح تأمين نتائج علاجية مضمونة بنسبة تتجاوز 95 في المائة وبأقل تكلفة. وأضاف أن الجمعية، انطلاقا من دورها كفاعل مدني، تبقى مستعدة للتعاون مع الوزارة الوصية لتنزيل هذا المخطط المعلن عنه من طرف المغرب في 2016، انسجاما مع أول مخطط عالمي تبنته منظمة الصحة العالمية في يوليوز 2015 لمحاربة الالتهابات الكبدية (2016-2021). وفي غياب فرص للتمويل الدولي كما هو الحال بالنسبة لباقي الاوبئة كالسيدا والسل والملاريا التي تحظى بصندوق خاص، فالجمعية تطالب بالتعبئة الجماعية (الحكومة ومجالس الجهات والمجتمع المدني) لتوفير الإمكانات المالية، مقترحا تعبئة الفرق البرلمانية للمساهمة في ايجاد مصادر لتمويل هذا المخطط، وجعل ذلك ضمن أولوياتها وأخذها بعين الاعتبار في قانون المالية 2020. كما طالبت الجمعية بضرورة تمكين الأطباء العامين من تتبع المرضى حديثي الإصابة، والذين ليسوا في حالة معقدة أو متقدمة، مع العمل على توفير الأدوية الكافية بالمؤسسات العلاجية، والتشخيص والتتبع الضروريين لتخفيف العبء عن كافة المواطنين المصابين، بما في ذلك الأشخاص غير المتوفرين على التغطية الصحية بمختلف أشكالها ” AMO- RAMED”. وقد شكل هذا اللقاء، المنظم تحت شعار “جميعا من أجل إطلاق المخطط الاستراتيجي الوطني للقضاء على الالتهابات الكبدية”، فرصة سانحة للتعريف بداء الالتهاب الكبدي “س” كوباء صامت أصيب به خلال سنة 2017 -حسب منظمة الصحة العالمية- نحو 71 مليون شخص على الصعيد العالمي، علما أن أغلب المصابين يجهلون إصابتهم بهذا الفيروس إلى أن تتطور حالاتهم الصحية إلى مضاعفات جد خطيرة كتشمع الكبد أو سرطان الكبد. وتم التذكير، أيضا، بسلسلة من المساعي التي انخرط فيها المغرب للقضاء على الالتهاب الكبدي، حيث رخص منذ 2015 لصناعة وتسويق الأدوية الجنيسة في نسختها المغربية، كما توج هذا الاجراء بإطلاق وزارة الصحة لدراسة وطنية في فبراير 2019 حول الوضعية الوبائية للإصابات بالالتهابات الكبدية على صعيد المملكة. مرض صامت ووعي غير كاف في نفس السياق، نظمت جمعية (إغاثة مرضى التهاب الكبد الفيروسي)، بدورها لقاء علميا، يوم الخميس الماضي بالدار البيضاء، خصص لتحسيس عموم المواطنين بأهمية الكشف المبكر عن التهاب الكبد الفيروسي، كسلاح فعال يمكن من الحد من انتقال عدوى الإصابة بهذا الداء، وذلك بمبادرة من ويأتي تنظيم هذا اللقاء، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمحاربة التهاب الكبد الفيروسي، بهدف تحسيس الساكنة بأهمية التشخيص المبكر للإصابة بالمرض، والتشجيع على إجراء الفحوصات الطبية، والتعريف بهذا الداء الخطير لدى العموم، ورفع مستوى الوعي بمدى خطورته، لتشجيع عمليات المكافحة والوقاية منه، وفق الاستراتيجية التي أعلنت عنها سنة 2016 منظمة الصحة العالمية، وصادقت عليها 194 حكومة، بهدف القضاء على التهاب الكبد الفيروسي بحلول عام 2030. وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الجمعية البروفسور ادريس جميل أن هذا الداء يشكل معضلة عالمية يمكن أن تهدد حياة الملايين من الأشخاص عبر العالم، دون أن يكونوا على وعي بإصابتهم به، مما يشكل خطرا يهدد الصحة العامة، ويفرض العمل على تشخيص المرض في مراحله الأولى لتفادي المضاعفات التي قد تؤدي إلى الوفاة. وأضاف أن احتفال المغرب بهذا اليوم، على غرار باقي بلدان العالم تحت شعار “لنعثر عليهم.. لننقذ ملايين الأرواح”، يعتبر مناسبة ملائمة لدق ناقوس الخطر حول الوضع المقلق لهذا المرض، الذي