في الوقت الذي أبدت فيه رئاسة الحكومة منسوبا عاليا من الارتياح حيال الترتيب الذي حصل عليه المغرب في مؤشر مكافحة الرشوة، حيث أكدت أنه يعتبر ضمن الدول العشرة الأوائل دوليا، قلل مسؤولو ترانسبارنسي المغرب، من أهمية تلك النتيجة على اعتبار أن تأثير هذا التحسن يبقى محتشما على واقع حياة المواطنين، مؤكدين أن طريق القضاء على الفساد لازال طويلا. وقال عز الدين أقصبي، عضو الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، خلال الندوة الصحفية التي نظمتها مساء أول أمس الثلاثاء بالرباط، ترانسبارنسي المغرب، لتقديم مضامين التقرير السنوي الخاص بمؤشر إدراك الرشوة برسم 2018، إن “تحسن التصنيف في مؤشر إدراك الرشوة، كما يقول بلاغ الحكومة، يبقى مجرد إعلان نوايا أو تصريح ليس إلا، لأن المحك الحقيقي يرتبط بتنفيذ مضامين هذه الإصلاحات ودخولها حيز التنفيذ”. وأبدى أقصبي نوعا من التشاؤم حيال مسار محاربة الفساد والرشوة، على اعتبار وجود تأخر في انعقاد اجتماع اللجنة الوطنية لتنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد، دون مبرر يذكر. وأضاف أقصبي مبديا استغرابه من التأخر الكبير الذي وصل إلى ثلاث سنوات فيما يتعلق بتنزيل مضامين الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. فرئيس الحكومة، يقول المتحدث، يقدم وعودا بتنفيذ مضامينها وتنزيلها على أرض الواقع وعدم التساهل في محاربة الفساد والرشوة، في حين يبدي وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية محمد بنعبد القادر، تحفظه على هذه الإستراتيجية مصرحا بعدم إمكانية تفعيلها لكونها تتطلب جهدا ماليا كبيرا، وفق ما أورده عضو الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة. هذا ولم يفت عضو ترانسبارنسي المغرب أن يبدي نوعا من الانتقاد حيال تصنيف الدول في مؤشر إدراك الرشوة، حيث أن بلدانا احتلت صفوفا متقدمة علما أن الواقع يشي بالتراجع البين، معتبرا أنه، في المجمل، وحتى تفي بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتزاماتها في مكافحة الفساد، يتعين أن يطرأ تغيير حقيقي في تعامل هذه الدول مع المؤسسات والحقوق السياسية ومنظومة الضوابط والتوازنات وغيرها من أسس الديمقراطية. من جانبه، أكد أحمد البرنوصي، الكاتب العام لترانسبارنسي المغرب، خلال هذه الندوة، أن التوصيات التي تضمنها التقرير السنوي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية برسم 2018، والتي تهم بشكل خاص المغرب، أكدت على ضرورة توفر إرادة حقيقة لتنفيذ مضامين الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، والنهوض بالشفافية والنزاهة في المرفق العام، وإعمال المساءلة عبر تنفيذ الإصلاحات الضرورية وتنزيل القوانين ذات الصلة، خاصة القانون الخاص بالحق في الحصول على المعلومات، واعتماد قانون يهم تضارب المصالح، هذا فضلا عن تمكين مجلس المنافسة من الاضطلاع بالمهام المنوطة به، وإدخال تعديلات على القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، وكذا تعديل قانون التصريح بالممتلكات. وتضمنت التوصيات أيضا دعوة للحكومة من أجل تعزيز المؤسسات المكلفة بتحقيق التوازن بين السلطات، ومعالجة الشرخ الحاصل على مستوى تنزيل الترسانة القانونية، ودعم هيئات المجتمع المدني المنخرط في متابعة صرف الأموال العمومية، وكذا دعم وسائل الإعلام المستقلة وتأمين حماية الصحفيين الرشوة.