تتميز مدينة مراكش بمجموعة من المرافق السياحية العصرية، من قبيل فنادق مصنفة، ومقاهي ومطاعم فخمة، بيد أن المآثر التاريخية القديمة، أو الأماكن التي تروج للثقافة المغربية، وللتراث المغربي، تجد هي الأخرى إقبالا من طرف السياح المغاربة والأجانب، و”قرية علي بلفلاح” أو “قصر علي بلفلاح”، أو “علي بلفلاح”.. إلى غيرها من الأسماء التي يشتهر بها المكان، واحد من الفضاءات التي تتميز بها المدينة الحمراء. قصر علي بلفلاح الذي سمي نسبة إلى صاحبه، “علي بلفلاح”، يشهد إقبالا منقطع النظير كل ليلة، من طرف وفود سياحية اختارت حط الرحال بمراكش، التي أصبحت وجهة عالمية، لنجوم السينما، والرياضة، والسياسية.. حيث يقبل السياح على زيارة هذا الفضاء الذي يجمع مختلف الفرق الفلكلورية التي تقدم عروضا مختلفة في فن؛ كناوة، وعيساوة، وهياتة، وأحواش، والدقة المراكشية.. والزائر لهذا الفضاء التراثي مساء، يجد في استقباله بمدخل القرية السحرية، صفوفا متراصة لمجموعة من ركاب الخيول الذين سيقدمون عروضا في التبوردة مباشرة بعد وجبة العشاء، وبالضبط على الساعة العاشرة والنصف ليلا.. وبعد الدخول من الباب الرئيسي للقصر، تجد في انتظارك فرقا فلكلورية تردد الشعر، وتدندن بنغمات أمازيغية-بربرية، تتكون من رجال ونساء يرقصن، مرحبين بالضيوف الذين يتوافدون على المكان. والزائر للقرية، يجد في انتظاره سلسلة من المفاجئات التي لها ارتباط بالتاريخ، والعادات والتقاليد، التي حاولت القرية أن تحافظ عليها وتبرزها للسائح الأجنبي الذي يدفعه فضوله إلى الوقوف أمامها من أجل الإطلاع على المعلومات المسجلة بالبطاقة التقنية بكل فرقة، أو إكسسوار قديم يعود لفترة معينة لقرية ما بالمغرب. ومن بين ما يزخر به “علي بلفلاح”، هو “مغارة علي بابا” التي تعتبر المرحلة الثانية في القرية، حيث يطلع الضيوف على مجموعة من “العروسات” الرمزيات، اللائي يجلسن في هذه المغارة وهن مرتديات للزي التقليدي لعروسة مدينة فاس، ومراكش.. علاوة على تزينهن بالحلي، وكل اللوازم الخاصة بهذه المناسبة. كما توجد ب”علي بابا”، بعض الأدوات التقليدية التي لها علاقة بالحرب؛ كالسلاح الناري “المُكحلة”، أو الخنجر، والسيف.. فضلا عن عدة الفارس؛ كلجام الفرس، والزي الخاص بالفروسية.. علاوة على بعض اللوازم الأخرى، التي لها ارتباط بالعادات والتقاليد لبعض المناطق المغربية، هذا على الجانب الأيمن لمدخل الباب الثاني. أما على الجانب الأيسر، توجد مجموعة من الألبسة الخاصة بالخيالة، لكل منطقة على حدة، دكالة، عبدة، فاس، الدارالبيضاء، مراكش، الصحراء، الشمال، الشرق.. فضلا عن سروج مزينة بحسب الخصوصية التي تنفرد بها هذه المناطق.. وبنفس المنطقة يوجد فضاء للأرشيف والصور الخاص بهذه المعلمة السياحية التي تنفرد بها مدينة مراكش، وتجعلها واحدة من العناصر التي تجذب السائح نحوها، وهو ما وقفت بيان اليوم عليه، خلال زيارة مفاجئة لهذا المكان، الذي يسحر زائره بالكم الهائل من التراث الذي تجمعه القرية، وتقدم صورة مصغرة عن فرق، ولباس، وإكسسوارت تقليدية لمجموعة من المدن المغربية. وبعد تجاوز هذه المرحلة، يجد زائر قصر علي بلفلاح مجموعة من الفرق الفلكلورية، مصطفة على طول الساحة الكبيرة للقرية، إلى جانب البطاقة التقنية لكل فرقة، تقدم معلومات اسم المجموعة والمنطقة المنحدرة منها، وهو ما يجعل الفضاء جامعا مانعا للتراث المغربي المتجلي في “الكلام” الذي تردده المجموعات، واللباس الذي ترتديه، والإكسسوارات التي تتزين بها. وبعد القيام بجولة صغيرة إلى جانب هذه الفرق، يجد الضيف في انتظاره مجموعة من الخيمات الصغيرة، بطراز تقليدي مغربي أصيل، حيث سيتناول وجبة العشاء، التي تتكون من الحريرة، والطاجين المغربي، والكسكس، وكذا الفواكه. وبينما يتناول الزائر لهذا المتنفس الترفيهي وجبه العشاء، تنتقل الفرق الفلكلورية إلى هذه الخيمات وتقدم عرضها وتتواصل بشكل مباشرة وعن قرب من الضيف الذي يرغب في التعرف على هذا التراث، وكذا الترفيه عن نفسه في مكان يتواجد خارج مدينة مراكش، بعيدا عن صخب السيارات، وضجيج الدراجات.. وبعد الانتهاء من الوجبة، تبدأ عروض الفانتازيا والتبوريدة والسباق في الحلبة، إلى جانب تقديم كأس شاي وحلويات بنكهة مواد مغربية، حيث تقدم مجموعة من الفرق أو بالأحرى “السربات” عروضا في فن الفروسية بطلقات نارية (البارود)، بالإضافة إلى استعراضات أخرى بطولية على الخيول، وكذا تفاعل بعض الفرق ككناوة وعيساوة.. مع الجماهير الجالسة على المقاعد الجانبية لساحة العرض. وتختتم العروض الفلكلورية والفانتازية على الساعة الحادية عشرة ونصف ليلا، مباشرة بعد إطلاق الشهب النارية.. كإعلان عن نهاية الليلة وانسحاب جميع الضيوف من هذا الفضاء التاريخي والتجاري، الذي يشغل العديد من الشباب، والرجال، والنساء بالمنطقة، الذين يحجون كل يوم للعمل بهذا الفضاء، الذي يضمنون من خلاله قوتهم اليومي، من أجرة إدارة القصر، وكذا الهدايا المادية والرمزية التي يقدمها السائح لهذه الفرق من أجل ضمان استمرارهم في التعريف بالتراث المغربي الأصيل.