يمس ما بين 1.2 في المائة و2.5 في المائة من ساكنة المغرب، متسائلا عن طبيعة التدابير الاستعجالية التي تم اتخاذها لمحاربة هذا الداء. وقال إن مثل هذه اللقاءات تمنح فرصة استعراض الوضع الحالي لهذا المرض الصامت، وإطلاع الجميع على الخطوات المتقدمة التي تم تحقيقها على مستوى العلاجات، وأيضا زيادة الوعي لدى الساكنة بأهمية الكشف المبكر عن داء التهاب الكبد الفيروسي، وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ليصبح الناس على بينة من وضعهم. ووعيا منه بحجم المشكل المرتبط بالتهاب الكبد الفيروسي، أشار البروفسور جميل إلى أن المغرب وضع خطة وطنية لمحاربة هذا الوباء، تسمح بالتكفل والعلاج بتكلفة منخفضة بالنسبة للمصابين بالفيروس، متوخيا القضاء على التهاب الكبد الفيروسي (س) بحلول العام 2030. وذكر، في هذا الإطار، بالخطة الوطنية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي، التي تهم خمسة محاور استراتيجية، تشمل تشخيص التهاب الكبد الوبائي (س)، وعلاج التهاب الكبد الوبائي (س)، والوقاية من الأمراض، والحكامة، والشراكة، وتوفير المعلومات الاستراتيجية حول التهاب الكبد الفيروسي. أشد فتكا من داء السيدا وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية تقدر أن 500 مليون شخص في العالم يعانون من التهاب الكبد بأصنافه المختلفة، مشيرة إلى أن هذا المرض يسبب وفيات أكثر من الإيدز والملاريا والسل مجتمعين. وحسب معطيات المنظمة ذاتها، فإن ما يقارب 325 مليون شخص مصابون بالتهاب الكبد (ب) أو(س)، وأن أكثر من 290 مليون شخص يحملون الفيروس دون علم بذلك، ونسبة 1 في المائة فقط يلجون إلى العلاج. وأكدت منظمة الصحة العالمية، في بيان يوم الجمعة الماضي بمناسبة اليوم العالمي، أن تقليل الإصابات بمرض التهاب الكبد الفيروسي بنسبة 90 بالمائة يتطلب استثمارات بقيمة 58.7 مليار دولار أمريكي. وذكرت المنظمة أن “استثمار ست مليارات دولار أمريكي سنويا في القضاء على هذا المرض في 67 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل سيؤدي إلى تجنب 4.5 مليون حالة وفاة مبكرة بحلول عام 2030”. وتهدف الاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية لمواجهة التهاب الكبد الوبائي إلى الحد من الإصابات الجديدة بالتهاب الكبد “بنسبة 90 بالمائة والوفيات بنسبة 65 بالمائة وذلك بحلول عام 2030”. ونقل البيان عن الدكتور تيدروس غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قوله إن “80 بالمائة من المصابين بالتهاب الكبد لا يمكنهم الحصول على الخدمات التي يحتاجونها للوقاية من المرض واختباره وعلاجه”. ودعا غيبريسوس الحكومات إلى “دمج خدمات التهاب الكبد في باقات الفوائد كجزء من مساعي الحكومات نحو التغطية الصحية الشاملة”. وذكرت المنظمة أن” الاستثمار في الاختبارات التشخيصية والأدوية لعلاج التهاب الكبد من النوع (بي) و(سي) سيساهم في إنقاذ الأرواح وخفض التكاليف المتعلقة بالرعاية طويلة الأجل لتليف الكبد وسرطان الكبد الناتجة عن التهاب الكبد غير المعالج”. وأوضحت المنظمة أنه بالنسبة ل”الغالبية العظمى من بين 325 مليون شخص مصاب بالتهاب الكبد سواء من النوع (بي) أو (سي) فإن الوصول إلى الاختبارات التشخيصية والعلاج لا يزال بعيد المنال”. وترى المنظمة أنه “مع وجود 124 دولة من أصل 194 تضع خططا لالتهاب الكبد فإن أكثر من 40 بالمائة من الخطط الوطنية تفتقر إلى بنود مخصصة في الميزانية لدعم جهود القضاء على المرض”.