تتزايد حركة الطيران خلال فصل الصيف لقضاء الإجازات في مختلف دول العالم، ويكثر عدد المسافرين وتصبح المطارات والطائرات كثيرة الازدحام طوال النهار. ويسهّل تجمع الناس بالأماكن الضيقة من انتقال البكتيريا والفيروسات بمختلف أنواعها. ولا يستثنى فصل الصيف من تفشي عدد المصابين بعدوى نزلات البرد. فلا تقتصر الإصابة بنزلة البرد على فصل الشتاء فحسب، بل يمكن أيضا الإصابة بها خلال فصل الصيف. ويقول طبيب الأنف والأذن والحنجرة الألماني آرنت مولرس، إن نزلة البرد الصيفية تنتشر، شأنها في ذلك شأن نزلة البرد الشتوية، عبر الرذاذ، أي عبر العطس والسعال والمصافحة باليد والتقبيل. وأضاف مولرس أن خطر الإصابة بنزلة البرد الصيفية يرتفع أثناء السفر بالطائرة بسبب تواجد الكثير من الأشخاص في مكان ضيق، كما يكون الهواء باردا وجافا، ما يتسبب في محدودية سريان الدم في الأغشية المخاطية. وأوضحت دراسة سابقة أن الطائرات هي موطن لأمراض البرد، وأن الركاب أكثر عرضة للتعرّض للإصابة بالبرد والإنفلونزا أكثر من 100 مرة من الشخص العادي في حياته اليومية وفقا لمجلة أبحاث الصحة البيئية. ووجدت الأبحاث أيضا أن هذه الجراثيم المحمولة جوا لا تتأثر على الأرجح بمكان جلوس المسافر لأنها ستنتشر بجميع أنحاء الطائرة في ثوان معدودة، فعندما يعطس الشخص يمكن للجسيمات العالقة بالهواء أن تصل إلى مسافة 50 قدما، وتتشتت في كل الاتجاهات في جميع أنحاء الطائرة بسبب تدفق الهواء المستمر. وفي ظل قلة عملية تدوير الهواء، تتحول الطائرة إلى مكان خصب لنمو الفيروسات والبكتيريا، لذلك يفضل توجيه فتحة التهوية مباشرة باتجاه الوجه لتجنب التقاط العدوى، كما يجب تناول الكثير من الماء والسوائل والحفاظ على نظافة الأيدي طوال فترة الرحلة. وقال باحثون أميركيون إن المسافرين المصابين بأمراض معدية يمكنهم بلا شك نشر العدوى بين ركاب الطائرة وبخاصة لمن يجاورهم. وتعد هذه أول دراسة في الأكاديمية الوطنية للعلوم التي تحدد احتمالية الإصابة بالمرض بناء على قرب الراكب من الشخص المصاب بالعدوى. ودرس الباحثون 10 رحلات عابرة للقارات وتتبعوا حركات الركاب لتقدير احتمال حدوث عدوى في الجهاز التنفسي مثل: متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد "السارس" والإنفلونزا التي تنتشر عبر الرذاذ في الهواء وعلى الأسطح. وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن "الركاب الذين يجلسون في صف واحد أو على بُعد مقعدين من الراكب المصاب، يكون احتمال إصابتهم بالمرض 80 بالمئة أو أكثر من ذلك". وأضافت أن "نسبة إصابة الركاب الآخرين في الطائرة بالعدوى، أقل من 3 بالمئة بحسب الدراسة". وحذر الباحثون من أن "أفراد طاقم الطائرة في حال إصابتهم بمرض معد، فإنهم يمكن أن يصيبوا نحو 4.6 راكب في الرحلة الواحدة". وأكد الباحثون من جامعة إيموري ومعهد جورجيا "ضرورة ألا يسافر أي فرد من طواقم الطائرات إذا كانوا مرضى". وقال روبرت غلاتر، طبيب الطوارئ بمستشفى لينوكس هيل، إن "هذه الدراسة تؤكد أن هناك إمكانية لانتقال العدوى من راكب مصاب إن كان الشخص يجلس بجانبه، أي على بعد مقعدين أو في الصف المجاور وهذا يتعارض مع التفكير التقليدي بأنه إذا سعل شخص ما أو عطس بأي مكان في المقصورة، فإنه سيصيب الطائرة بأكملها". وأضاف غلاتر أن الدراسة أجريت خلال موسم الإنفلونزا، وتم الإبلاغ عن شخص واحد فقط يسعل باستمرار، مضيفا أنه تم إجراء مسح للفيروسات التنفسية على طاولات الطعام وأحزمة الأمان ولم يعثر على أثر للفيروسات، مما يشير إلى أن معظم الأمراض تنتشر عن العطس والسعال، وليس عبر الرذاذ الذي يقع على الأرض والأسطح. وتتطابق أعراض نزلة البرد الصيفية مع نزلة البرد الشتوية، وهي تتمثل في سيلان الأنف والسعال والحمى وآلام الحلق وآلام الأذن، وغالبا ما تستمر الآلام لمدة أسبوع. ويمكن الوقاية من نزلة البرد الصيفية من خلال التغذية الصحية والمواظبة على ممارسة الأنشطة الحركية.