في سياق الاحتفاء بالكتاب المغربي والرقي به، ومد جسور اللقاء المباشر بين الكاتب والقارئ، نظمت جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” حفلات توقيع مجموعة من الأعمال الأدبية والنقدية الصادرة حديثا، ضمن فعاليات “المعرض الوطني الخامس للإبداع والكتاب” الذي نظم مؤخرا، بالمركز الثقافي ابن خلدون بطنجة، بمشاركة ثلة من الباحثين والنقاد المغاربة. في سياق الاحتفاء بالكتاب المغربي والرقي به، ومد جسور اللقاء المباشر بين الكاتب والقارئ، نظمت جمعية “الراصد الوطني للنشر والقراءة” حفلات توقيع مجموعة من الأعمال الأدبية والنقدية الصادرة حديثا، ضمن فعاليات “المعرض الوطني الخامس للإبداع والكتاب” الذي نظم مؤخرا، بالمركز الثقافي ابن خلدون بطنجة، بمشاركة ثلة من الباحثين والنقاد المغاربة. غواية النص بين المفهوم والمحسوم تم تقديم وتوقيع كتاب “غواية النص بين المفهوم والمحسوم” للباحثة أمل عباسي، الذي حظي بقراءة نقدية للباحث محمد أحمد أنقار، ركز فيها على مسألتين: الأولى لها صلة بالإشكال النقدي، والثانية ترتبط بكيفية عرض ذلك الإشكال؛ أي بالمنهجية الاستدلالية التي تبنتها الباحثة أمل عباسي، مشيرا إلى الصعوبات التي واجهتها في عرضها للإشكال النقدي؛ البحث في ماهية النص وفي حدوده وسماته، وهو إشكال محفوف بالالتباس والغموض؛ إذ من غير اليسير الخوض في غمار مثل هذا الإشكال دون امتلاك عدة معرفية موسوعية ودون امتلاك أيضا لآليات الاشتغال النقدي الأكاديمي. مؤكدا على أن الباحثة تدافع في كتابها عن قضية حدودِ النص ومفهومِه بالبحث في مميزاته وسماته، وهي قضية نقدية يشوبها كثير من الالتباس، بدليل عنوان الكتابِ نفسِه؛ حيث وسمت الباحثة النص بالغواية، وهو تعبير بالرغم من صياغته المجازية، إلا أن به جانبا من الصحة، بل والدقة أيضا. كما ساهم الباحث عبد الرحيم الإدريسي بورقة نقدية سعى فيها إلى استخلاص الفائدة المعرفية للبحث في هذا النظر، وتتحدد في المقصد العام الذي وضعته الباحثة لمشروع الكتاب، وهو النفاذ إلى مسوغات إشكالية المفهوم وتبيُّن أبنية النظر إليه ما أمكن في شرط قابلية التحقق وقابلية إعادة الإنتاج والشرط التداولي، وأن النظر في مسألة الخطاب المعرفي والنقدي في الكتاب يستخلص انبناءه على مفهوم التلقي المقارن بوصفه عمليةَ بناء نسقية لوضع مفهوم النص يحتفظ بكل الوظائف التواصلية في اللغة المصدر ويفترض في اصطلاحه تعبئة ثقافة المتلقي. مضيفا أن الكتاب يركز على الانشغال بالمفهوم والمصطلح والمنجز النظري والمنهجي، ولا ينظر إلى المفهوم نظرا مجردا وليس استخراجا لمعنى موضوعي يستقل به المفهوم، وإنما هو دخول في حيزه الإشكالي ومساءلةِ وضعه بصورة تتجدد بها حدود مفهوم النص وحدود النظرية وإشكالاتُها في وعي قارئ الكتاب. عندما تغيب في القمر السماء وفي اليوم نفسه، احتفى “رونق المغرب” بديوان: “عندما تغيب في القمر السماء” للشاعر محمد الجيدي، ساهم في مقاربته الباحث أحمد زنيبر (ناب عنه الأستاذ العربي المصباحي) بورقة استهلها بالوقوف عند عتبات الديوان: العنوان، الإهداء، قبل أن يتطرق إلى الحديث عن نصوص الديوان التي تتغنى بالذات وبالآخر، حيث يسافر بنا الشاعر نحو عوالم مفتوحة على التأمل والسؤال باعتبارهما مدخلا لاكتشاف الذات والوجود. ومن ثمة لا غرابة أن تتوحد النصوص المقترحة داخل المجموعة وتشترك في بناء المعنى وتبيان المقاصد والدلالة، مشيرا إلى الموضوعات الكثيرة والمتنوعة التي يتضمنها الديوان (الماء، الظل، الحلم، الطفولة، الوطن، الهجرة، الذاكرة)، وهي موضوعات تحكي سيرة الوجود وقلق الذات في لغة انسيابية وصور تخييلية. وتطرق الباحث عز الدين المعتصم في ورقته البحثية إلى تجليات فلسفة الرؤية الجمالية في الديوان، الذي تتضمن جملة من التيمات الرامية إلى الاتصال بجوهر الوجود وباطنه الموحي بالقداسة والسمو (القمر والسماء)، وبالتالي فاللغة الشعرية في هذا المستوى إيحائية، لأن موضوعها هو الروح ومناجاة النفس ومخاطبة الخالق، وكلها موضوعات في غاية الدقة والعمق، مشيرا إلى أن الشاعر يعمل على مجاهدة النفس من أجل