جدد سعد الدين العثماني، التأكيد على أن الحكومة تشتغل في انسجام بين كل أعضائها، نافيا أن تكون هناك أي انقسامات أو صراعات فيما بين جميع مكوناتها التي تشتغل كفريق واحد، مشيرا إلى أن الخلافات التي تطفو على السطح أحيانا هي خلافات عادية وطبيعية ولا تؤثر على العمل الحكومي. وأضاف سعد الدين العثماني، في معرض جوابه على تعقيبات المستشارين خلال مناقشتهم للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، أول أمس الأربعاء بمجلس المستشارين، أن الإنجازات التي تم عرضها أمام ممثلي الأمة، هي نتيجة لعمل جماعي لكل مكونات الحكومة، وأن ذلك لم يكن ليتحقق لو لم يكن هناك انسجام في العمل الحكومي. مقابل ذلك، دعا رئيس الحكومة بعض فرق المعارضة إلى الكف عن نشر خطاب التيئيس وتبخيس العمل الذي تقوم به الحكومة، مشيرا إلى أن ذلك لن يؤثر فيها على الإطلاق وأنها ماضية من أجل تحقيق الأهداف التي رسمتها منذ البداية، قائلا في هذا الصدد “لدينا عزيمة صلبة وحديدية، ولن نتراجع عن المسار الذي بدأناه بل سنواصل طريق الإنجاز والإنصات بثبات”. وأكد رئيس الحكومة، على أن الهاجس المتحكم فيما تقوم به الحكومة من إنجازات، هو المصلحة الوطنية بعيدا عن الهاجس السياسوي والانتخابي، مشيرا في هذا السياق إلى أن الحكومة لا تفكر في الانتخابات المقبلة وإنما تفكر في القيام بواجبها، في رد غير مباشر على بعض الاتهامات التي توجه للحكومة والتي تقول “إنها تشتغل وفق منطق انتخابوي”. وبخصوص الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة في المجال الاقتصادي، عبر رئيس الحكومة عن استغرابه لطريقة مناقشة فرق المعارضة للشق الاقتصادي من الحصيلة المرحلية، مشيرا إلى أن ما يقال في هذا الجانب هو بعيد كل البعد عن الحقيقة، وينم إما عن جهل بالواقع الاقتصادي لبلادنا أو عن تجاهل بهدف تغليط الرأي العام، والمضي في نهج التبخيس الذي قال “إن بعض المداخلات جعلت منه منهجا وحيدا لمناقشة الحصيلة”. وليفند ما ذهبت إليه بعض فرق المعارضة، ذكر سعد الدين العثماني بمجموعة من المعطيات الرقمية التي أوردتها المندوبة السامية للتخطيط، كنسبة النمو التي حققتها بلادنا سنة 2018 والتي قدرت ب 3 في المائة رغم سنة فلاحية متوسطة، حيث تراجع تطور نسبة القيمة المضافة الفلاحية من 15.2% سنة 2017 إلى 4% سنة 2018. وأضاف رئيس الحكومة أنه بحسب التوقعات الأخيرة التي أعلن عنها بنك المغرب يوم 18 يونيو الجاري، فقد راجعت هذه المؤسسة نسبة النمو المتوقعة بالمغرب سنة 2019 لترفعها إلى 2.8% عوض توقعات شهر مارس الماضي التي حددتها في 2.7%، كما توقعت هذه المؤسسة أن يحقق المغرب نسبة نمو تصل إلى 4% متم 2020، مؤكدا في السياق ذاته، أن تحديد بلوغ متوسط نسبة نمو ما بين 4.5 إلى 5.5 كهدف في متم هذه الولاية الحكومية، “انطلق من قناعتنا بضرورة تحقيق نمو هيكلي وليس مجرد نمو ظرفي”. وبالنسبة للجانب المتعلق بدعم المقاولات والاستثمار، ذهب رئيس الحكومة إلى اعتبار ما أوردته بعض المداخلات والتي قالت إن هناك عددا كبيرا من المقاولات أفلست وتم إغلاق عدد كبير منها، أنها مجرد مغالطات يفندها واقع دينامية المقاولات الوطنية، وكذا الإصلاحات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لصالح المقاولة اقتناعا منها بدورها