أعلنت القيادة المركزية في الجيش الأميركي، أول أمس السبت، "تطوير عملية بحرية متعددة الجنسيات في الخليج تحت اسم “الحارس” لضمان حرية الملاحة في ضوء تصاعد التوتّر مع إيران". وينظر إلى هذا الإجراء على أنه خطوة عملية لوقف الاستهداف الإيراني لأمن الملاحة كما أنه قد يفتح أبواب مراجعة الموقف الدولي المتساهل في اليمن بما سمح لطهران بتركيز نفوذ قوي عبر وكلائها في اليمن الذين باتوا يهدّدون أمن الملاحة فضلا عن الأمن القومي لدول مثل السعودية. وقالت القيادة، في سلسلة تغريدات عبر "تويتر"، إنه تطوير مجهود بحري في الخليج لزيادة المراقبة والأمن في المجاري المائية الرئيسية في الشرق الأوسط. وتأتي هذه الخطوة عقب إعلان إيران توقيف ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز ل"عدم مراعاتها القوانين البحرية الدولية". وأضافت القيادة أن عملية "الحارس" تهدف إلى تعزيز الاستقرار البحري، وضمان المرور الآمن، وخفض التوترات في المياه الدولية في جميع أنحاء الخليج، ومضيقي هرمز وباب المندب، فضلا عن خليج عمان. وأردفت "سيمكّن إطار الأمن البحري هذا، الدول من توفير حراسة لسفنها التي ترفع علمها مع الاستفادة من تعاون الدول المشاركة للتنسيق وتعزيز الوعي بالمجال البحري ومراقبته". وشددت القيادة على التزام الولاياتالمتحدة بدعم هذه المبادرة، غير أنها في الوقت ذاته قالت إن "المساهمات والقيادة من الشركاء الإقليميين والدوليين ستكون مطلوبة للنجاح". ويراهن اليمنيون على أن تضع هذه الخطوة في حسابها تصرفا جديا تجاه الحوثيين الذين توظفهم إيران في تهديد أمن الملاحة كما أمن دول الإقليم. وكشفت مصادر محلية في محافظة الحديدة غربي اليمن عن ارتباك واسع في صفوف المتمردين الحوثيين بعد قرار الولاياتالمتحدة إطلاق عملية "الحارس" لحماية الملاحة في مختلف المضايق وبينها باب المندب، وسط مخاوف من أن تكون قواتهم في مرمى الانتقام الأميركي من إيران. وأكدت المصادر في تصريح ل"العرب" استمرار الحوثيين بحشد التعزيزات العسكرية للحديدة ومواصلة حفر الخنادق والحواجز العسكرية، في مؤشر على استعداد لاستئناف المعارك مع القوات اليمنية، أو تحسبا لضربات أميركية. وأعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، السبت، عن البدء بعملية وصفها بالنوعية طالت أهدافا عسكرية في محافظة صنعاء. وقال بيان صادر عن التحالف إن قائمة الأهداف المشمولة بالقصف الجوي تضم مواقع للدفاع الجوي ومواقع تخزين الصواريخ الباليستية، بهدف الحدّ من التهديدات التي تمثلها تلك المواقع على حركة الملاحة الجوية لطائرات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية. ووفق تصريح إعلامي للناطق الرسمي باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، تمكنت مقاتلات التحالف من تدمير خمسة مواقع للدفاع الجوّي وموقع لتخزين الصواريخ الباليستية، امتدادا لعمليات سابقة للتحالف. ويأتي الإعلان عن العملية بعد أيام قليلة من إعلان الحوثيين عن تطوير صواريخ وطائرات مسيرة جديدة، يعتقد خبراء أنها قادمة من إيران. واعتبر مراقبون يمنيون أن التحولات التي يشهدها الملف اليمني باتت أكثر ارتباطا بالتوتّر الغربي الإيراني، وعلى صلة بالإعلان السعودي عن موافقة الرياض على استقبال قوات أميركية "لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها". وتزامن الإعلان السعودي المزدوج عن البدء بعملية نوعية في اليمن وتعزيز التعاون العسكري الأميركي السعودي بالتوازي مع إعلان الميليشيات الحوثية، صباح السبت، عن تنفيذ عملية بطائرات مسيرة، زعم الحوثيون أنها استهدفت رادارات ومواقع عسكرية في قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، جنوبي السعودية. وحول دلالات التصعيد الأخير في اليمن وانعكاس التطورات التي تشهدها المنطقة على الأزمة اليمنية، أكد الباحث السياسي اليمني فارس البيل في تصريح ل"العرب" أن أزمة اليمن لم تكن منذ البداية بمعزل عن الصراع في المنطقة، حيث كانت واحدة من الأوراق التي تمكنت إيران من تحويلها إلى أدوات ضغط ونفوذ واستقواء في إطار الصراع ومحاولات التمدد. ولفت البيل إلى أن الأزمة في اليمن تدخل منعطفا جديدا بعد أن استطاعت طهران إعاقة التوصل إلى حلّ سياسي في اليمن عبر تغذية التعنت الحوثي والدفع باتجاه تكريس حالة اللاسلم واللاحرب، في ظل عدم استغلال الحكومة الشرعية والتحالف السنوات الماضية لحسم ملف الصراع في اليمن باعتباره البوابة المفترضة لهزيمة المشروع الإيراني في المنطقة. وحذر البيل من استمرار الشرعية في التعاطي مع الملف بذات الطريقة القائمة على الاستجابة للمماطلات الحوثية والركون للمجتمع الدولي والضغوط، مشيرا إلى أن الفرصة لا تزال مواتية لهزيمة نفوذ إيران واستراتيجيتها من خلال عودة خيار الحسم العسكري واستغلال موجة المدّ الدولي الغاضب من سياسات إيران التصعيدية.