يحطّ فريقا إنتر ميلان الإيطالي وبايرن ميونيخ الألماني رحالهما في العاصمة الإسبانية مدريد حيث سيخوضان نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم لموسم 2010-2009 في موقعة صعبة سيحتضنها إستاد سانتياغو برنابيو يومه السبت. خاض الفريقان موسماً شاقاً ومرهقاً إنما مثالياً لكليهما إذ جلّيا محلياً مع حسمهما لقبي الدوري والكأس كل في بلده، كما أشعّا قارياً حيث اجتازا أعتا الصعاب ولم يستكن لهما بال حتى أفضى بهما القطار إلى التنافس على لقب أكثر الكؤوس الأوروبية بل العالمية قيمة على صعيد الأندية. إنتر يبحث عن لقب ثالث وأوّل طال جداً انتظاره منذ عام 1965 علماً أنه حل وصيفاً عامي 1967 و1972 كما يبحث مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو عن لقب ثان في مسيرته بعد اول عام 2004 مع بورتو، أما بايرن فيتطلع إلى لقب خامس بعد فوزه بنسخ 1974 و1975 و1976 و2001 في حين يسعى مدربه الهولندي لويس فان غال للقب ثان أيضاً بعد عام 1995. "نزال البرنابيو" يعد بالكثير أولاً لعنوانه وثانياً لعراقة طرفيه تاريخياً ولإمكاناتهما الفنية التي نستدل عليها عملياً من نتائج الأمس واليوم، وشكلاً من لغة المال، إذ تقدّر القيمة الانتقالية للاعبي بايرن مجتمعين بحوالي 256 مليون يورو فيما تتجاوزها ترسانة إنتر بكثير لتبلغ مار يقارب ال362 مليون يورو، لكن طبعاً لا تشكل هذه الأرقام إلا دلالة على قوّة الفريقين إنما لا تعكس أي فارق ولا يمكن من خلالها ترجيح كفة على أخرى. * جاهزية البطلين سيشكل غياب الفرنسي فرانك ريبيري عن بايرن ميونيخ بسبب إيقافه اتحادياً ضربة قاسية للمدرب الهولندي لويس فان غال الذي وإن اجتاز ليون إياباً بدون جهود نجمه الفرنسي إلا أن خامة إنتر ميلان تختلف قلباً وقالباً. بخلاف غياب ريبيري، يبدو بايرن جاهزاً حيث لا مشاكل أو إصابات مهمة ويرجح أن تكون تشكيلة الفريق الألماني حاضرة بشكل كامل في النهائي.++ أما من جهة إنتر ميلان فيبدو بحالة ممتازة أيضاً فبالرغم من الشد العضلي الذي أرغم لاعب الوسط الهولندي ويسلي سنايدر على عدم تكملة لقاء سيينا في المرحلة الأخيرة من الدوري الإيطالي فإنه يرجح أن يلعب أساسياً أمام بايرن. الغائب الأكبر سيكون البرازيلي ثياغو موتا بداعي الإيقاف بعد طرده أمام برشلونة، فيما يدور التساؤل حول إمكانية الدفع بالموهبة الصاعدة ماريو بالوتيلي كأساسي أو الاعتماد على غوران بانديف. * طريق الفريقين بدأت رحلة الفريقين مع مرحلة دوري المجموعات في الخامس عشر من سبتمبر 2009، ولم يكن تأهل أي منهما سهلاً على الإطلاق إذ عانى لاعبو المدربين البرتغالي جوزيه مورينيو والهولندي لويس فان غال من تقليعة بطيئة عاش معها جمهور الفريقين معاناة خطر حزم مبكر للحقائب. الأمر الذي لم يتم. جاء نفاذ بايرن من مرحلة المجموعات أشبه بالولادة القيصرية خصوصاً بعد وقوعه في المجموعة الأولى القوية إلى جانب بوردو الفرنسي، المتألّق وقتها، ويوفنتوس الإيطالي وظلَّ الصراع فيها