قال أحمد أزيرارأستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، إن النموذج المغربي لم يرق إلى ما هو متوخى من تسريع للتنمية وإدماج اجتماعي ومجالي، مضيفا في حوار مع بيان اليوم، أنه تحققت في السنوات العشرين الماضية، بعض الأهداف إلا أنها تبقى غير كافية. وأكد بالمناسبة، أن هذا النموذج قد استنفد صلاحيته لأن واقع المغرب في محيطه الخارجي قد تغير. وفيما يلي نص الحوار. أي نموذج تنموي يحتاج إليه المغرب، وما هي الأسس التي سوف يبنى عليها؟ نظريا، مصطلح النموذج فيه نقاش. لأنه قد يعني من جهة الميزة أو الميزات التنموية لبلد ما او حتى لمنطقة معينة. كما أنه قد يعني من جهة أخرى التركيبة التي ينبني عليها مسلسل التنمية paradigme)). بالواضح يقال بالمفهوم الأول النموذج المغربي مثلا وبالمفهوم الثاني النموذج الليبرالي. وعلى العموم فالمهم هو الصلاحية العملية للنموذج على أرض الواقع والذي يجب أن يفحص بالمنظورين. كان يحلو للرئيس السابق للصين الشعبية دنغ هسياو بنغ القول: " ليس مهما أن يكون القط أسودا أو أحمر بقدر ما يهم أن يخلصنا من الفئران". من جهة أخرى من البديهي أنه غير مجدي أن نتصور إمكانية استنساخ نموذج أجنبي وأن نثبت نجاعته لنطبقه بحذافيره على بلد أخر. المقارنة مع تجارب أجنبية لا تعدو أن تكون إلا من باب الاستئناس واستخلاص أحسن التطبيقات وخصوصا المنهجية المتبعة. لأن المنهجية قد تكونت أنفع غالبا من عمق النموذج. لذا فإن منهجيات تنموية حديثة من قبيل تلك التي اتبعتها بلدان مثل كوريا الجنوبية، وماليزيا، وفيتنام، والتشيلي، وإيرلندا، وإن اختلفت شكلياتها، فإنها تتشابه على عدة مستويات، أولها الدولة القوية الناجعة، ثانيها التنمية الشاملة والمثلى "للرأسمال" البشري، ثالثها التجانس والتعاون القويين بين رأس المال الخاص والدولة على تطبيق فعال لمخططات تنموية متفق عليها خصوصا في الصناعة الحديثة والتكنلوجيا، ورابعها التوظيف القوي والهادف للهوية الوطنية لإذكاء روح الدينامية والتفاني في العمل المتقن في أجواء انفتاح ثقافي على الخارج وتقبل بصدر رحب للاستثمارات الخارجية والأفكار الناجعة أيا كان مصدرها، شريطة أن تكون صالحة للتنمية المحلية. النموذج المنتظر يجب إذن أن تصحح أسس النموذج الحالي على أصعدة مختلفة. ما دمنا قد اخترنا النظام الديمقراطي فأول تصحيح من الضروري أن يطال نظامنا الديمقراطي وتطبيق صارم للدستور. إن اقتضى الحال مثلا أن تجرى انتخابات سابقة لأوانها بطريقة شفافة غير مسبوقة وبحيادية إيجابية للدولة لكي تصحح الاختلالات التي شابت الدورة الماضية، وذلك لتلج البرلمان نخبة مؤهلة ونزيهة ومشببة جديدة قادرة على أن تذكي الدينامية المتوخاة، فليكن. الكل واع بأن إشكال النموذج الاقتصادي هو سياسي بالدرجة الأولى. لقد جربنا ما يسمى بالأعيان وبالتكنقراطيين بما فيه الكفاية. حان وقت المزاوجة بين التقني والسياسي الجديدين، وهذا أمر ممكن لأن أرض المغرب واسعة، وكفاءاته في الداخل والخارج متعددة. التصحيح يجب كذلك أن يغير المنظومة الإدارية الوطنية والجهوية والمحلية، لأنه لا يمكن أن يستمر الحال على ما هو عليه من تدن للإنتاجية ولروح المسؤولية. الأمر عام وكل الإدارات معنية بالتغيير من عدل، وتعليم، ومالية، وداخلية، وخارجية، وفلاحة، وثقافة، وصحة