نظم المجلس البلدي لمدينة أكادير مساء يوم السبت 23 فبراير2019 بقاعة إبراهيم الراضي حفلا تكريميا للفنان الفوتوعراف سعيد أوبراييم بمناسبة نيله وسام التمييز من الفدرالية الدولية للفن الفوتوغرافي.. وجاء هذا التكريم أيضا تتويجا لمساره المهني والإبداعي الغني بالصور والمشاهد واللقطات حيث يمزج الفنان أوبراييم بين اللقطة الفنية وبين توثيق الذاكرة. التكريم حضره السيد صالح المالوكي رئيس المجلس الجماعي لأكادير وعدد من المنتخبين بالبلدية ومجلس الجهة، وفنانون ومثقفون من المدينة والنواحي.. وعدد من الإعلاميين وأصدقاء المكرم.. وتميز الحفل بشهادة قيمة ألقاها صديق المكرم الناشط الجمعوي الأستاذ يوسف غريب ويسر بيان اليوم أن تقترحها على قرائها فيما يلي: شكرا الأخ سعيد أوبراييم على هذا التشريف… صدقوني حضورنا الكريم إذا قلت لكم بأني عاجز عن تقديم شهادة شاملة للمسار الفني لهذه الفعالية التي اجتمعنا اليوم للاحتفال بها.. لكني أستطيع أن أقول.. انطلاقا من المعاشرة والمرافقة المشمولة بالكثير من البوح الصادق.. أستطيع أن أقول، وبمعنى من المعاني، إننا أمام دبلوماسية موازية يقودها سفير متجول بين أكثر من 38 صالون دولي بمختلف القارات الأمريكية، الأوروبية والآسيوية منذ 2008.. وبهذا الحضور النوعي كمثقف فوتوغرافي جعل الصورة تتحول إلى شخصية قوية تفرض على المشاهد هبتها وبحمولة فكرية تحاول أن تقاوم.. بل وأن تحارب كليشيهات المغرب المصور في البطائق البريدية والانتقال بها إلى الرسالة والتعبير، بل والارتقاء بها إلى مصاف التوثيق كشاهدة على الحاضر للأجيال القادمة بنفس جمالي وبرؤية استشرافية تهدف إلى تصالح الإنسان مع ذاته ومحيطه من جهة، وتصالح الشعوب والأمم في ما بينها من جهة ثانية.. ولعل الغاية من إقامة معرض لرحلته إلى هضبة التيبيت الصينية تؤكد هذا المنحى بالأساس وتبرز دور الصورة وأهميتها في التقارب بين الشعوب… هو مشروع ثقافي يشتغل عليه الأستاذ سعيد اوبراييم ويتغيأ من خلاله المزج بين جمالية الصورة وعلم التوثيق وأدب الرحلة.. نعم… لا يختلف عن ابن بطوطة في توثيق رحلته إلا في الأداة… هي آلة التصوير. لكن الحفيد تجاوز جده في الذهاب بعيدا وإلى أعلى قمة لكي يشرب الشاي المغربي هناك وبالطريقة المغربية والبراد المغربي…. وفعلا شرب الشاي هناك فوق الهضبة.. حتى في الحلم لا يمكن أن نفكر يوما في السفر إلى التيبيت.. لأنك ذاهب بحلمك إلى سقف الدنيا كما سماها الأوائل / القلائل الذين عادوا من هناك.. ووثّقوا تجربتهم… والغريب أن الذي فكر ودبّر ونفّذ هذه الرحلة لم يكن حلما بل رؤيا بشكل من الأشكال… ذاك أن رحالتنا وفي أحد أيام أبريل 2008 يتابع بالصدفة شريطا وثائقيا بثته إحدى القنوات الغربية عن عادات وتقاليد منطقة جبلية.. اعتقد من خلال الوجوه المعروضة أنها لساكنة إميلشيل ليصحح المعلق هذا الاعتقاد والذي أخطأت عيناه فيه الهدف… واللقطة على غير العادة.. لم ينم تلك الليلة، وبقدر ما لم يغفر لنفسه حجم الخطأ، وهو فوتوغرافي عالمي محترف، بقدر ما تساءل عن هذا التقارب حد التشابه بين ساكنة إميلشيل شرقي المغرب وبين ساكنة هضبة التيبيت هناك في أعلى