انتقد الائتلاف المدني من أجل الجبل عدم إعمال وزارة الداخلية القطاع الوصي على الجماعات الترابية المقاربة الاستباقية لمواجهة موجة البرد بالمناطق الجبلية، حيث لم يتم تفعيل مركز القيادة واليقظة بالوزارة إلا بعد مرور ثلاثة أيام على إطلاق النشرة الإنذارية بخصوص قدوم موجة برد قاسية، كاشفا عن تسجيل حالة دواوير ومواطنين، خاصة من الرحل، حاصرتهم الثلوج وبعضهم لازال مجهول المصير. جاء ذلك خلال ندوة صحفية، عقدت مساء يوم الجمعة الماضي، بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، تمحورت حول تقديم حصيلة البرنامج الترافعي الوطني حول المناطق الجبلية بالمغرب الذي يشرف عليه "الائتلاف المدني من أجل الجبل" وجمعية "الهدف" ببولمان، في إطار مشروع "عدالة وإنصاف للجبل" والذي ينفذ بشراكة مع منظمة Counterpart International، وبدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID. وقال محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف، خلال هذه الندوة، "إن موجة البرد القارس والثلوج التي تساقطت بشكل مكثف بالمناطق الجبلية أظهرت أن عددا من القطاعات والآليات غير مهيأة، على رأسها كاسحات الثلوج التي يوجد أغلبها في وضعية متردية، مما يسهم في تأخر فك العزلة عن الطرقات الجهوية والفرعية بعدد من المحاور، ويعرض عددا من المواطنين للخطر خاصة المرضى والحوامل"، مؤكدا على أن السلطات ينبغي عليها وضع مخططات وتدابير بشكل استباقي لمواجهة مثل هذه الطوارئ. واعتبر محمد الديش أن المخرج من مثل هذه الحالات وما شابهها، هو أن تعمل الحكومة على بلورة وإخراج سياسات عمومية ذات أبعاد مندمجة، خاصة بالمناطق الجبلية تأخذ بعين الاعتبار الخصائص المجالية والترابية لهذه المناطق ، قائلا: "لم يعد مقبولا أن يظل هذا المجال الترابي والذي يهم 8 جهات من جهات المملكة، مسكوتا عنه، كما كان ذلك منذ سنوات طويلة، حيث كانت التنمية في هاته المناطق ينظر إليها من خلال أبعاد متعددة، تارة ترتكز هذه التنمية على الهاجس الأمني، وطورا تعتمد مؤقتا كإجراء ينظر للمواطن كخزان للثروات الطبيعية واليد العاملة، وتارة أخرى تستند إلى البعد الإحساني والتضامني، كل ذلك في إطار مقاربة تعتبر الجبل مجالا قرويا، تغيب عنها الرؤية الشمولية المنصفة والعادلة التي تراعي الأبعاد الترابية والمجالية وكذا الأبعاد الحضارية والثقافية لهاته المناطق. ودعا الديش، في هذا الصدد، الأحزاب السياسية إلى التفاعل الإيجابي مع البرنامج الترافعي الذي أعده الائتلاف المدني من أجل الجبل، منوها في هذا الصدد بالتجاوب الذي حظي به من قبل حزب التقدم والاشتراكية، موضحا أن البرنامج الترافعي للائتلاف المدني تم إطلاقه بمبادرة من جمعية الهدف ببولمان منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويتضمن بالأساس الترافع لدى الجهات المعنية من أجل إقرار سياسة عمومية منصفة وعادلة للمناطق الجبلية تراعي الخصوصيات المجالية لهاته المناطق، حيث تم إعداد مذكرة مطلبية، ومشروع قانون إطار حول المناطق الجبلية بالمغرب، ستقدم على شكل عريضة شعبية ومبادرة تشريعية تفعيلا للأدوار التي يخولها الدستور للإطارات المدنية. من جهتها، اعتبرت لطيفة معدني، المكلفة بالإعلام داخل الائتلاف، المذكرة المطلبية المدمجة لمطالب ساكنة الجبل بمثابة دعوة لمصالحة المغرب مع الجبل كعمق مجالي وثقافي واقتصادي، وفرصة لإنصاف مناطق شاسعة عانت ولا زالت تعاني من النسيان والتجاهل بل والاستنزاف المنهجي. كما اعتبرت لطيفة المعدني المذكرة شكلا من المناشدة الموجهة للفاعلين السياسيين والمؤسساتيين كي ينصتوا بإمعان لصوت الجبل، ومطلبا موجها للجهات الرسمية كي تبادر إلى اعتماد الحلول المستدامة عوض التدابير الموسمية المجزأة. وأبرزت المعدني أن الائتلاف اعتمد في صياغة هاته المذكرة، عددا من المقاربات على رأسها المقاربة الحقوقية، بحيث يتم إدماج البعد الحقوقي في مسلسل التشريع وإرساء السياسات، والمقاربة المجالية والتشاركية، مشيرة إلى أن المذكرة تضمنت مطالب تهم قطاعات التعليم، والصحة، والفلاحة، فضلا عن الثقافة، والتجهيز، حيث تمت الدعوة إلى إيلاء إقامة مدارس ومؤسسات صحية أولوية فائقة وعناية خاصة، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الاستثمار الاقتصادي والمنجمي الذي ينسجم مع خصائص المناطق الجبلية، وحماية الموروث المادي واللامادي، وحماية البيئة والنظم الإيكولوجية.