وغيرها. يجب كذلك إذكاء دينامية قوية في عالم المال والأعمال. لأن دور الأبناك والمستثمرين المحليين وتجمعاتهم المهنية أمر محوري في أعمال القفزة النوعية المتوخاة. الاستثمار المنتج وتحفيز العمال وأداء المستحقات أمور جوهرية. لا تقدم بدون قطاع خاص حيوي منضبط ومسؤول وواع بدوره التاريخي، ووطني حتى النخاع. لأن أول الأولويات تبقى برنامجا جد طموح للتشغيل وتحفيز الشباب. وهنا للمقاولة وللاستثمار الخاص دورهم المفصلي. برنامج لا على شاكلة ما سمي في الماضي بمجلس الشباب والمستقبل والذي، وإن كانت فكرة إنشاءه جد صائبة، إلا أن تنزيله على أرض الواقع أدى إلى إعطاء مفاهيم خاطئة للشباب، خصوصا إيهامهم بأن الوظيفة العمومية سوف تضمن الشغل، إن لم يكن للجميع فلعدد وافر على الأقل. على كل فقد كانت تجربة مضت يجب استخلاص العبر منها لأعمال برنامج ناجع يتماشى مع الحاضر. أخيرا لا يمكن لأي بلد أن يسير بدون رؤية مستقبلية واضحة متفق عليها ديمقراطيا وإن كان ترتيبها تكنقراطيا بالطبع. ما دام الانسان المغربي يعيش أكثر من 75 سنة في المتوسط وما دام هو أصل وهدف التنمية فمن الضروري وجود رؤية تشاركية شاملة واضحة. إن الاجماع الوطني حول أهداف محورية هامة بين جميع الهيئات السياسة الوطنية أمر ضروري، يعمل أي تحالف حكومي مهما كان لونه على تطبيقها أحسن تطبيق بالنزاهة والكفاءة والمسؤولية والمحاسبة الضرورية. ما الذي جعل " النموذج التنموي" السابق فاشلا ولم يعد يستجيب للمتطلبات الراهنة؟ إن النموذج المغربي لم يرق إلى ما هو متوخى من تسريع للتنمية وإدماج اجتماعي ومجالي. نعم حققت في السنوات العشرين الماضية بعض الأهداف إلا أنها تبقى غير كافية. أضف إلى ذلك أن هذا النموذج قد استنفد صلاحيته لأن واقع المغرب في محيطه الخارجي قد تغير. كما أن لكل نموذج مدة صلاحية معينة تطول ما دام في تناغم مع متطلبات المرحلة. منذ 2007 تغير وجه العالم واقتصاده بشكل كبير بعد الهزة الأعنف منذ أزمة 1929. كما أن المغرب رغم عدم انغماسه الكلي في العلاقات المالية الدولية قد سجل تراجعا ملحوظا في نسب التنمية منذ تلك الفترة. أول المتغيرات الدولية هي تراجع الليبرالية المطلقة بل ودخول دول كبيرة اقتصادية في مرحلة من الانزواء الداخلي لحل المشاكل المحدقة بها بل وحتى الحمائية والدعوة إلى إعادة توطين الاستثمارات. هذا في نطاق سياسي محموم أدى إلى صعود قوات سياسية متطرفة وحتى نزعات إقليمية استقلالية. في محيطنا المتوسطي والمغاربي والعربي والساحلي الصحراوي، فقد تفاقمت الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني مع تنامي الاٍرهاب الدولي. وعلى المستوى الداخلي وكما يعلم الجميع فقد انخفضت معدلات النماء في وقت يشهد فيه المغرب انتقالا ديمغرافيا يدفع بإعداد هائلة من الشباب إلى سوق الشغل. وهذا رغم الزخم الهائل للاستثمار العمومي الذي مع الأسف أبان عن قلة مردوديته وذلك لعدم الدعم الكافي له من طرف لاستثمار الخصوصي المنتج خصوصا الوطني. الشيء الذي ترتب عنه عجز متفاقم لميزانية الدولة وارتفاع للمديونية في وقت تفاقم كذلك فيه خلل الميزان التجاري. أخطر من هذا، هو عدم قدرة الاقتصاد المغربي على خلق العدد الكافي من مناصب الشغل لامتصاص العدد الكبير من الشباب سوآءا منه الحامل