مسؤولون قضائيون قاربوا في مائدة مستديرة اجتهادات المجلس الأعلى ومختلف الإشكالات القانونية المطروحة المنازعات بشأن قضايا الكراء خاصة فيما يتعلق بأداء السومة الكرائية وتحديدها والإفراغ وآجاله، وتعدد النصوص القانونية المتعلقة بالكراء وتباين التفسيرات القضائية لعدد من المقتضيات بين مختلف المحاكم، هذا فضلا عن المستجدات التي حملها مقترح القانون المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، شكلت محاور قاربها طيلة مساء يوم الأربعاء الأخير، بمقر محكمة الاستئناف بالرباط عدد من رؤساء وأعضاء غرف بالمجلس الأعلى ورؤساء وقضاة بمحاكم الرباط، سلا، تمارة والخميسات وعدد من المحامين. وأكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط إدريس بلمحجوب في كلمة ألقاها في افتتاح هذا اللقاء، أنه رغم تعدد النصوص القانونية الصادرة بشأن الكراء، إلا أن التطبيقات القضائية والقرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء، وهي بمثابة اجتهادات قضائية في النوازل المتعلقة بالكراء، تمكن من توحيد العمل القضائي، مبرزا أهمية وجود نص قانوني واضح يحدد بشكل دقيق العلاقات التعاقدية بين الكاري والمكتري ويضمن شروط تحقيق الاستقرار في هذه العلاقة والحد من المنازعات، هذا فضلا عن ملاءمته مع التطورات الطارئة داخل المجتمع وتشجيع الاستثمار في السكن المعد للكراء. وأوضح أهمية طرح موضوع منازعات الكراء وتداوله من قبل مهنيي القضاء وذلك اعتبارا لكونه يهم شريحة واسعة من المواطنين والمنعشين العقاريين والمستثمرين في مجال السكن المعد للكراء أو محلات للتجارة والصناعة أو الحرف المهنية، مؤكدا في ذات الوقت أنه يمكن أن يكون هناك تباين بين قضاة محاكم الموضوع بمختلف درجاتها بخصوص بعض النوازل لكن بالرجوع إلى قرارات المجلس الأعلى خاصة الصادرة عنه، مؤخرا، والتي تبرز توجهاته ومسايرته للتطورات الطارئة على المجتمع، يمكن الحسم في قضايا معينة بشكل سلس وسريع. ومن جانبه أورد محمد العيادي رئيس غرفة بالمجلس الأعلى المتخصصة بقضايا الأكرية، عددا من منازعات الأكرية المعقدة والتي بت فيها المجلس وأصدر قرارات تعد بمثابة اجتهادات قضائية تمكن من استقرار العلاقة بين المكري والمكتري سواء تعلق الأمر بمحل مكري للسكن أو محلات تجارية أو ممارسة مهن وحرف، مشيرا إلى عدد من قضايا الأكرية التي اعتمد في مقاربتها المجلس الفقه المالكي لسد الثغرات التي يمكن أن تظهر خلال تطبيق بعض المقتضيات خاصة تلك المتعلقة بتحديد السومة الكرائية. كما تناول بعض توجهات المجلس التي حاول من خلالها توحيد الاجتهاد بالنسبة لمحاكم الموضوع، داعيا إلى اعتماد مجلة قضاء المجلس الأعلى كمرجع للاطلاع على اجتهادات المجلس بهذا الخصوص. هذا وقاربت الندوة عددا من المواضيع همت استعراض «المسائل الخلافية المتعلقة بمنازعات الكراء المدني من طرف امبارك بوطلحة قاض بالمحكمة الابتدائية بالرباط، ثم «إشكالية تطبيق مقتضيات الفصلين 13 و14 من ظهير 1980/12/25» وهو موضوع تناولته لطيفة الجوهري قاضية بالمحكمة بسلا، فيما طرح عبد الرحيم القريشي قاض بالمحكمة الابتدائية بالرماني موضوع «تنازع الاختصاص بين المحاكم التجارية والمحاكم الابتدائية بخصوص قضايا الأكرية». فيما تركزت مداخلة أمينة ناعمي قاضية بالمحكمة الابتدائية بتمارة، حول «إنهاء مدة الكراء وطلب الإفراغ»، بينما قارب الأستاذ عبد الله الكرجي قاض بالمحكمة الابتدائية بالرماني «إشكالية الإثبات في الكراء المدني»، وقاربت الدكتورة أمينة غميزة «المقتضيات المتعلقة بكراء الأملاك الوقفية على ضوء مدونة الأوقاف». ومن جهته تطرق رئيس المحكمة الابتدائية بسلا حميد باية، إلى المستجدات التي يتضمنها القانون المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي»، مبرزا نماذج لعدد من المنازعات التي قد تطرأ بين المكري والمكتري خاصة في حالة عدم وجود عقد مكتوب وعدم تحديد السومة الكرائية.. ومن جانبه ركز أحمد العمراني الخالدي رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بالرباط على موضوع «مساطر استيفاء دين الكراء»، مشيرا إلى الأهمية التي يحظى بها موضوع تحصيل الدين بصفة عامة والذي قد يؤدي إلى الإفلاس. وأوضح المتحدث أن هذا الجانب كان أحد الأسباب التي دفعت وزراة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية إلى إنجاز دراسة خلال سنة 2008، والتي شملت 16 محكمة موزعة على جميع أقاليم المملكة. وأشار المتحدث إلى أهمية إقرار قانون ينظم العلاقات الكرائية، خاصة وأن الدراسة سالفة الذكر أظهرت أن هذا القطاع أي «العقار المعد للكراء» ساهم سنة 2005 بنسبة 1.5 في المائة في الناتج الداخلي الخام، في حين أنه يعاني من عدد من الاختلالات أهمها تراكم القضايا المطروحة أمام المحاكم. وأورد أرقاما بهذا الخصوص، والتي تهم المحاكم بجهة الرباطسلا زمور زعير، حيث سجل أن هناك 404 ملفات أمام المحكمة الابتدائية بالرباط يخص أداء الكراء، و316 من الملفات توجد في إطار المسطرة العادية، و19 قضية تروج أمام المحكمة الابتدائية بتمارة.