قمم العالم، إلى درجة أنه أخطأ التقدير، وهو مشهود له بحرفيته في مجال التصوير، ففي الأمر ما يدعو إلى الحيرة والاستغراب… لكن المناسبة كانت بمثابة إعلان شد الرحال إلى هناك… بدافع فضولي معرفي خالص يتغيّأ تصوير وجوه هناك بعين المكان ومقارنتها مع القرية المغربية… لم تتحقق الخطوة إلا بعد سنتين صيف 2010… كانوا عشرة في البداية… ومع اقتراب الموعد انطلق مسلسل الأعذار إلا هو… صاحب الرؤية الذي خطط لكل شئ.. الطريق والمسار.. التخطيط والإعداد المادي والنفسي… كان يسارع الوقت والزمن لتحقيق رغبته هذه السنة بالضبط.. وإلا عليه أن ينتظر أكثر من سبع سنوات نظرا لتزامن العطلة مع رمضان.. ..وسَافر.. بل وما زال مسافرا حتى بعد عودته من هناك.. وإلى الآن.. وهو يحكي لك بعض تفاصيل الرحلة التي استغرقت 45 يوم (بزيادة خمسة أيام) يتولّد لديك انطباع بأنك أمام سفر وجداني وتحول روحيّ يتداخل فيه، بين المرحلتين، ما هو فيزيقي – فعلي وما هو ذهني وجداني… يصبح فيه السفر يقود المسافر نفسه من مستوى الإدراك الحسي للأشياء إلى مستوى إبداع تصور عميق للحياة؛ إذ يلاحظ المرء وهو يتابع الحكي أن الأستاذ سعيد أوبراييم ذهب إلى هناك من أجل أن يصوّر الحياة… فعاد بتصوّر عن الحياة.. بدأ كل شيء هنا بالبيضاء التي وصلها رغما عنه متأخرا.. كل المحاولات تؤكد نهاية الرحلة.. إلى صبيحة الغد وبشكل مفاجئ يخبر الرحالة بتذكرة يفصله عن موعها نصف ساعة نحو المطار… كان وسافر وتغير كل شيء وتركت الرحلة لقدرها… وهي العلامة الأولى التي حولت الرحلة نحو آفاق أكثر رحابة وقدسية وإطلاقا. ألم يدعو القرآن المبين نفسه إلى ذلك بقوله تعالى (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق)… وهو ما ذهب إليه الرحالة نفسه في كتابه حول مذكرات “الشاي بالتيبيت”، حيث يقول: “صعب جدا أن أفسر سفري… فأنا لم أشاهد التيبيت بل أحسست بها.. لم أضبط الرحلة… هي من قادتني، لذلك أعتبرها دعوة لاكتشاف التراث الروحي لهذه الهضبة الغامضة الساحرة الفاتنة… رحلة في عمقها جعلتني حين أبحث عبر المقارنة أوجه الاختلاف بين الثقافات إلا وفوجئت بأوجه التشابه”.. هكذا تحولت الرحلة إلى السفر عن العيوب نحو تطهير النفوس والقلوب وتوسيع دائرة المعارف والمدارك بملاقاة وجوه لا يعرفها ويتآنس معها…أو هي لحظات الوحشة والرهبة والخوف في أحايين أخرى تماما كما عاشها الرحالة.. إذ تعذر عليه الدخول إلى الهضبة لظروف غير طبيعية واختار وبالصدفة مدينة تكون قريبة… المدينة / الصدفة تحولت إلى كابوس حقيقي في حياة الرحلة. بعد الوصول، وفي قمة العياء، لاحظ أن كل من استفسر عن أقرب فندق يفر هاربا ويغير الاتجاه.. من كل الفئات، الشباب والشيوخ وحتى النساء… ترجّل ودخل إلى فندق خمس نجوم، وحتى قبل أن يلجأ البوابة تمّ دفعه إلى الخارج… لحظة جد في مسار الرحلة والسفر… أسئلة وتساؤلات تتزاحم في الرأس آخرها كما يقول حفيد ابن بطوطة نفسه (لنفرض جدلا بأن أجلي قد قضي عنها… من في العائلة والأصدقاء يعرف بأني موجود في هذه النقطة من العالم).. قبل أن يجد فندقا بسيطا في أحد الأحياء الشعبية، بعت رسالة إلكترونية إخبارية لأحد معارفه