وفي هذا الإطار، تلقت كل من جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة والمنظمة المغربية لحقوق الانسان بصدمة واستياء كبيرين، انتشار صور انتقائية ومجزأة من تقرير الخبرة الذي أنجزه المختبر الوطني للدرك الملكي في ملف السيد توفيق بوعشرين، حيث تحتوي الصور على عدة لقطات تجمع المتهم ببعض ضحاياه المفترضات في وضعيات مختلفة.. وبعد أن ذكرت المنظمتان، في بيان لهما، بالقرار الصادر عن هيئة الحكم بالغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بتاريخ 3 ماي 2018، القاضي بعرض شرائط الفيديوهات في جلسات سرية، وهو ما يتماشى مع المعايير الدولية، في مثل هذه القضايا، المتعلقة بالاعتداءات الجنسية المفترضة، صونا لكرامة المتهم وكرامة الضحايا، والمحددة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان، والباب الأول 3 و2 من مبادئ المحاكمة العادلة في افريقيا، فإنهما، يعتبران، حسب ذات البيان، أن تسريب مثل هذه الصور المعروضة في عدة مواقع إليكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يعتبر فعلا مشينا، يضرب في العمق بقيم حقوق الانسان والاخلاقيات والقوانين الجاري بها العمل. كما أشارت المنظمتان، أيضا، إلى بلاغي هيئة المحامين بالدار البيضاء الصادرين على التوالي بتاريخ 25 ماي 2018 و2 يونيو 2018، وبلاغ جمعية هيئات المحامين بالمغرب الصادر بتاريخ 02 يونيو 2018، الذي جاء فيه: “الحث على الالتزام بسرية الجلسة وفقا لقرار المحكمة واحتراما للأخلاق العامة ولحرمة أشخاص القضية” والتنبه بكون ” كل تجاوز لهذه المبادئ مدعاة للتنديد والشجب” وأكد على “اتخاد المتعين قانونا”. وعليه، استنكرت المنظمتان، هذه الأفعال، وطالبتا بفتح تحقيق جاد لتحديد المسؤوليات في هذه التسريبات، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة لكل من تورط في ذلك؛ معتبرتان، أيضا، أن هذه التسريبات تمت بسوء نية، الغاية منها الاضرار بالمتهم والضحايا على حد سواء، وتضرب في العمق بقرينة البراءة، وتمس بكرامة الضحايا وتعرضهن للوصم. ودعت المنظمتان، مختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي إلى التقييد بأقصى ضوابط احترام أخلاقيات المهنة، وعدم التشهير بكل أطراف القضية؛ كما طلبتا من هيئة الدفاع لكل من المتهم والضحايا المفترضات، الالتزام بأخلاقيات المهنة، وعدم جعل المرافعات في الشوارع وفي ردهات المحكمة، بل داخل جلسات المحاكمة. ومن جهتها، وفي نفس السياق، فوجئت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حسب بلاغ لها، بنشر عدد من الجرائد الإلكترونية، لصور من التقرير الذي يتضمن الخبرة المنجزة من قبل المختبر الوطني للدرك الملكي، حول الفيديوهات المنسوبة لمدير جريدة “اخبار اليوم”، توفيق بوعشرين، والمتعلقة بتهم الإستغلال الجنسي لصحافيات ومستخدمات. وبعد أن سجلت النقابة في بلاغها هذا الفعل بكثير من الاستهجان، أكدت على أن حماية كرامة الإنسان، سواء كان متهماً أو ضحيةً، حق مصون بقوة القانون، وحماية هذا المبدأ والترافع من أجل ترسيخه ونشر الوعي به داخل المجتمع، يعد من المسؤوليات الملقاة على عاتق الصحافة. وأشار ذات البلاغ، إلى أنه إذا كانت المحكمة، وفي إطار سلطتها التقديرية، قررت جعل جلسات عرض الفيديوهات، والتي توثق لصكوك الاتهام، سرية، وذلك صونا لأعراض الناس وأسرهم ومحيطهم، وحماية لكرامة الضحايا المفترضين ولقرينة البراءة بالنسبة للمتهم، فإن نشر هذه الصفحات، المرفقة بصور ممارسات جنسية، يخل بهذا الإجراء الحكيم، ويجهز على الحق في الكرامة وصون الأعراض. واعتبر البلاغ أن نشر هذه المقتطفات يعتبر تشهيراً بكل أطراف القضية من مشتكيات ومتهم، وهو ما يمس في الجوهر بمبادئ أخلاقيات مهنة الصحافة، وأدان بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية هذه الممارسات، إنطلاقاً من المبادئ المذكورة أعلاه، معتبرة أن الصحافة، معنية بالحرص على حماية الاخلاقيات وكرامة الناس وترسيخها داخل المجتمع، و مدعوة إلى استحضار هذه القيم عند وضعها لخطوط تحرير منابرها، وتدبير مشاريعها الإعلامية ومقاولاتها، ومن واجبها تغليب الدفاع عن حقوق الإنسان والأخلاقيات والتقصي، وليس تغليب الجانب التجاري الربحي، الذي يفضله بعض مديري النشر، علما أن استحضار إنجاح أي مشروع اقتصادي، يعد مسألة مشروعة، لكن ليس على حساب كرامة الإنسان وحقوقه، وعلى حساب قيم الصحافة النبيلة وأخلاقيات المهنة.