بالنسبة للخلية الإرهابية، التي أعلنت وزارة الداخلية عن تفكيكها، فقد برز المكان في بداية النظر، وفي صدارة الصورة. هنا أمغالا للمرة الثالثة، وهنا الدلالة على استهداف البلاد، وعلى اقتران الانفصال بالإرهاب كعنوان لخطر يتهدد المنطقة برمتها. الخلية الإرهابية، التي نجحت المصالح الأمنية في تفكيكها، تؤكد جدية ما سبق للمغرب أن عبر عنه من تحذيرات بشأن اختراق «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» للبوليساريو، وأيضا لجوء الانفصاليين إلى «خدمات» الجماعات الإرهابية، وبالتالي فان هذا الالتقاء في المصالح وفي الغايات، يجعل الخطورة شاملة للمنطقة المغاربية برمتها. في السياق ذاته، فإن كون «القاعدة» تعاني من تعدد الضربات في مناطق التوتر مثل أفغانستان والعراق،جعلها منذ مدة تغير تموقعاتها الجغرافية، وهي من خلال تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، تسعى لجعل منطقة الساحل جنوب الصحراء، وخصوصا شمال مالي، من ضمن قواعدها الخلفية الأساسية، بالإضافة إلى أن الاستقطاب لم يعد مقتصرا فقط على داخل المغرب ، إنما صار الاستقطاب من تيندوف أيضا قصد زعزعة استقرار الأقاليم الجنوبية للمملكة، والداخل المغربي، وبالتالي تأسيس المآزق في الميدان وحول قضيتنا الوطنية، ما سيتيح للانفصاليين مكسبا سياسيا ضد المغرب، ويجعل التهديد بالعودة إلى حمل السلاح، عملا تتولاه الجماعات الإرهابية لفائدة «البوليساريو». إن المآسي التي يحياها الشباب داخل معسكرات تيندوف يجعلهم قابلين للتجنيد من لدن الجماعات الإرهابية، خصوصا عندما يكون الهدف هو المغرب، كما أن تورط عناصر من الجبهة الانفصالية في عمليات إرهابية سابقة «عمر الصحراوي مثلا»، وهشاشة الأوضاع في الجزائر، كل هذا يجعل الأمر اليوم ذا خطورة أمنية وجيوإستراتيجية بليغة، ويستدعي من المجتمع الدولي التحرك الجدي، وهنا الطريق يمر أساسا عبر حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء ضمن السيادة المغربية، وإجبار النظام الجزائري على الانخراط في هذا المسار. إن تفكيك «خلية أمغالا» اليوم بكل ترسانة الأسلحة التي حجزت، وقبلها بأيام «خلية الإرهاب السيبرنيتيكي»، ثم تورط أشخاص من جنسيات أخرى إلى جانب مغاربة ضمن هذه الخلايا، وأيضا تزايد الدلائل المؤكدة لتورط «البوليساريو» في التنسيق مع الجماعات الإرهابية، وخصوصا «القاعدة»، كل هذا يبين حجم التحول الذي طرأ على عمل الجماعات الإرهابية، وأيضا حجم المخاطر المهددة لبلادنا. وبقدر ما أن المصالح الأمنية المغربية تستحق الإشادة على مقاربتها الاستباقية، فان الوضع بات اليوم يتطلب ممارسة هجوم ديبلوماسي تجاه المنتظم الدولي بشأن تسريع وتيرة حل قضية الصحراء المغربية، وأيضا استحضار الخطر الإرهابي الذي باتت تمثله الجبهة الانفصالية من خلالها «زواجها» بالإرهاب.