قائماً حتى الجولة السادسة والأخيرة حين شهر الألمان سيفهم وتجاسروا على الطليان في عقر دارهم. بعدما حسم بوردو تأهله باكراً عن المجموعة (جامعاً 16 نقطة) استضاف يوفنتوس (8 نقاط حتى المرحلة 5) نظيره بايرن (7 نقاط حتى المرحلة 5) على أرض "ستاديو دي أولمبيكو" والتعادل يكفي الأول لعبور مؤكد فيما لم يكن عن الفوز بديلاً بالنسبة للثاني الذي لم يردعه هدف الفرنسي دافيد تريزيغيه في الدقيقة 19 ولا حناجر 28 ألف مشاهد، فرد التحيّة برباعية قاسية كسرت أحلام "السيدة العجوز" وأذكت طموحات "البافاريين". حاول فيورنتينا الإيطالي في دور الستة عشر الثأر لمواطنه يوفنتوس وكان قاب قوسين من فعلها إذ خسر الذهاب في ميونيخ 1-2 بهدف لميروسلاف كلوزه في الدقيقة 90 وتقدم في الإياب 0-2 ثم 1-3 على أرضه قبل أن يخرجه الهولندي المتألق اريين روبن بهدف في الدقيقة 65. بدءاً من نصف النهائي شهد أداء رجال لويس فان غال تغيراّ وارتفاعاً ملحوظين، فكشفوا النقاب عن وجه مختلف في الدور ربع النهائي حين أطاحوا بمانشستر يونايتد الإنكليزي بفوزهم 1-2 في ألمانيا بهدف متأخر للكرواتي ايفيكا اوليتش الذي عاد وقلّص تأخر فريقه في الإياب من 3-0 إلى 3-1 بهدف في الدقيقة 43 قبل أن يكون روبن المنقذ مرة جديدة بهدف "رائع" في الدقيقة 74 أهّل بايرن بفارق الأهداف، ثم أوقفوا زحف ليون الفرنسي عند نصف النهائي بتفوّق صريح بمجموع 0-4 ذهاباً وإياباً. أما إنتر ميلان فقد استهل النصف الأوّل من لقاءاته في المجموعة السادسة التي ضمته وبرشلونة الإسباني وروبن الروسي ودينامو كييف الأوكراني بنتائج هزيلة مع ثلاثة تعادلات متتالية أمام الفرق الثلاثة المذكورة مما وضعه رابعاً في الترتيب مع انتصاف الجولات الست. ومع شعور لاعبي المدرب جوزيه مورينيو بخطورة وقدرة كل من فريقي روبن ودينامو في المنافسة على التأهل حسّن الفريق من أدائه وحقق انتصارين في الجولتين الرابعة على مضيفه دينامو 1-2 والسادسة على ضيفه روبن 0-2 مما منحه مركز الوصافة في الترتيب العام رغم أنه خسر في الجولة الخامسة أمام برشلونة 2-0. لا ريب أن مرحلة خروج المغلوب كانت أكثر صعوبة ووعورة على إنتر منها على بايرن إن نظرنا إلى نوعية الفرق التي اصطدم بها الفريق الإيطالي إذ يكفي أنه واجه تشلسي في دور الستة عشر وبرشلونة، حامل اللقب، في نصف النهائي دون انتقاص قدرات سسكا موسكو الصعب رغم أنه وصل ربع النهائي لأول مرة في تاريخه. مواجهة دور الستة عشر مع تشلسي وصفت بالشخصية لمورينيو كونها جاءت أمام فريقه السابق وهذه المرة قرن مورينيو كلامه الحاد المعروف به بأداء مماثل حين أطاح بالفريق اللندني خارج المسابقة بفوزه عليه ذهاباً وإياباً 1-2 في سان سيرو و0-1 في ستامفورد بريدج قبل أن يوقف سسكا بفوزين صعبين (0-1 و0-1) ليصعد ويواجه برشلونة الذي رشحه النقاد أن يتفوق على منافسه إلا أنّ "واقعية" مورينيو عطلت "إبداع" غوارديولا وإن على حساب المتعة فعبر إنتر لفوزه 1-3 على أرضه وخسارته 1-0 في إسبانيا.