يرى محللون أن التحركات الاحتجاجية في اليمن, وعلى عكس التحركات في تونس ومصر, لا تشكل خطرا حقيقيا على نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يتمتع بدعم دولي وخبرة في تخطي الأزمات, فضلا عن غياب أجندة موحدة بين معارضيه. وتجمع عشرات الآلاف من معارضي صالح شوارع صنعاء الخميس الماضي في ما سمي «يوم غضب», إلا أن التوترات هدأت منذ ذلك اليوم فيما دعت المعارضة البرلمانية الى تطبيق الاصلاحات التي وعد بها صالح. وقال إبراهيم شرقية نائب مدير معهد بروكينغز في الدوحة «لا ارى مؤشرات قوية تدل على امكانية تمكن (المعارضة) من الاطاحة بصالح». وأضاف ان «المعارضة اليمنية تمكنت حتى الان من إطلاق التظاهرات دون أن تتمكن من استدامتها». وبحسب شرقية فانه «في مقابل حشد المعارضة لإعداد كبيرة في الشارع, فان النظام حشد أعدادا مشابهة» مشيرا إلى أن الرئيس اليمني سبق أن تجاوز في الماضي تحديات بنجاح. وقال إن «صالح رجل ذكي قادر على النجاة في كل مرة, فهو استطاع أن يحتفظ بالسلطة في بلد صعب جدا وفي ظل ظروف صعبة جدا على مدى أكثر من ثلاثين عاما, والأزمة الحالية ليست أول أزمة تواجهها البلاد». وحكم صالح اليمن من دون توقف مجتازا الحرب الباردة والحرب الأهلية والتمرد في الشمال وتصاعد الحركة الانفصالية في الجنوب إضافة إلى تعاظم نشاط تنظيم القاعدة. وأخذ الرئيس اليمني خطوة واضحة الأربعاء الماضي، باتجاه تخفيف حدة التوتر مع المعارضة واقترح تجميد تعديلات دستورية تسمح له بان يكون رئيسا مدى الحياة. كما أكد صالح في مبادرته رفض توريث الحكم لابنه وانه سيتم تأجيل الانتخابات التشريعية التي كان دعا إلى إجرائها في أبريل المقبل, راضخا بذلك لمطالب المعارضة. كما وعد بتعزيز التقدمات الاجتماعية. وقال شرقية «إنها خطوة قوية من جهة الرئيس, وهي خطوة يمكن ان تساعده». وطالبت المعارضة البرلمانية السبت الرئيس اليمني بترجمة ما وعد به من إصلاحات إلى أفعال, من دون ان تدعو الى تظاهرات جديدة مؤكدة استمرارها في مقاطعة أعمال مجلس النواب حتى تتحقق الوعود. وقال كرستوفر بوسك الباحث في برنامج مؤسسة كارنيغي الخاص بالشرق الأوسط أن اليمن «ليس فيه حركة احتجاحية واسعة النطاق كتلك التي شهدناها في تونس ومصر». وأضاف «اعتقد أن ما يحصل في اليمن هو محاولة نخبة من اللاعبين تعزيز مواقعهم قبل مفاوضات ما قد تحصل او تسوية ما». واعتبر بوسك انه لا يوجد احد داخل اليمن «يريد أن تحصل ثورة», والأمر سيان بالنسبة للمجتمع الدولي. وقال في هذا السياق «لا احد يود ان يرى الحكومة اليمنية تنهار. بغض النظر عن الرأي بالرئيس صالح أو بحكومته, فان المجتمع الدولي بحاجة للحكومة اليمنية لمحاربة الإرهاب». وأضاف بوسك «اعتقد أن النظام اليمني يظن على الأرجح في الوقت الراهن أن الأمور تحت سيطرته, وهو يعرف ان الاميركيين لا يدفعون باتجاه حصول تغيير كبير او باتجاه سقوط صالح». وبحسب بوسك, فان الاقتصاد هو الخطر الأكبر في اليمن الذي يعد من أفقر دول العالم والذي تضاءلت ثروته النفطية لدرجة كبيرة. وقال الباحث «إن التحدي الأكبر لصالح هو الاقتصاد, فالاقتصاد هو ما يزعزع النظام ويهدد الدولة». من جهته, اعتبر علي سيف حسن رئيس منتدى التنمية السياسية في اليمن ان التظاهرات التي نظمت الخميس «تحشيد حزبي وليست تعبيرا عن رغبة شعبية». وأضاف أن «الهتافات كانت محددة, ولم يكن هناك نساء», كما أن التجمع انفض في توقيت مدبر على حد قوله. وقال حسن «لدى الشباب اليمني الذي يمثل 70% من السكان كل مبررات الغضب خصوصا الفقر والبطالة», لكن في نفس الوقت, فان اليمن «لا يملك مجتمعا مدنيا قادرا» على إحداث التغيير على حد تعبيره. وقال إن «هناك في الجنوب أجندة خاصة وكذلك لدى الحوثيين (المتمردون الشيعة في الشمال) ولدى السلفيين». وخلص إلى القول «أن اليمن مؤهل للتفكك وليس لثورة ياسمين».