«ثورة الجياع» تخرج للشارع من أجل «إسقاط النظام» والداخلية الجزائرية تتوعد بالتصدي في كل عام يحتفل الفرنسيون بذكرى سقوط سجن الباستيل على المستويين الرسمي والشعبي، بعدما أبدعوا في صنع الثورة، واليوم وبعد مرور أزيد من قرنين، أبدع التونسيون ومعهم المصريون في خلق ثورة من جيل جديد، فاح عطرها نحو فضاء العالم العربي. واستطاعت تونس الخضراء تصدير تسونامي التغيير إلى دول الجوار، فكانت البداية من مصر، ثم إلى اليمن فالأردن، ومن ثمة إلى بلدان عربية أخرى... تسونامي التغيير، تقترب من الجزائر في صمت، فالظروف والتطورات المتسارعة التي تشهدها الجارة الشرقية، تشير إلى حدث قد ينتقل من مسيرة شعبية إلى ثورة سيطلق عليها لا محالة «ثورة الجياع»، حيث لم تتأخر مجموعة من مكونات المجتمع الجزائري في الدعوة إلى مسيرة شعبية تطالب برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. في الخامس والعشرون من يناير الماضي، وجهت «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية» بالجزائر، المشكلة من نشطاء حقوقيين، أكاديميين ونقابيين، دعوة للشعب الجزائري عبر موقع اليوتوب من أجل المشاركة في المسيرة المرتقبة من أجل «تغيير النظام»، يومه السبت، وظهر في شريط الفيديو الذي بث عبر اليوتوب الأكاديمي والصحفي، فوضيل بومالة، وهو يدعو الشباب للمشاركة في المسيرة من فوق سطح إحدى البنايات. شدة اللهجة بدت واضحة خلال دعوة بومالة للشارع الجزائري: «نريد أن نتحرر عن طريق المسيرة من واقعنا.. من السلطة.. ونريد أن تكون جزائر للذكاء والإقلاع الاقتصادي»، وأضاف «مسيرتنا مسيرة شعبية شبابية. مسيرة للقطيعة النهائية مع النظام»، داعيا إلى تحقيق استقلال ثاني في الجزائر. دعوات مستمرة ومتكررة للشعب الجزائري من أجل المشاركة في المسيرة، وشبان أكدوا بأنهم «جيل التغيير والقطيعة»، معبرين على صفحات الفايسبوك بأنه «يجب على الشعب أن يخرج من أجل أن يقول كلمته ضد الحگرة وإسقاط النظام». على الجانب الآخر، دعى بيان لتنسيقية انتفاضة الشعب الجزائري حصلت بيان اليوم على نسخة منه، «الشباب الجزائري الواعي إضافة إلى الآلاف من الشباب المنضم لمبادرتنا في كل ولايات الوطن أن يثور على الطغيان وأن يزيل دولة الرشوة ومملكة بوتفليقة الفاسدة التي استمدت شرعيتها من الانقلابيين الدمويين ومن المزورين الإداريين الذين يترأسهم كبير الكذابين في الجزائر السيد زرهوني، ولكن ليس بوساطة أي أحد «، على حد تعبير البيان. وأضاف ذات البيان أن «الشعب وحده هو السيد، وليس لأحد الحق في الحديث باسم الشعب، لأن مبادرات شعبية كثيرة تسلل إليها المخربون من أتباع النظام.. ونحن كشباب راغب في التغيير لا ثقة لنا في أحد من الذين منحهم النظام الاعتماد والميكروفون والمنبر.. فهو بنفسه فاقد للشرعية»، مجددا دعوته « للشعب الجزائري ولطليعته الشباب في أن تكون المظاهرات القادمة التي ستنطق يومه السبت حاشدة ومليونية وبدون تخريب، والشباب والشعب سيطرد المندسين وسط صفوف الشعب المنتفض، وعلى من يدعي أن العاصمة ممنوعة على المسيرات إعادة حساباته لأن الشعب سيعصف بكل أحلام بوتفليقة وزمرته ومن ورائهم الانقلابيون وأزلام الإدارة المزورون المرتشون». في ذات السياق، وقبيل أيام من المسيرة، شهدت مناطق عديدة في الجزائر وقطاعات مهنية حساسة غليانا كبيرا نجمت عنه فوضى عارمة، كاستفحال ظاهرة الهجوم على السكنات الشاغرة في ولايات مختلفة، واضطرت حساسية الأوضاع، الحكومة للتراجع عن كثير من القرارات وتجميد العمل ببعض القوانين كإجراءات للتهدئة، تتزامن مع تصاعد حمى الغضب على الأنظمة القائمة في تونس ومصر. وهكذا خرجت المئات من الشباب في مسيرة سلمية بدائرة خراطة، الواقعة على بعد 60 كلم شرق بجاية، متبوعة بتجمع ضخم للمطالبة بتغيير النظام القائم حاليا في الجزائر. قرار مسيرة السبت، استنفر المصالح الأمنية بالجزائر، وسارعت إلى اتخاذ جملة من الإجراءات تحسبا لتطور قد تشهده المسيرة، حيث أعلن عن ساحة أول ماي، وسط العاصمة، أنها منطقة مغلقة، وأعلنت الداخلية الجزائرية عن إغلاق جميع المنافذ المؤدية إلى الساحة، لمنع وصول أي متظاهر إليها، وسيجبر تجار ساحة أول ماي وشارع حسيبة بن بوعلي على غلق محلاتهم التجارية. علما أن «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية» أعلنت أن مسيرتها ليوم السبت، ستنطلق من ساحة 1 ماي باتجاه ساحة الشهداء. إضافة إلى هذا، فإن حركة النقل الحضري ستعرف توقفا واسعا اليوم السبت، بحيث ستمنع أية حافلة أو وسيلة نقل حضري وحتى حافلات الطلبة وسيارات الأجرة من التنقل إلى العاصمة.