للشواهد العليا أو غيره وحتى من خريجي التكوين المهني. والأصعب هو أن نسبة القوة العاملة في السكان تراجعت إلى مستوى أقل من 40 في المائة كما ارتفعت نسبة التبعية الاجتماعية. مع هذا بقيت الانتاجية المغربية في تدني على المدى الطويل إلى 1,2 في المائة سنويا في الوقت الذي نحتاج فيه إلى 2 في المائة على الأقل وباسترسال. لن يفوت كذلك أن نلاحظ بأن الفوارق الطبقية قد تفاقمت رغم ارتفاع مضطرد للدخل القومي المتوسط منذ سنين. كما أضحى لا يكفي المواطن تنميق المدن وشوارعها، وإن كان هذا مهما، في وقت لا تستفيد فيه البوادي وحتى ضواحي المدن من الطفرة التجهيزية المحققة. مع العلم أن تدني الخدمات الاجتماعية الرئيسة وخصوصا بالنسبة للشرائح المتوسطة من السكان التي تتضرر بوتيرة مضاعفة لعدم ملاءمة هاته الخدمات وللضغط الضريبي الذي تتحمله. باختصار يشكو النموذج الاقتصادي المغربي حسب دراسات متعددة من ثلاثة اختلالات بينة تتعلق بالتكوين الغير الكافي وغير الجيد للقدرات البشرية الوطنية، مع ما لهاته الحالة من انعكاسات سلبية عديدة. ثم قلة القطاعات الحيوية المنتجة والتنافسية خارجيا والخلاقة لمناصب الشغل اللائق، وذلك لتواجد ريع لا زال قائما ولعدم اهتمام رأس المال المغربي بتلك القطاعات موكلا إياها الى الاستثمار الخارجي. وكذا عدم نجاعة السياسات العمومية وذلك لعدم التناغم فيما بينها وعدم التكامل والتعاون بين الأطراف المسؤولة المتعددة، وعدم التقييم الممنهج لتلك السياسات، وطنيا ومحليا، وقطاعيا، وكذا قلة المحاسبة إن لم نقل عدمها بالمرة في بعظ المناحي. إن هاته الأسباب في جوهرها مرتبطة بهشاشة نظامنا الديمقراطي الذي كان يجب أن يكون مبنيا على أسس عمل شفافة وعلى أحزاب سياسية قوية ذات استقلالية في قراراتها، ومرتبطة بنبض الوطن والمواطنين، وقادرة على تعبئتهم نحو الطريق الصحيح والمصلحة العامة. باختصار ديمقراطية المؤسسات النزيهة تحت مظلة المؤسسة الملكية التي لا نقاش فيها. هذا فضلا عن تشتت المنظومة التسييرية الوطنية وعدم التزام بعض الهيئات بالمسؤولية العمومية بل وحتى عدم خضوعها للمحاسبة. بمعنى آخر من الواجب وجود مخططات وطنية وجهوية، طويلة ومتوسطة المدى، محكمة التحضير بطريقة تشاركية حقيقية وشاملة، تجس نبض الساكنة على اختلاف مشاربها وإمكاناتها ومجالاتها، مما سوف يعطيها الثقة الكاملة في بلادها وفِي مؤسساتها. زيادة على ترك الفوارق المجالية والطبقية تتسع خصوصا وأن الحيف الضريبي وعدم عدالة توزيع الحوافز والريع يعمق من هاته الفوارق. النموذج التنموي يرتكز على فروع أساسية وهي النموذج الاقتصادي والمجتمعي والسياسي والثقافي، ما السبيل إلى نموذج تنموي مغربي يزاوج بين هذه الفروع، بشكل متوازن؟ لا يمكن تقزيم التنمية في المنظور الضيق للنمو الاقتصادي وإن كان النمو، شريطة أن يكون دامجا ومستمرا، من الأولويات الملحة. للتذكير وسنوات قبل أن يعمم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مصطلح البزوغ أو الصعود الاقتصادي، وذلك لمواكبة الاحداث، كان هناك مفكرون مثل عزيز بلال لا يتكلمون إلا بمنظور التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. معنى ذلك أنه ما دام المجتمع كل لا يتجزأ فإن الثقافة والاقتصاد والسياسة مرتبطة ببعضها في سيرورة