تعيش مدينة جرادة على وقع احتجاجات الساكنة، واستمرار الإضراب العام المفتوح الذي يشل الحركة بمختلف مناحي الحياة بهذه المدينة المنجمية، منذ يوم السبت الماضي، وذلك على خلفية وفاة شابين شقيقين داخل أحد آبار الفحم العشوائية. وقد ارتفعت وتيرة احتجاج ساكنة جرادة صباح أمس الإثنين، بعد أن تناهى إلى علمها أن السلطات المحلية تحاول أن تدفن جثة الشابين، وأن تقنع عائلة الضحيتين بدفنهما ليلا وبشكل سري، مما أثار موجة من الغضب داخل المدينة. وسارع عشرات الشباب إلى تطويق مستودع الأموات حيث ترقد الضحيتان، فيما اعتصم شباب آخرون أمام المقبرة لمنع دفنهما بشكل سري، حيث أقاموا الخيام وقضوا ليلتهم بها قبل أن تفاجئهم القوات الأمنية التي فضت الاعتصام بالقوة. وتحتج ساكنة مدينة جرادة، للتعبير عن غضبها من استمرار شبح الموت الذي يتهدد أبناء المدينة داخل آبار "السندريات" أو المقابر المفتوحة تحت الأرض، التي تحيل على استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية، وعلى واقع البؤس والحرمان، ومعاناة البحث المستمر عن لقمة العيش، حيث ردد المحتجون الذين جابوا شوارع المدينة، أمس الإثنين، شعارات "ضد الظلم الاجتماعي" وضد "الحكرة" مطالبين بالشغل والكرامة، ورفع التهميش عن المنطقة التي تزخر بإمكانيات طبيعية يتعين استغلالها بالشكل الأنسب، انسجاما مع مطالب الساكنة العادلة والمشروعة، والتي عبرت عنها أكثر من مرة، والتي يأتي على رأسها خلق فرص شغل لأبناء المنطقة، سواء في المجال الصناعي أو الفلاحي. يشار إلى أن النائبة البرلمانية فاطمة الزهراء برصات عضوة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، كانت قد وجهت سؤالا كتابيا، بتاريخ 24 نونبر المنصرم، إلى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، تثير فيه مخاطر المناجم العشوائية بمنطقة جرادة، لكن وإلى غاية اليوم، لم تتلق أي جواب. وقد أوضحت النائبة فاطمة الزهراء برصات، في سؤالها الكتابي، أن منطقة جرادة المعروفة بمناجم الفحم الحجري، تشتكي من مشكل عويص يتصل بمعاناة أبنائها في الحصول على لقمة العيش، ولجوئهم إلى الفحم الحجري كمصدر وحيد لكسب ما يلبي حاجياتهم اليومية، من خلال الغوص في أعماق أثقاب أرضية عشوائية دون توفر الشروط الضرورية في هكذا حالات لحمايتهم من المخاطر التي قد تؤدي بحياتهم بفعل الاختناق أو بسبب انهيار الصخور عليهم. وأضافت النائبة البرلمانية برصات أنه رغم المخاطر التي تحدق بهم، إلا أنها لا تمنعهم من الغوص في أعماق هذه المناجم بحثا عن مادة يعيلون بها أسرهم، أمام غياب بديل يغنيهم عن هذا العمل، مع العلم أنهم يشتغلون بآلات تقليدية أمام عيون السلطات العمومية.