أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحاجة لإرساء نفس ديمقراطي جديد يكون مدخلا لجيل جديد من الإصلاحات في شتى المجالات. وقال نبيل بنعبد الله، الذي حل، أمس الثلاثاء، ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء لمناقشة موضوع “الشراكة كفلسفة للإصلاح في وسائل الإعلام”، “نحن اليوم في أمس الحاجة لإعادة التأسيس لنفس ديمقراطي جديد، بمساهمة الجميع، يكون مدخلا لجيل جديد من الإصلاحات إعلاميا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا”. وعبر بنعبد الله، وزير الاتصال الأسبق، عن امتعاضه لمتابعة أربعة صحافيين، والحكم عليهم بعقوبة حبسية وغرامة مالية، بسبب نشرهم لأخبار صحيحة، تحصلوا عليها. وقال ببعد الله: “أن يكون أربعة صحافيين موضوع أحكام بالسجن موقوف التنفيذ وغرامة مالية، فهذه إشكالية حقيقية، لأنه في نهاية المطاف، فهؤلاء الصحافيون لم يسرقوا، وكل ما قاموا به هو نشر معلومة كانت بحوزتهم، وهذا دورهم”، مشيرا إلى أنه من غير المقبول أن يتعرض الصحافيون الأربعة لهذه العقوبة الحبسية. وأضاف وزير الاتصال الأسبق، خلال هذا الملتقى الذي أداره الزميل رشيد الماموني مدير الإعلام بوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه كان من الأفيد أن تكون قضية الصحافيين الأربعة، هي أول قضية يبث فيها المجلس الوطني للصحافة، لأن المسألة مرتبطة بأخلاقيات المهنة، وكان من الضروري أن تعالج على مستوى المجلس الوطني للصحافة الذي عليه أن يقارب هذا الموضوع، والبحث عما يمكن أن يسمح بتجاوز هذه القضية، لأنه، بحسب بنعبد الله، لا يجوز أن يتعرض هؤلاء الصحافيون الأربعة لهذه العقوبة الحسبية. وفي السياق ذاته، ذهب محمد نبيل بنعبد الله إلى القول بأن هناك حاجة ماسة إلى التأسيس لنفس الجو السياسي ونفس الإطار الذي ساد خلال الفترة ما بين سنتي 2002 و2007، وأن يساهم الجميع، وفي مقدمتهم الإعلام، في إعطاء نفس سياسي وديمقراطي جديد، يكون مدخلا لجيل جديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، والثقافية، والإعلامية وغيرها من المجالات الحياتية، داعيا وسائل الإعلام إلى عدم اتخاذ العالم السياسي عدوا، وإلى عدم تبخيس العمل السياسي وعمل المؤسسات المنتخبة، مؤكدا بأن مسار الإعلام مرتبط بشكل أساسي بمسار الفضاء السياسي وقوته، وأنه بقدر ما سيتقوى هذا الفضاء، وبقدر ما تتقوى الفعاليات السياسية، بقدر ما سيجد الإعلام فضاء لينمو ويتقدم ويتعزز. وفي نظر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فإن الفاعل السياسي لا يمضي وقته، فقط من أجل مهاجمة الإعلام، في الوقت الذي تخصصت فيه بعض وسائل الإعلام في مهاجمة الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة، دون أن ينفي المتحدث وجود اختلالات وعيوب بهذه المؤسسات. لكنه تساءل في الوقت ذاته، حول ما إذا كان الإعلام، اليوم، خاليا من العيوب؟ أو هل ليست هناك أسئلة حول الإعلام الخصوصي ومحاولة تطويع جزء كبير من هذا الفضاء الإعلامي الخصوصي لخدمة مشروع سياسي معين؟ وفي معرض حديثه عما تحقق في مجال الصحافة والإعلام، خلال المرحلة التي كان فيها وزيرا للاتصال، عبر محمد نبيل بنعبد الله عن أسفه لما وصفه ب “الهدر الزمني”، حيث تم انتظار عشر سنوات من أجل إخراج قانون للصحافة والنشر، الذي لا يرقى، في نظره، إلى مستوى النص الذي تم الاتفاق عليه سنة 2007، وهو النص الذي قال عنه بنعبد الله “إنه كان متقدما جدا، حيث اتفق الجميع، النقابة الوطنية للصحافة والفدرالية المغربية لناشري الصحف والحكومة، على تخفيض العقوبات السالبة للحرية، من 24 إلى 4 عقوبات فقط، وبعد ذلك تم إدراج صيغة الاختيار بين العقوبة الحبسية أو الغرامة”، لكن، يضيف الوزير السابق، فإن التقاطبات والعراقيل التي عرفتها تلك المرحلة، والاتفاق الذي لم يتم إلا في الأنفاس الأخيرة من عمر الحكومة، أدى إلى إجهاض ذلك المشروع. وفي معرض جوابه على سؤال بشأن النقاش الرائج حول قانون الإطار للتربية والتكوين، والنقط الخلافية المثارة حول لغات التدريس، وصف نبيل بنعبد الله النقاش الرائج بهذا الخصوص ب “النقاش الزائف” لأن المهم في نظره هو إصلاح المدرسة العمومية وإصلاح المناهج وإقرار المساواة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى التعليم كما هو منصوص عليه في الدستور والارتقاء بالمواد البشرية، والبحث عن الحل بالنسبة للغة انطلاقا من الدستور الذي يجعل من اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب اللغة الأمازيغية، والانفتاح على اللغات الأجنبية لأنه لا مفر من ذلك إذا أردنا أن نحقق التقدم والرقي لشعبنا، معربا عن أسفه لهذا التشنج الإيديولوجي بين التوجه المحافظ وبين المغالاة في الاتجاه الآخر الذي يرى أن اللغة العربية غير صالحة لا للبلاد ولا للعباد. إلى ذلك، اعتبر نبيل بنعبد الله أن الإصلاحات التي شهدها قطاع الإعلام بالمغرب، منذ بداية الألفية، كانت ثمرة لإرادة سياسية قوية على أعلى مستوى ولمقاربة تشاركية لكافة المتدخلين توخت النهوض بهذا القطاع، مذكرا بأنه تم في هذا الإطار اعتماد مقاربة تضم ثلاثة عناوين تتمثل في؛ تطوير الإطار القانوني للفضاء الإعلامي، والسعي إلى تأهيل المقاولة الصحفية وتثمين مكانة الصحافة والصحافيين، والتنظيم الذاتي. وسجل بنعبد الله أنه بفضل الزخم، الذي تولد آنذاك عن الشراكة الوثيقة بين وزارة الاتصال مع كافة المهنيين، تم في مجال الصحافة المكتوبة التوقيع على أول عقد برنامج لتأهيل مقاولة الصحافة وإضفاء مزيد من المهنية على عملها ولدعمها على أساس من الوضوح والشفافية. وأضاف أنه تم في السياق ذاته إبرام أول اتفاقية جماعية مع الفدرالية المغربية لناشري الصحف ساهمت في الرفع من مكانة الصحافيين، وكذا إحداث الجائزة الوطنية للصحافة وإشراك الفاعلين الإعلاميين في تنظيمها، فضلا عن إحداث الهيأة المغربية للتحقق من روجان الصحف بشراكة مع الفاعلين المهنيين. وفي ما يتعلق بالفضاء السمعي البصري، أشار وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة سابقا إلى بعض المنجزات المحققة بالمجال من قبيل التوقيع على العقد البرنامج بين الدولة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والعقد البرنامج بين الدولة والقناة الثانية، وكذا البدء في الاشتغال بالبث الرقمي، وإحداث أول قنوات قطب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والشروع في قياس نسبة المشاهدة والاستماع في الفضاء السمعي البصري، بالإضافة إلى إحداث عشر محطات إذاعية. أما في المجال الاجتماعي فقد تطرق بنعبد الله إلى موضوع توحيد الأنشطة الاجتماعية لجمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالإضافة إلى تأسيس مركز للاصطياف خاص بهذا القطاع.