نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مؤخرا، حفل تقديم كتاب: “منفى جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بمدغشقر 1954-1955″، لمؤلفه تييري مالبير، أستاذ محاضر في علوم التربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة “لارينيون”، وذلك بتعاون وشراكة مع جمعية أرغانيي للمغاربة وأصدقاء المغرب بلارينيون. وفي كلمته بالمناسبة، أكد مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على الرمزية التاريخية لهذا الحفل الذي يؤثثه تقديم مؤلف خاص عن مرحلة نفي جلالة المغفور له محمد الخامس ما بين 1954 و1955 بمدغشقر، والتي احتضنته خلال إقامته الإجبارية والقسرية من لدن المستعمر الفرنسي. وأوضح أن هذا الإصدار الذي يوثق لتاريخ أمجاد الكفاح الوطني وتضحيات الملك المجاهد، قد حظي بالدعم المعنوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وباحتضانه من مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط. وأضاف أن هذه الحقبة التاريخية الطافحة بالملاحم الوطنية والمواقف البطولية وقيم التضحية والفداء، يتعين حفظها وتوثيقها ونشر فصولها وأطوارها وتعميمها في صفوف الأجيال الحاضرة والقادمة حتى تظل لصيقة بماضيها العريق في البلدين الصديقين: المملكة المغربية وجمهورية مدغشقر، باعتبارها حاملة لرصيد قيم من فصول الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية الملغاشية. هي مرحلة تاريخية، يقول المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يتعين النبش في تفاصيلها، والإحاطة بجوانبها، وتحفيز الباحثين على النبش والبحث في زواياها الغميسة، واستكناه مناطقها الخبيئة، بما تستحقه نضالات جلالة المغفور له محمد الخامس، بالتحام وثيق مع الشعب المغربي الأبي، والتي تكللت بالعودة المظفرة لجلالته طيب الله مثواه من المنفى إلى أرض الوطن، وإعلانه عن انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال. واستعرض الباحث والمؤرخ تييري مالبير مفاصل هذا الإصدار الهام وغير المسبوق، والذي يتناول فترة إقامة بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس بالمنفى السحيق بانتسيرابي. وأردف الأستاذ الباحث المؤرخ تييري مالبير موضحا، أن هذا الإصدار يجسد صور الاعتزاز بهذا المشترك التاريخي الحافل بالروابط والوشائج الروحية والنضالية والقيمية والإنسانية، ويندرج في سياق التوثيق للذاكرة التاريخية المشتركة المغربية- الملغاشية. واستعرض محاور الاشتغال الكبرى التي شكلت المفاصل البانية لهذا الإصدار/السفر وهي: حياة السلطان سيدي محمد بن يوسف قبل النفي؛ نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر واتقاد شعلة وجذوة المقاومة والتحرير؛ إقامة السلطان سيدي محمد بن يوسف بانسيرابي؛ ملامح عن الصحافة الملغاشية الصادرة خلال إقامة جلالته طيب الله ثراه بمدغشقر؛ العودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى السحيق في 16 نونبر 1955، وإعلانه عن أفول عهد الحجر والحماية وإشراقة فجر الحرية والاستقلال. وقدم إسماعيل تارادا، رفيق وأنيس جلالة المغفور له محمد الخامس بمدغشقر شهادة استحضر عبر عتباتها الأنشطة والمهام التي كان يقوم بها الملك المجاهد بين المصلين في المسجد وبين المقربين منه من مسلمي مدغشقر، المتلقين لأحاديثه ودروسه، وبين دروب وأماكن مدينة انتسيرابي، وهو ما يكشف عن جوانب مغمورة من شخصية هذا الملك العظيم الذي لا يزال يحتل مكانة خاصة في وجدان وأذهان المغاربة والملغاشيين على حد سواء. وتوجت أشغال حفل تقديم إصدار”منفى جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بمدغشقر 1954-1955″، للباحث والمؤرخ تييري مالبير، بفتح نقاش مستفيض، نشطه مهتمون وفاعلون في المشهد التاريخي والثقافي والفكري، لاستظهار المشترك التاريخي بين المغرب ومدغشقر، باعتباره الوعاء الملائم والأمثل لبناء علاقات بينية متميزة بين الأمم والشعوب وفتح منافذ وآفاق الحوار البناء والجاد، وتعميق المبادرات البحثية في ذاكرة المقاومة والنضال والملاحم البطولية. وخلص المتحدثون إلى واجب تعضيد الإرادة الراسخة للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في الانغمار في المشروع والورش الوطني الكبير، الهادف إلى إشاعة رصيد الذاكرة التاريخية الوطنية والمشتركة والمتقاسمة مع البلدان الشقيقة والصديقة ومنها الجمهورية الملغاشية، بمبادرة ترجمة هذا الإصدار الحامل لوسم: “منفى جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بمدغشقر 1954-1955” إلى اللغة العربية، وإصداره ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في المستقبل القريب، بما من شأنه أن يوطد العلاقات ما بين البلدين الصديقين.