تتواصل إلى غاية 10 يناير المقبل، الحملة التحسيسية لمناهضة العنف بالمؤسسات التعليمية، والتي تنظمها المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بعمالة مقاطعة عين الشق تحت شعار “جميعا من أجل مدرسة بدون عنف”. وتهدف هذه الحملة التي انطلقت يوم الخميس الماضي، إلى تقوية القدرات المؤسساتية للمدارس في مجال الحماية والوقاية من العنف بكل أشكاله، وكذا الوقاية من العنف داخل المؤسسة وتأمين محيطها، ونشر ثقافة السلم واحترام حقوق الطفل، وترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية والمساواة بين الجنسين داخل المؤسسات التربوية. كما تروم تنشئة التلاميذ بكل الأسلاك التعليمية على الوعي بثقافة الحق والواجب، وتشجيعهم على الانخراط في الأنشطة التي تساهم في صقل مواهبهم وتحفزهم على الإبداع والابتكار. وفي هذا الصدد، أوضحت المديرة الإقليمية بشرى أعرف أن هذه الحملة تأتي تفعيلا لمضامين الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي 2015-2030، وتحديدا المشروع المندمج التاسع الرامي إلى الارتقاء بالعمل التربوي داخل المؤسسات التعليمية في شقه المتعلق بترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية والمساواة. وأشارت، في عرض قدمته خلال ندوة علمية في موضوع العنف في الوسط المدرسي، إلى أن محاصرة هذه الظاهرة، التي أصبحت تهدد السير الطبيعي للمسار التعلمي للتلاميذ، تتطلب معالجة متعددة المقاربات، وتنشيط الحياة المدرسية، وتفعيل أدوار مؤسسات الوساطة وخلايا الإنصات ومراصد مناهضة العنف على المستويين الاقليمي والجهوي. وقالت إن المديرية شهدت خلال موسم 2016/2017 ما مجموعه 10 حالات، مقابل 13 حالة في موسم 2017/2018، مسجلة أن هذه الحالات تتوزع ما بين عنف جسدي وعنف لفظي وتخريب ممتلكات، على أن أغلبية الحالات هي حالات عنف ما بين الأساتذة والتلاميذ(تلميذ/أستاذ، أستاذ/ تلميذ). وذكرت، في عرضها الذي تناول “المقاربة التربوية مدخل أساسي لمناهضة العنف في الوسط المدرسي”، أن الحملة تستهدف تلاميذ جميع المؤسسات التعليمية وأولياء أمورهم وأطفال التعليم الأولي العمومي والأطر الإدارية والتربوية، وفق برنامج يشمل ندوات ودورات تكوينية، وحملات للتعبئة والتحسيس، وتنظيم معرض تربوي إقليمي، وأنشطة ثقافية ورياضية لفائدة التلاميذ والأطر التربوية. ومن جهته، اعتبر استاذ علم النفس بكلية الآداب بالمحمدية السيد ميلودي السعيدي، في عرض عن”العنف المدرسي والعنف الاجتماعي :أية علاقة؟”، أن العنف هو نتاج وحصيلة سياق اجتماعي محض، ولا يمكن عزله عن هذا السياق، مبرزا أن التعاطي مع هذه الظاهرة يفرض الأخذ في الاعتبار منشأها الاجتماعي. وأوضح، في هذا الإطار، أن الطفل، وبفعل ثورة وسائط التواصل الاجتماعي والرقمي، يستقبل مجموعة من المؤثرات والرسائل ذات الحمولة العنيفة، مما يخلق لديه تمثلات معينة تصاحبه في حياته المدرسية. وقال إن معالجة هذه التأثيرات السلبية على شخصية الطفل لا يمكن أن يتم إلا من خلال مقاربة متعددة المنطلقات (تربوية واجتماعية ونفسية ودينية)، وإعادة النظر في الكتب المدرسية التي يتعين أن تدمج التربية على احترام الآخر وقيم المواطنة والسلوك الاجتماعي واحترام البيئة وغيرها من القيم التي تسهم في تنشئة متوازنة للتلميذ. وعرفت الندوة، التي كانت أول محطة في هذه الحملة التحسيسية، تقديم عروض أخرى حول “الرياضة مكان للخبرات التعليمية المبتكرة، الكفاءة والإنسانية، نموذج تيبو المغرب”، و”العنف المدرسي”، و”العنف داخل المدرسة: مقاربة شرعية” و”العنف المدرسي وإمكانيات الحد منه”، إلى جانب لوحات فنية وتعبيرية من أداء تلاميذ الثانوية الإعدادية أحمد الحيمر التي احتضنت هذه الندوة.