التنمية. مع العلم أن الإرادة السياسية هي المنطلق. معنى ذلك أن نموذجا من هذا القبيل ينطلق من التعبئة الشاملة للشعب بقيادة دولة قوية مخططة ومعبأة لنخب صالحة ومؤهلة ومحاسبة. إن كان كل هذا ديمقراطيا فذلك أفضل ويغني عن كثير من ضياع الوقت والجهد والتكلفة. هناك من يرى أن المغرب يسير بسرعتين، من ناحية توجد مخططات ضخمة استفادت من أموال كثيرة، لكن بالمقابل أثرها على المواطن تبقى محدودة، فيما يتعلق بمستوى العيش والخدمات الأساسية، ما السبيل إلى تحقيق عدالة في توزيع الثروة؟ العدالة الاجتماعية لا تعني المساواة التامة، الغير ممكنة أصلا. العدالة تكفل بضمان تساوي الفرص، بتعليم ناجع، وبعدالة نزيهة، وبنظام ضريبي منصف. مع العلم أن المساواة أمام الضريبة لا تحقق الانصاف. كما أن المنظومة الضريبية واستخلاص الضرائب هما مقياسان للإرادة السياسية. المخططات التي نتحدث عنها جد ضرورية إن اندرجت في نظرة شمولية متناغمة فيما بينها ومسيرة بحكامة جيدة. توزيع الثروة يبدأ بخلقها كما لا يستحسن توزيع دخل دون مقابل عمل إلا في الحالات الضرورية أو المحدودة زمنيا. يرتبط نجاح النموذج التنموي بتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، كيف يمكن فك الارتباط بين نسب النمو التي يتم تسجيلها بأداء القطاع الفلاحي؟ الأمر فيه شقين، الأول ضرورة تنويع الاقتصاد وتسريع التصنيع والخدمات المرتبطة بالصناعة. الشيء الذي سوف يمكن من رفع نسبة النمو الغير الفلاحي. والثاني ضرورة إصلاح شامل ومسترسل لكل المنظومة الفلاحية الوطنية بما في ذلك نظام ملكية الأراضي وتطوير نظم الانتاج والري، وإشكالية الطاقات البديلة لها كذلك أهمية قصوى في هذا المجال. في السنوات الأخيرة اختار المغرب التوجه نحو فتح أبواب الاستثمار في المهن العالمية خاصة قطاع الطيران والسيارات، هل تعتقدون أن هذا التوجه يكفي بتأسيس نموذج تنموي قوي ومستدام؟ كما أسلفت سابقا، يجب تقوية هذا التوجه التصنيعي لكن مع الرفع من نسبة الاندماج المحلي والصعود في سلاسل الإنتاج العالمية. وهذا مرتبط بمشاركة قوية للاستثمار الوطني في هاته القطاعات بدلا من تركها للأجانب وحدهم، ومرتبط أكثر بالاستراتيجية الوطنية في ميادين العلم والمعرفة والبحث التكنلوجي والابتكار، ف 0.8 في المائة من الدخل القومي المخصصة حاليا لهذا المجال الحساس لا تكفي أبدا. كما أن سياستنا في استقطاب القدرات سواء منها المغربية المتواجدة خارج الوطن أو الأجنبية وكذا الحد من هجرة الأدمغة لها أهميتها القصوى. ارتكز مشروع قانون المالية لسنة 2018 في جانب منه، على إعطاء أولوية للقطاعات الاجتماعية، ومنها التشغيل، هل تعتقدون أن هذه الأولوية من شانها أن تعزز النموذج التنموي المغربي، وكيف يمكن للمقاولات المغربية أن توفر مناصب شغل مستدامة؟ نظرا لما للمطالب الاجتماعية من استعجال وخصوصا التشغيل فإن التوجه الاجتماعي لقانون المالية أمر ضروري. إلا أن خلق مناصب الشغل القارة والكافية واللائقة لا تتأتى إلا بتفعيل نظام إنتاجي متطور من قبيل ما تحدثنا عنه سلفا. فالقطاع الصناعي المندمج ومنظومة الخدمات المرتبطة به هي الكفيلة بخلق الشغل الكافي على المدى المتوسط. وفي انتظار ذلك تعد التحفيزات المقدمة خصوصا للمقاولات الصغيرة والمتوسطة ضرورية لكن مع توخي تحقيق الفعالية لهاته التحفيزات وهو الأمر الغير محقق دائما لا سيما وتشتت الإدارات المكلفة بذلك. المقاولة من جهتها مطالبة بتسيير أفضل لقدراتها البشرية وقدراتها الاستثمارية ولسياستها الابتكارية. من جانب آخر، فالقطاع الخاص لا يساهم بما فيه الكفاية في الاستثمار المنتج ولا في تمويل البحث العلمي والابتكار، وهنا يجب القيام بتقييم شامل للسياسة التحفيزية للدولة. هذا الامر جاء كتوصية في المناظرة الوطنية للنظام الضريبي التي أقيمت سنة 2013. الكل يعلم أنه لا إنتاجية مرتفعة بدون ابتكار وبدون تكوين مستمر وبدون تحفيز للأطر والعمال. وهنا لا يمكن أن ننسى دور الجهات ودور المدرسة والجامعة في مجال التشغيل اللائق. بحسب الإحصائيات، تعلن كل سنة آلاف المقاولات إفلاسها وهو ما ينعكس على خلق الثروة ومناصب الشغل اعتقادكم ما هي أسباب هذا النزيف، وكيف يمكن الحد منه؟ هناك من الافلاسات ما هو عادي ويدخل في خانة الحياة العادية للمقاولات. هناك كذلك ما يرتبط بالسنوات الأولى في حياة المقاولات المحدثة والتي يكتشف أصحابها أنهم قد اخطؤوا في توقعاتهم أو حتى دراساتهم للمشاريع. هذا الحال موجود بكثرة عند المستثمرين الشباب أو في المقاولات الصغيرة والمتوسطة. وهناك حالات قطاعات في تحول أو أمام منافسة أشرس يجب على المتعاملين فيها أن يقوموا باستثمارات تكنولوجية أو تنظيمية وإلا فمصير كثير من المقاولات الإفلاس. هذا حال قطاع النسيج والجلد مثلا. وهناك حالة قطاع البناء الاسكاني الذي عانى في السنوات الأخيرة من تدني الطلب بعد سنوات من الازدهار والربح المرتفع. وهناك كذلك قطاعات تنافسها منافسة غير شريفة المواد المهربة بأشكال مختلفة. كما هناك حالات مقاولات يجب على أصحابها أن يستعينوا بأطر كفأه أو بخبرات خارج المقاولة. ما هي الإجراءات الكفيلة بتقوية روح الثقة وتعزيز مناخ الاعمال الذي من شنه أن يرفع وتيرة الدينامية الاقتصادية، ومنه إلى التنمية الاجتماعية؟ إن تحسن مناخ الأعمال شكل هرمي، منه ما تعود المسؤولية فيه للدولة ومنه ما تعود للجهات والقطاعات ومنه ما تعود للمقاولات والأفراد. قد يكون نص تشريعي مجحف أقل ضررا نسبيا من تعامل غير مواطن يصدر من أشخاص في المجال العام بالنسبة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية أو السياح الأجانب. على أي فإن الدول في منافسة شرسة فيما بينها، وهناك تتبع عالمي لجميع المكونات التنافسية لكل دولة يحتم على الجميع أعلى مستوى من الاحترافية. بالنسبة للمغرب ما زالت مشاكل كثيرة عالقة بحالة نظامه التعليمي وبمؤشراته الاجتماعية يجب العمل بقوة على تداركها. ما السبيل إلى ضمان العدالة المجالية فيما يتعلق بتوزيع المشاريع التنموية في مختلف الجهات المغربية، وكيف يمكن الخروج من التركز الذي تعرفه جهات دون أخرى؟ إن التوجه المغربي نحو الجهوية الموسعة صائب خصوصا إذا وفرت الموارد المالية والبشرية للجهات الفقيرة. كما يجب على النخب المحلية أن تتعبأ لخلق اقتصادات محلية تنافسية وذلك بمنهجية تعبوية تشاركية بين المقاولات المحلية والجامعة والسلطات المنتخبة والمحلية. إن لكل جهة من الخصوصيات والثروات المادية واللامادية ما قد يسمح لها من خلق نموذج خاص يمكنها من منافسة الجهات الأخرى بل والتوجه إلى الأسواق الخارجية.