أكد ثلة من المثقفين والباحثين، أن البعد الجغرافي للمغرب وعمقه التاريخي المتميز يؤهلانه كمكون ضمن الجسد العربي الواحد، للتأمل بعقلانية في التحولات السياسية والمجتمعية في المجتمع العربي الراهن. وأبرز الأساتذة العربي المساري وكمال عبد اللطيف وحسن نجمي والحبيب بلكوش وعبد الصمد بلكبير، خلال ندوة نظمتها هيآت اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، مساء أمس الثلاثاء، حول موضوع «التفكير في نموذج التحولات السياسية والمجتمعية في المجتمع العربي الراهن»، أن المغرب يتميز ب «فضيلة العقل» التي تحدث عنها طويلا عدد من المفكرين المغاربة أمثال عبد الله العروي والراحل محمد عابد الجابري، وسعيد بنسعيد ومحمد سبيلا وآخرون. واعتبر المشاركون في هذا اللقاء أن الأحداث التي تعرفها بعض الأقطار العربية هي بمثابة «فعل جديد وخلاق ينبثق من سيرورة الحياة السياسية والاجتماعية وربما أيضا ضمن السيرورة الثقافية والفكرية». وبالرغم من ذلك، نبه الشاعر والكاتب حسن نجمي إلى ضرورة «ضبط المفاهيم» عند مقاربة هذه الأحداث، ومنها على الخصوص مفاهيم «الشباب، بيولوجيا وفكريا ونظريا وثقافيا وكفاعلية مجتمعية تلقي اليوم بظلها وتستأثر بالاهتمام». وأبرز نجمي أهمية «التأمل الهادئ والعميق وغير المتسرع وغير المستسهل للمقارنات والتشابهات». وفي مداخلة في هذا السياق حول «التداعيات التي خلفتها الأحداث في مصر على نفسية المتكلم في اللحظة الراهنة وما تثيره من هواجس مغربية»، دعا الباحث والإعلامي العربي المساري إلى «تجنب المزاجية والارتجال» مبرزا «أهمية الحوار والإنصات والإنصات المتبادل، باعتبار أن التغيير ينبثق من الداخل وليس من الخارج». وقال السيد المساري إن المغرب يرفع «شعار التصحيح بدل التغيير»، مضيفا أن المغرب «توصل إلى توافقات طوى بها صفحة سنوات الرصاص»، داعيا إلى «استكمال جدول الأعمال الوطني والتأمل بروح التضامن والتقدير والاحترام والتفاعل الإيجابي الخلاق والحرص على صيانة المكاسب والأوراش». وبعد أن أشار إلى أن ما يجري الآن بعدد من البلدان العربية يتطلب «عيونا أخرى ومفردات أخرى لمعرفة ما يحصل»، دعا الأستاذ كمال عبد اللطيف من جهته إلى أن المشهد العربي الراهن «يستدعي الاحتراس وهو ما يستلزم تمجيد التأني». واستثمر عبد الصمد بلكبير من جانبه «المفهوم الأمريكي .. الفوضى الخلاقة»، من زاوية نقدية، والذي «تختلط فيه الخطابات والأفكار والرهانات والمشاريع ضمن أفق قد يهز الكيان دون خيار تلقائي منبثق من سيرورتنا الثقافية والفكرية والتاريخية والمجتمعية». كما استعار عبد الصمد بلكبير من الروائي الفلسطيني إميل حبيبي، مفهوم «التشاؤل» خلال وصفه لما يحدث في العالم العربي اليوم، مسجلا في الوقت ذاته «غياب المثقف العربي في كل ما يجري الآن». وحذر من خطورة قراءة بعض وسائل الإعلام العربية للحركات الاحتجاجية في الوطن العربي ، التي تقدمها على أنها «مشهد تلفزيوني نتابعه عن بعد». من جانبه أبرز الأستاذ الحبيب بلكوش جانبا آخر يتعلق بالشباب في الوطن العربي الذي يمتلك أنواعا جديدة من الخطاب والتواصل وبالتالي تطوير أنماط تعبيراته السياسية والمطلبية باستثمار تقنيات تواصلية حديثة وشبابية بالأساس. وبخصوص المغرب، أبرز بلكوش أن الاختيارات التي ناضل من أجلها المغاربة وحصلت بشأنها توافقات تؤكد أنها»اختيارات صائبة تسير في اتجاه التاريخ»، مضيفا أن المشروع الديمقراطي المغربي هو نتيجة بناء تاريخي جعل من المواطن حصنا، كما أن الواقع المغربي يتميز برؤية استشرافية.