سؤال الفرجة الخاصة بالموقع في المجتمعات العربية الإسلامية "الذاكرة الثقافية والإبداعية المعاصرة: الفرجة الخاصة بالموقع في سياقات عربية إسلامية" كان هذا هو العنوان العريض الذي نظم تحته المركز الدولي لدراسات الفرجة، ندوته الدولية هذه السنة، والتأم حولها أيام 21-22-23 ماي 2010. بمتحف القصبة التاريخي في طنجة، العديد من الفعاليات المهتمة بالفعل المسرحي، كما شارك في تأطير أشغالها نخبة من الباحثين والدارسين على المستوى الوطني والدولي. "الرينك" اختزال لتاريخ المغرب الحديث ومن بين الأسماء المشاركة: البروفيسور مارفن كارلسون والدكتور حسن المنيعي وبريان سنجلتون (رئيس الاتحاد الدولي للبحوث المسرحية)، الدكتور خالد أمين رئيس المركز والدكتور يونس لوليدي، بالإضافة الى حضور العديد من الأسماء البارزة في مجال الثقافة والممارسة المسرحية على الصعيد الوطني، نذكر من بينهم الفنان والكاتب المسرحي محمد قاوتي، الذي قام خلال اليوم الأول بتوقيع كتابه الأخير "الرينك" الصادر عن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، وهو عبارة عن نص مسرحي قدم له الرائد ومؤسس الدرس المسرحي بالجامعة المغربية الدكتور حسن لمنيعي، وكان الكاتب خلال الجلسة محاطا بكل من الدكتور يونس لوليدي ومحسن زروال اللذين أكدا على القيمة الدرامية لمسرحية "الرينك" منوهين بمسار الفنان والكاتب المبدع محمد قاوتي.. وفي مداخلته النقدية التحليلية خلال الجلسة التوقيعية اعتبر الدكتور يونس لوليدي أن مسرحية "الرينك" تنطوي على العديد من الأبعاد المستمدة من الإطار التاريخي والسوسيوثقافي اللذين كتبت خلالهما، إذ يرجع تأليفها إلى سنة 1989 ليعود الكاتب إليها سنة 2009 بإدخال تعديلات تتوافق مع متطلبات النص المسرحي المقروء، من خلال الإشارات المسرحية والإحالات، انطلاقا من المقدمة (فتوح الرحبة)، مرورا بخمس جولات، وأربعة روابط، للوصول إلى مشهد ختامي (تشطاب الكاعة)، اختزال لتاريخ المغرب الحديث قبل الاستقلال وبعده، وانتقاد لفترة شهدت أحداثا سياسية واختلالا للأوضاع والحريات. عندما يصبح الصخر لينا مطواعا ودليل حضارة داخل فضاء القصبة البديع المطل على المشهد البحري وتمثله للإبداع والحضارة المغربيين المنعكسين على تفاصيله العمرانية، تم تكريم الفنانة المغربية الكبيرة النحاتة إكرام القباج خلال جلسة الافتتاح، وبدا للحضور أنها مبدعة تشتغل في صمت بعيدا عن الهرج والأضواء، ومع كل ذلك تجد سمعة القباج الفنية والإنسانية تسبقها في المحافل الفنية على المستوى الدولي منقوشة على الصخر والرخام وكل ماهو صلب ومكابر من مواد الطبيعة، يدوب بين يديها المرمر ويصبح لينا مطواعا، إكرام القباج التي تقدم صورة رائعة عن قوة الأنوثة في الإبداع كونيا دون الحديث عن موقعها كسفيرة تروج لصورة مشرفة عن النساء المغربيات المبدعات على الخصوص. اسمها الذي يملأ مساحات الجرائد ومحركات البحث وصفحات الانترنت، من خلال أعمالها ومعارضها العالمية الكثيرة بكل من فرنسا، اليونان، بلجيكا، الإمارت العربية المتحدة، بريطانيا، كوريا الجنوبية، اسبانيا، تركيا والولايات المتحدة، دون الحديث عن أعمالها وطنيا حيث يعود الفضل لإكرام القباج ومجهودها الشخصي في إقامة العديد من المحترفات أو السمبوزيومات الدولية في المغرب بالعديد من المدن التاريخية المغربية كالجديدة، فاس، طنجة والصويرة حيث صارت العديد من المنحوتات تزين حديقة المدينة وهي تقابل البحر. إكرام القباج فنانة تناضل بإصرار من أجل ترسيخ فعل النحت في بلدنا على غرار البلدان الأخرى العربية منها والعالمية، لكون هذا الفن في المغرب مازال يواجه ضعف مستوى الذوق الفني على المستوى الرسمي والشعبي. هذا الفن الرائع يعتبر من الفنون التي انبتقت من حاجة الإنسان منذ عهود ماقبل التاريخ ورافق تحولات الحضارة البشرية من خلال وظيفته ومعناه ورسالة الخلود القوية التي يتضمنها. النحت فن وإبداع يحاكي في صمت صراعات الحياة الصاخبة ليصبح فعل الزمن إزميلا ينقش على صفحة الطبيعة ذكرى عبوره. من ذا الذي يخاف الفرجة الخاصة بالموقع؟ هذا عنوان عرض فني مختبري، أشرف عليه مساء الجمعة الماضي المخرج مسعود بوحسين رفقة مجموعة من شباب وشابات مدينة طنجة في تقاطع مع موضوع الدورة السادسة حول الفرجة الخاصة بالموقع وتعريضها للدرس والمساءلة لأول مرة في المغرب، وتعنى بالخصوصيات الفرجوية التي تجمع بين الحدث الفرجوي وذاكرة المكان / الموقع الذي ينبعث منه، إلى أن يصبح جزء ملتحما به، إذ لا قيمة للفرجة الخاصة بالموقع بمعزل عن الموقع ذاته. وبالتوازي مع النقاشات النظرية العميقة بين النقاد ومحترفي الفرجة السائد خلال هذه الدورة، اختار بوحسين تقديم عرض يساهم في تعميق النقاش ولكن من منطلق تطبيقي يعكس التساؤلات والاهتمامات الجمالية من نفس الموقع. كانت هذه نبذة عن جانب من أشغال الدورة السادسة لطنجة المشهدية والمنظم من طرف المركز الدولي لدراسات الفرجة، الذي يترأسه بكفاءة الدكتور خالد أمين، اذ استطاع المركز وفي ظرف وجيز لا يتجاوز الثلاث سنوات من أن يتألق سواء على مستوى المشاريع الفكرية، أو على مستوى المنشورات، من خلال ترسيخه لتقاليد علمية جديدة في المجال المسرحي والفرجوي عموما أو عبر مسعاه لتنمية وتطوير التعاون القائم بين الاختصاصات المسرحية وفنون الفرجة وبين اتجاهات أخرى ضمن العلوم الإنسانية. وتواصلت الجلسات والندوات على مدى ثلاثة أيام بين تبادل وحوار ودرس وتحليل وعرض لتجارب رائعة.