قالت أوساط خليجية مطّلعة إن دول المقاطعة تنظر إلى لقاء نيويورك غد الثلاثاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كونه الفرصة الأخيرة أمام الدوائر الأميركية التي تعتقد بإمكانية نجاح الوساطة مع قطر في الوصول إلى حلّ عبر الحوار، لافتة إلى أن هامش المناورة أمام الدوحة صار محدودا جدا. وأشارت هذه الأوساط إلى أن الشيخ تميم لا يمكن أن يعلن في خطابه أمام الجمعية العامة، أو في لقائه بترامب، تمسّكه بالحوار مع السعودية والإمارات ومصر والبحرين، أو أنه يتبنّى الحرب على الإرهاب، ثم تعلن وكالة الأنباء الرسمية القطرية أو قناة الجزيرة، أن كلام الأمير تم تأويله بشكل خاطئ، أو تحريفه، فالتراجع هنا غير ممكن لأنه أمام أنظار العالم. واعتبرت أن الرئيس الأميركي سيكون في وضع أقوى أمام لوبي وزارة الخارجية الموالي لقطر. ولم تستبعد أن يبادر ترامب في كلمته أمام الجمعية العامة إلى دعوة قطر لفك ارتباطها بالإرهاب، وأن توقف أسلوب الهروب إلى الأمام وتقبل بالحوار مع جيرانها لإنهاء أزمة تجاوزت المئة يوم. ويجد هذا التوقّع مشروعيته في تصريحات نيكي هيلي سفيرة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة التي قالت إن دونالد ترامب سيهاجم الأعداء ويثني على الأصدقاء في أول كلمة يلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني أن كلمته لن تتضمن أيّ مجاملة في مختلف الملفات، وخاصة ملف قطر. وسبق لهيلي أن اعتبرت أن الأزمة الخليجية تمثل فرصة لحثّ قطر على وقف دعم «مجموعات تسير نحو القيام بنشاطات إرهابية لا نريد رؤيتها». وسيلتقي ترامب يوم غد الثلاثاء مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر. وقال ترامب الأسبوع الماضي إنه مستعد للتوسط في أسوأ خلاف نشب منذ عشرات السنين بين قطر ودول عربية حليفة للولايات المتحدة. وكان الرئيس الأميركي قد حذر في مكالمة هاتفية مع أمير قطر في الثامن من شتنبر بأن وحدة الخليج ومكافحة الإرهاب شرطان لأيّ وساطة في الأزمة الخليجية الراهنة، وهو ما يعني أن واشنطن متمسّكة بأن تفكّك الدوحة علاقتها بالجماعات الإرهابية بمختلف مسمّياتها، وأن تكفّ عن إدخال دول مثل إيران وتركيا في قضايا خلافية خليجية يفترض أن تحلّ داخل مجلس التعاون. ويرى متابعون لشؤون الخليج أن دول المقاطعة، التي تركت الوقت للوسطاء إقليميين أو دوليين بهدف اختبار نوايا قطر ومدى جديتها في الحوار، ستعتبر أن لقاء ترامب بالشيخ تميم فرصة أخيرة أمام الوساطات على اعتبار أن عواصم مختلفة وبينها واشنطن قد حاولت أكثر من مرة جلب الدوحة إلى طاولة الحوار لكنها فشلت خاصة في ظل الزئبقية التي طبعت المواقف القطرية. ويعتقد المتابعون أن ترامب سيلجأ إلى الإمساك بملف الوساطة بيده بعد أن أفشل القطريون جهود أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، فضلا عن اتصال الرئيس الأميركي بقادة دول خليجية وحثهم على كسر جمود الأزمة أفشله أمير قطر حين أجرى مكالمة هاتفية مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإعلان الرغبة في الحوار، لكن الإعلام القطري حرّف فحوى المكالمة وعمل على استثمارها للإيهام بأن السعودية في أزمة، وأنها هي التي تبحث عن تسريع الحلّ وليس قطر. ومن الواضح أن زيارة نيويورك لن تمرّ بسلام بالنسبة إلى الشيخ تميم، وأنه ربما يواجه باحتجاجات أكبر من تلك التي وجدها أمامه في برلينوباريس مطالبة قطر بوقف دعم الجماعات الإرهابية، فضلا عن أنها ستضعه وجها لوجه مع وسائل إعلام دولية وشخصيات أميركية تتهم الدوحة بالإرهاب، وتحث على ممارسة ضغوط عليها لفك ارتباطها بالجماعات المتشددة وبينها الإخوان المسلمون. وتتوقع أوساط عربية في الولاياتالمتحدة أن تتجدّد على هامش زيارة الشيخ تميم إلى نيويورك الدعوات إلى تسريع مناقشة وضعية جماعة الإخوان وتصنيفها كجماعة إرهابية في ظل دراسات غربية مختلفة خلصت إلى أن الجماعة مثلت وما تزال الحاضن الفكري والتربوي للتشدد، وأن ظاهرة الذئاب المنفردة التي تنفّذ عمليات إرهابية في الغرب هي نتاج فكر الجماعة الذي يحض على اعتزال المجتمع الغربي ويدعو إلى تغيير قيمه ولو بالقوة. وكان محتجون تجمعوا في ساحة تروكاديرو وسط باريس للاحتجاج على زيارة أمير قطر إلى فرنسا. وحث المتظاهرون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ممارسة الضغط على قطر لوقف تمويل المنظمات الإرهابية. وقالت مراجع خليجية إن الشيخ تميم ليس له ما يعد الولاياتالمتحدة به خلال زيارته إلى نيويورك، وأن التلويح بورقة الاستثمارات التي رفعها في برلينوباريس لن يجد أيّ تأثير في واشنطن، وأنّ عليه أن يجيب عن الأسئلة الصعبة التي ستطرح عليه خاصة ما تعلق بدعم الإرهاب وتقويض الجهود الدولية الساعية لضربه في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وهي المنطقة التي تلعب فيها قطر دور الراعي لتنظيمات متشددة مثل ما هو الشأن في ليبيا وسوريا واليمن، فضلا عن محاولاتها لتطويع ثورات الربيع العربي لخدمة الإخوان المسلمين.