في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وإحداث فرص الشغل، مشيرا في هذا الصدد، إلى أرقام المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية التي تفيد أنه تم إحداث أكثر من 92700 مقاولة جديدة في نفس السنة، أي ما يمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بسنة 2017، وهو أكبر ارتفاع منذ عشر سنوات. وبالمقابل، ذكر رئيس الحكومة، أنه تم تسجيل انخفاض معدل إفلاس الشركات لأول مرة منذ سنوات، إذ تراجع عددها بما يناهز 1% بين 2017 و2018، لينتقل من 8020 شركة إلى 7944، وهو أول انخفاض منذ عشر سنوات أيضا، علما بأن نسبة إفلاس الشركات بالمغرب غير بعيدة عن مثيلاتها في الدول المتقدمة، موضحا أن الحكومة، في نظره، قامت بمجموعة من الإصلاحات من أجل الحد من صعوبات المقاولة، وعملت على إخراج القانون رقم 73.17 بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة. ويعتبر هذا القانون من الإصلاحات الجوهرية ذات الوقع المباشر على حياة المقاولة، بما يوفره لها من مواكبة ودعم سواء في إطار الوقاية من الصعوبات التي قد تعترض نشاطها، أو معالجتها عند الاقتضاء. وتطرق في سياق متصل إلى مجموعة من الإجراءات التحفيزية لدعم وتحفيز الاستثمار الخاص، ودعم المقاولة وخاصة المقاولة الصغرى والمتوسطة، ويتعلق الأمر بورش إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار الذي تحلت فيه الحكومة بالجرأة، وكذا إرجاع متأخرات الضريبة على القيمة المضافة “40 مليار درهم” وهو العمل الذي قال عنه رئيس الحكومة “إنه عمل غير مسبوق وجريء”. وكنتيجة لذلك، أفاد سعد الدين العثماني أن تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة عرف نمواً مطرداً بين الفترة الممتدة من 2016 إلى 2018، حيث بلغ 32,8 مليار درهم، بزيادةٍ تقدر بنسبة 55%، وأن مرد ذلك في نظره، تراكم مجموعة من الإصلاحات المعتمدة من أجل تحفيز الاستثمار في بلادنا، والتي تعددت أشكالها بين إصلاحات هيكلية وقانونية، وتدابير وإجراءات وردت في قوانين المالية. ولعل ما يؤكد هذا المجهود، على عكس ما جاء في تدخلات بعض المستشارين، هو التقدم في تصنيف مؤشر ممارسة الأعمال (Doing Business) من الرتبة 75 سنة 2016 إلى الرتبة 60 سنة 2018. إضافةً إلى ذلك، تموقع المغرب عام 2018 من بين الخمس بلدان الأولى على المستوى الإفريقي لجاذبية الاستثمارات المباشرة الخارجية حسب تقرير 2019 لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة CNUCED. إلى ذلك أكد رئيس الحكومة، أنه يلتزم ب “خطاب الصراحة والوضوح مع المؤسسة التشريعية ومن خلالها مع الرأي العام”، مشيرا إلى أن هناك مجالات حققت فيها الحكومة أكثر مما التزمت به في البرنامج الحكومي، وهناك مجالات أخرى لم يرق ما تحقق فيها إلى مستوى الطموحات، معربا عن أسفه لغياب الموضوعية في بعض الانتقادات الموجهة للعمل الحكومي، داعيا إلى الكف عن إطلاق الكلام على عواهنه، وتقديم معطيات حقيقية ودقيقة حول كل تلك الاتهامات التي توجه للحكومة سواء تعلق الأمر بالصفقات العمومية أو التعيين في المناصب العليا، مؤكدا التزامه كرئيس للإدارة بالقيام بكافة التحريات اللازمة في أي شكاية محددة، وإتباعها بما يلزم من المحاسبة والتدابير والإجراءات القانونية، دون محاباة أي جهة، وكذا لإصلاح ما ينبغي إصلاحه.