الوصول إلى مقام الكشف والمشاهدة، فينجلي له النور القدسي والفيض الرباني، وقد اهتم الشاعر –حسب الباحث- بالجانب الجمالي فجسده وعبر عنه في قالب شعري رمزي يوحي بالسمو، ويتجلى ذلك من خلال التيمات الموظفة، واختتم ورقته بما يحتويه الديوان من حكمة بالغة، وفهم واسع وعقل راجح وخيال خصب يصدر عن العاطفة المشبوبة والنشوة الصوفية ما جعله حافلا بالإشراقات الإلهية التي تفصح عنها اللغة الرمزية والإشارية. وحول الديوان نفسه، تناول الباحث محمد أفيلال في ورقته الحديث عن البلاغة الرمزية للمائيات في العمل الشعري المحتفى به، من أجل توسيع مجال البلاغة في النص الشعري الحديث، لتشمل البعد التداولي إلى جانب البعد الجمالي. مركزا في ورقته على ثلاثة محاور: 1- الرمز الماهية والقصد: تحدث فيه عن الرمز باعتباره مكونا من مكونات الصور البلاغية يتسم بازدواجية المعنى، مما يفرض على المتلقي الانتقال من ظاهر القول وصريحه إلى باطنه ومضمونه، والقصد من ذلك التعبير عن تجربة إبداعية تروم توضيح القيم بواسطة التصوير المجازي. 2- الرمز المكونات والسمات: درس فيه مكونات وسمات الرموز الموظفة من تقنيات وأساليب وظفها المبدع للتعبير عن دلالة جديدة لهذه الرموز. 3- الرمز بين الدلالات والوضعية: غاص من خلاله في دلالات هذه الرموز والكشف عن وظائفها، ومحاولة البحث عن صورة كلية انطلاقا من الصور الجزئية المبثوثة بين ثنايا القصائد، للكشف عن البلاغة النوعية للديوان، واختتم ورقته بالإشارة إلى الرموز المائية التي تكفلت بتجسيد المعاناة والأمل والقوة والطهارة والعلو والرفعة والحياة والفرح والحزن في قصائد الديوان. “ثلاثي الظل” و”عودة مكيافيلي” اختتم اليوم الثالث من فعاليات المعرض بتقديم وتوقيع المجموعتين القصصيتين: “ثلاثي الظل” للقاص عادل التكفاوي و”عودة مكيافيلي” للقاص الصديق اروهان، حيث ساهمت الباحثة نزهة الغماري بورقة حول المجموعة الأولى، تناولت فيها خصوصية الكتابة القصصية في “ثلاثي الظل” التي اشتغل فيها القاص على إيقاعات متنوعة تعتمد على الإيجاز والتكثيف والوصف، والبناء السردي المتماسك (الحبكة، زمن الخطاب، التذكر، التشويق للإبقاء على استجابة القارئ ضمن مفهوم “حسن المتابعة”)، ثم تطرقت إلى العنوان ودلالاته وأبعاده الرمزية، وعلاقته بباقي نصوص المجموعة، مؤكدة على أن القاص حاول تحديد بعض آليات الاشتغال التي تقوم عليها الكتابة في المتن الحكائي وخصوصية الخطاب السردي، وهو بذلك يراهن –حسب الباحثة- على قارئين: قارئ بسيط مستهلك يحدد أفق توقعاته وتأويلاته وقارئ نموذجي قادر على تأويل العديد من القرائن العامة التي تركها القارئ البسيط في الظل، إلى جانب اعتماده تقنية الإبقاء على القارئ واستحضاره بشكل مباشر في المتن الحكائي وذلك من خلال الإشارات المبثوثة هنا وهناك. وساهم الباحث أحمد بوغربي بورقة حول قصص “عودة مكيافيلي”، استهلها بالحديث عن خطابها الذي تأسس على مستويات عدة، سواء على صعيد الشكل، حيث تنوعت الأشكال لتدخل مرحلة التشكيل الواعي لوظيفة التقنية الفنية (تداخل الأزمنة، التغلغل في التفاصيل، التعدد في الرؤى السردية..) مما يتناسب وتعقيدات المجتمع وتعدد خطاباته ومنطلقاته الفكرية، أو على مستوى الدلالة، حيث تعددت المواضيع والمواقف والرؤى، ثم تطرق إلى الحديث عن مستوى اللغة التي اعتبرها لغة شفافة منتقاة تتميز بسرعة الإيقاع، حيث الجمل في الأغلب قصيرة، متعاطفة أو متلازمة تنسحب أحيانا ليعوضها البياض، وعلامات التعجب أو الاستفهام أو نقاط تتابع مما وسم نسقها بالسلاسة والتدفق، ثم تناول توظيف القاص لآليات وتقنيات سردية أخرى، ساهمت في تقوية شعرية اللغة مثل الوصف والحوار وهي خصائص استطاعت أن تصنع فرادة القصص. كما تخللت فعاليات المعرض توقيع مجموعة من الإصدارات الأخرى: “لعنة طنجة” للقاص رضوان بن يشرق، “تجرعت كأسي” للقاصة فاطمة الشيري، “الرقص على حبال المكر”، “أغنية خريف الحلم”، “A reculons”، “Ecrits de jeunesse”، “مذكرات معتوه” للكاتب حسن بوفوس، “أبواب لا تعترف بالسكون” للشاعر خالد بودريف، و”أوتار القلب” للروائية نرجس العطار.