بألمانيا… ليستيقظ صباحا ويزداد هذا الهروب والنفور.. ويزداد ارتفاع منسوب اليأس والإحباط من الرحلة كلها… نازلا من منحدر طويل ولمسافات… يميل وجهه يمينا، يقول: (حين شاهدت بناية لمسجد ضخم اعتبرت الأمر وبدون تردد خلاصا من الله)… تحوّل الرحالة إلى إمام ومقرئ ومفسر حسب الظروف ولمدة 13 يوما، وقطع وعدا مع محافظ المسجد هناك بأن يلتقيا بمكة المكرمة لأداء مناسك الحج… وبالفعل وبعد سنتين التقيا بالديار المقدسة وسط ملايين من الحجاج… هي علامات لسفر روحاني لا يجد مجال تحركه في واقع الأمر إلا داخل ذات المسافر.. وهو بهذا المعنى يكون رمزا للمزيد من التطهير تماما كما في نهر الغانج، حيث الموت يخالط الحياة بنفس التلقائية والعفوية.. يقول أحد البوذيين وهو يخاطب الرحالة سعيد اوبراييم (لا أحد في العالم يمكن أن يرشي نهر الغانج ولا أن يفسد روحه فإذا زعمتم أن ماءه ملوث فإنه في حد ذاته صاف).. ففي خضم هذه الحالات والمشاهد والتناقضات التي تبقى مستمرة في الغموض ودون أجوبة… منها تلك الجغرافيا التي لا تزار بل تعاش كالهند مثلا… إلى ساكنة بيناريس واللغز المستعصية عن الفهم… إلى الهضبة عبر أعلى قطار في العالم والسير لمدة يومين… والاستيقاظ ذات صباح على إيقاع أحواش (أجْماكْ) ولم يخطئ السمع هذه المرة… ولذة شرب الشاي بالطريقة المغربية بإحدى الشرفات… وصولا إلى ملاحظة ذلك البوذي الذي تابع اهتمام الرحالة بتصوير انعكاس ضوء القمر على بحيرة واسعة مشيرا بأصبعه إلى السماء.. هو الأصل، أما هنا فهو انعكاس زائل.. تسع سنوات من عمر الرحلة الآن وفي رصيدها أكثر من 13 ألف صورة تمّ استثمار جزء منها في شريط توثيقي عبر تيمة (الوجه أصل الحكاية).. الآن وبعد السفر إلى قرية إميلشيل دجنبر الماضي، اكتشف أنها تسمى عبر وثائق أجنبية (بالتيبيت الصغيرة)، سيتمم مشروعه الذي ذهب من أجله إلى الهضبة هناك بسقف العالم من أجل تصوير الحياة فعاد بتصور عن الحياة والوجود والإنسان.. هو ليس شعور اللحظة… بل شعور الأبد…. **** * من أهم الجوائز المحصل عليها حاز الفنان سعيد أوبراييم، وهو عضو بجمعية جمعية التصوير الأمريكية (PSA)، على عدة جوائز عالمية منها: جائزة وسام الشرف AIP.HM (Atlantic Institute of Photography من نيوجيرزي بالولاياتالمتحدةالأمريكية. جائزة FIAP.HM من طرف الفيدرالية الدولية للفن الفوتوغرافي. جائزتان منحتا للفنان في إطار Pacific-Atlantic International Photographic Circuit 2016 (الولاياتالمتحدةالأمريكية وسنغافورا واليونان). جائزة GPU.Ribbon (Global Photographic Union ) Chypre ضمن المسابقة الدولية للصورة الرقمية بقبرص 2016. جائزة أحسن عمل فني بمسابقة ACAD 2016ب Saint-Denis (Orléans) بفرنسا. حائز على امتياز فنان بالفيديرالية الدولية للتصوير الفوتوغرافي (AFIAP) منذ 2014 * من أهم أعماله اشتهر الفنان سعيد أوبراييم بأسلوبه الخاص في التقاط الصورة والاشتغال على تيمات مختارة بعناية، وراكم ريبرتوارا مهما في هذا المجال، نذكر منه على سبيل المثال: إكودار (الحصون الجماعية بالجنوب المغربي) مدينة تافراوت نبتة أجكال موسم طانطان مدينة أكادير جوهرة الجنوب