على مدى أربعة أيام اختزل «نادي لكل الناس» ببيروت سينما «الزمن المفقود» بعرض تسعة أفلام للسينمائي السوري محمد ملص تكريما لأحد رواد سينما المؤلف ومبدع مجدد في مجاله. وحضر المخرج افتتاح التظاهرة بفيلم «أحلام المدينة» (1984)، من بطولة الفنانين ياسمين خلاط وواحة الراهب وأيمن زيدان، والذي حاز على العديد من الجوائز بتونس وإسبانيا وفرنسا بالخصوص وصنف من بين أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما العربية، حيث يعيش ديب تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي (1956) والوحدة بين مصر وسوريا (1958). وعن فيلمه التسجيلي «المنام»، الذي حاز جائزة الإبداع والتجديد في مهرجان كان بفرنسا 1987، يقول المخرج إنه يترك لشخوصه في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حق سرد أحلامهم، ويحتفظ لنفسه بحق اختيار المكان والفعل والضوء وبالتأكيد حجم اللقطات. أطول هذه الأفلام هو الفيلم الروائي «الليل» (116 دقيقة) من بطولة صباح الجزائري، والذي حاز جوائز عديدة بتونس (مهرجان قرطاج) وسويسرا (فريبورغ) وبلجيكا (بروج) وإسبانيا (فالنسيا). تحكي الأم قصة زوجها المجاهد الذي مر من مدينة القنيطرة السورية ليلتحق بثورة عز الدين القسام (1936)، وعاد إليها ثانية وهو مهزوم، واستقر بها ورحل ثانية مع جيش الإنقاذ (1947) ليعود مهزوما مرة ثانية، لكن متمسكا بالمثل والأحلام. وأراد المخرج السوري في فيلمه «نور وظلال»، الذي أنجزه رفقة عمر أميرالاي وأسامة محمد بمناسبة العيد المئوي للسينما، تحية للرائد نزيه شهبندر الذي حاول منذ بداية القرن العشرين خلق سينما سورية في فيلمه «نور وظلام» الذي يعد من أهم التجارب الأولية لصناعة السينما في سورية. وحيى محمد ملص في فيلمه التسجيلي «حلب.. مقامات المسرة» الفنان الراحل الشيخ صبري مدلل، أحد أواخر شيوخ الطرب في إطار المدرسة الحلبية، وتخته الشرقي «تراث» الذي حافظ على أصالته بعدما نفض عدد من المعلمين في أوائل القرن (الشيخ علي درويش وعمر البطش وبكري الكردي...) الغبار عن قواعدها ودونوا تراثها. أما فيلم «فوق الرمل.. تحت الشمس»، الذي أنجز بمناسبة الذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهو مهدى لسجناء الرأي في العالم كله. ويحكي قصة مسرحية بعنوان (القفص) ركحها فارغ من أي ديكور، وممثلوها بلباس المعتقلات، ومخرجها يبدأ معهم التداريب عن تجربته الشخصية. وعن التحولات داخل المجتمع، تدور قصة فيلم «باب المقام» الذي وضع موسيقاه مارسيل خليفة. فالشقيق والعم وإبناه ينفذان جريمة قتل في حق امرأة أمام أولادها لأنها شغفت بأغاني السيدة أم كلثوم وب»شمس الأصيل» أساسا. فصار الغناء شبهة تؤدي إلى القتل في حلب مدينة الغناء والطرب والموسيقى. ويحكي فيلم «محارم» (إنتاج الجزيرة للأطفال 2008) بيع أطفال بائع غاز متجول نازح من الجولان مناديل ورقية بعد أوقات الدراسة لمساعدة أبيهم على تحقيق حلمه بشراء شاحنة صغيرة لبيع الغاز. ويتعرف الإبن الأكبر على طفلة بدمشق تريه رسوم والدها الكاريكاتورية اللاذعة. وتؤجر الأسرة بيتها لأسرة عراقية هاربة من جحيم الاحتلال وتعود لقريتها في الجولان. وهناك، حيث يتوفر الإبن على دراجة يقرر العودة عليها إلى دمشق ليرى الطفلة، ويريها رسومات رسمها لها عن الجولان قبل أن تمر شاحنة كبيرة، وهو يشتري هدية لصديقته، فتدهس الدراجة والرسومات معا. واختتمت التظاهرة بعرض فيلم «المهد» آخر الأفلام الروائية لمحمد ملص، الذي شاهده جمهور بيروت في عرضه الأول على الصعيد العالمي، ويتناول فيه المخرج إحدى حقب تاريخ العرب قبل الإسلام وأوضاع القبائل العربية المتناحرة في ما بينها.