في تواشج بين صوت الشاعرة ندى الحاج وصوت الفنانة سعيدة وعزف ثلاثي جبريل بناني وحضور شغوف بالشعر، نظمت دار الشعر بمراكش، تحت إشراف وزارة الثقافة والاتصال، فقرة جديدة من “شعراء بيننا” مؤخرا بالقاعة الصغرى المركز الثقافي الداوديات بمراكش. هذه الفقرة التي أطلقتها الدار ضمن برمجتها الشعرية هذه السنة، والتي استضافت من خلالها وجوها وتجارب شعرية عربية ومغربية من بينهم، الشاعر اليمني أحمد الفلاحي والشاعر المغربي المقيم في فرنسا ميمون الغازي. وأكد الشاعر عبد الحق ميفراني مدير دار الشعر بمراكش، على رغبة الدار في “أن تفتح كوة شعرية جديدة على المنجز الشعري العربي”. الشاعرة اللبنانية ندى الحاج، والى جانب الثلاثي الموسيقى برئاسة عازف الكمان جبريل بناني وحضور الصوت الغنائي المتميز للفنانة المراكشية سعيدة ضياف، نسجوا أمسية رائقة تقاطعت داخلها الكلمة الشعرية مع الصوت الغنائي الراقي والعزف المنفرد للثلاثي الموسيقي. وأعربت الشاعرة ندى الحاج عن سعادتها في أن تفتتح زيارتها للمغرب بلقاء جمهور دار الشعر بمراكش، متوقفة عند علاقتها بالشعر والكتابة وقيم الحب وعوالم الصوفية. وقد سافرت الشاعرة مع الحضور، من خلال قراءاتها الشعرية عبر دواوينها الشعرية الصادرة، في سفر شعري من “غابة الضوء” إلى “كل هذا الحب” إلى “بخفة قمر يهوي”، إلى “تحت المطر الأزرق” انتهاء ب “أثواب العشق”. وتنتمي الشاعرة اللبنانية ندى الحاج، إلى أسرة أدبية عريقة، فهي ابنة رائد قصيدة النثر العربية الشاعر أنسي الحاج. والدتها أحد وجوه فرقة المسرح الحديث في منتصف الستينات. صدر للشاعرة مجموعة مجاميع شعرية: “صلاة في الريح”، “أنامل الروح”، “رحلة الظل”، “كل هذا الحب”، “غابة الضوء”، “بِخفة قمرٍ يهوي”، “أثواب العشق”، “تحت المطر الأزرق”.. كما تِرجمت لها قصائد إلى الانكليزية ونِشرت في أنطولوجيا شعرية بعنوان “شعر نساء عربيات” أعدتها الباحثة والشاعرة الفلسطينية ناتالي حنظل، إلى جانب ترجمات إلى اللغات الفرنسية والإسبانية ضمن انطولوجيات أخرى للشعر العربي المعاصر. وتعتبر الشاعرة ندى الحاج أن “الشعر هو الخلاص من هلاك الروح المتخبطة في المجهول، في اللاجدوى والخوف”، لذلك عندما انخرطت في مجال الكتابة، وهي صغيرة، فكانت تستجيب لنداء داخلي قوي يسكنها. الشعر بالنسبة إلى الشاعرة ندى الحاج هو حياتها الداخلية “والوجه الحقيقي لمكامن روحها التي تبحث عن المعنى وتحفر في الوجدان، تائقةً إلى الماورائيات في رحلة صوفية عميقة”، الشعر هو ذاتها وكينونتها، لذلك شبهت الشاعر ب “الخيميائي الذي يستنبط الجواهر من الوحول ويكشف الحجب عن الظاهر والمرئي”. سليلة “بيت الحداثة الشعرية العربية”، الشاعرة ندى الحاج، والتي شبهت والدها الشاعر أنسي الحاج ب “صوت المطر” والذي لا زال يسكنها إلى اليوم، اعتبرت عبورها من بيروت إلى مراكش في زيارتها للمغرب، وضعا طبيعيا لدخول طبيعي. فمراكش بثقلها التاريخي والحضاري وعطائها الشعري والأدبي والثقافي والفني، تظل منارة ثقافية بامتياز. ونبهت الشاعرة إلى أن تجربتها الشعرية اليوم، قد وصلت لمحطة ولوج لعوالم صوفية، خصوصا مع اقتراب صدور ديوانها الأخير. مقاطع من أشعارها: “أنا ما أرى أحتفل بما لا يرى ولا يخفى أنا ما أرى أحب ما لا أرى وأرتجي ما لا يرى وأصغي أنا ما أرى” “بين فيء شجرة وظل شمس قمر ينتظر سماء وعصفور يرتجل طريقه”.