ثبتت منطقة الخليج خلال العام 2010 مسارها الاقتصادي الايجابي مع عودة أسعار الخام إلى مستويات مرتفعة وفي ظل توقعات بنمو متين, إلا أن وثائق ويكيليكس حملت لها في نهاية العام تطورا محرجا كشف عن حدة مخاوفها من الجار الإيراني لدرجة دعوة بعضها ضمنا إلى ضربه. وأسعار الخام التي تدور حاليا حول مستوى 90 دولار, تعد إذا ما استمرت بتكديس الفوائض في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي, أي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين, التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم إضافة إلى خمس احتياطات الغاز. وقال المحلل والأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله لوكالة فرانس برس «هناك شعور بان المنطقة تمكنت من استعادة توازنها المالي والاقتصادي خصوصا مع ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 85 دولارا, والعام 2011 سيكون عام عودة النشاط الاقتصادي إلى الخليج». وبحسب صندوق النقد الدولي, فان منطقة الخليج عادت بشكل متين إلى النمو في 2010 وسيستمر ذلك في 2011, وان هذا النمو سيكون بحدود 7% بين 2009 و2011. وذكر الصندوق أن قطر هي التي تسجل أفضل النتائج الاقتصادية, فالنمو فيها سيكون بحدود 16% هذه السنة, وسيبلغ 6,18% في 2011 مقارنة ب6,8% في 2009. لكن هذه الأرقام المرتفعة جدا قد تكون مرشحة لمزيد من الارتفاع بعد فوز قطر بشرف استضافة كاس العالم لكرة القدم عام 2022, ما رسم أفقا مشرقا للغاية بالنسبة للبلد الخليجي الصغير مع التقاطر المتوقع للمستثمرين والمقاولين من سائر أنحاء العالم للفوز بحصة في كعكة المونديال. وكانت منطقة الخليج بدأت العام 2010 على وقع اندلاع أزمة ديون دبي التي هزت الأسواق العالمية. إلا أن دبي تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع دائني مجموعة دبي العالمية التابعة للحكومة لإعادة هيكلة ديون تبلغ نحو 25 مليار دولار. وبالرغم من أن ديون «دبي العالمية» ليس مصدر القلق الوحيد بالنسبة لمديونية دبي والشركات التابعة لها (أكثر من مئة مليار دولار), إلا أن الاتفاق مع الدائنين حقق اختراقا واحدث أرضية صالحة لإعادة جدولة ديون أخرى لدبي بحسب المراقبين. وقد أعلن يوم الجمعة الماضية أن «دبي انرناشنل كابيتال», الشركة الاستثمارية التابعة لدبي القابضة المملوكة من قبل حاكم دبي, توصلت إلى اتفاق مع لجنة الدائنين الرئيسيين حول مبادئ إعادة جدولة ديون ب5,2 مليار دولار. أما سوق العقارات في الإمارات وخصوصا في دبي, فما يزال يعاني من عوامل ضغط لاسيما الفائض في المعروض, وقد يكون الانتعاش مؤجلا بحسب المراقبين. وخسرت العقارات في دبي أكثر من نصف قيمتها وفي أبو ظبي أكثر من 35% منذ ذروة الفورة التي وصلت لها في صيف 2008, إثر الأزمة المالية العالمية التي جففت منابع التمويل وجعلت الكثيرين يتخلون عن استثماراتهم بسبب انخفاض قيمتها. وفي الجانب الأمني, شهدت دبي في 19 يناير 2010 جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في احد فنادقها, وهي عملية كان يمكن أن تمر من دون ضجة لولا اتهام شرطة دبي الموساد الإسرائيلي بتدبير الاغتيال. ونشرت شرطة دبي نشرت قائمة بأسماء 32 شخصا على الأقل يحملون جوازات سفر بريطانية وايرلندية وفرنسية واسترالية وألمانية مزورة وقالت إنهم يعملون لحساب الاستخبارات الإسرائيلية. وطردت بريطانيا واستراليا موظفين من سفارتي إسرائيل لديهما احتجاجا على عمليات تزوير للجوازات. وأعادت السلطات الأمنية في دبي تشكيل مراحل الجريمة عبر جمع وتحليل آلاف الساعات من تسجيل كاميرات المراقبة في أنحاء مختلفة من الإمارة. وعلى صعيد آخر, أظهرت الوثائق الدبلوماسية الأميركية السرية المفترضة التي نشرها موقع ويكليكس في الأسابيع الماضية قلقا كبيرا لدى حلفاء واشنطن الخليجيين إزاء توسع النفوذ الإيراني وبرنامج طهران النووي, فيما قد يكون قادة كبار في المجلس لا سيما العاهل السعودي أيدوا مباشرة أو ضمنا ضرب إيران. أما ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد ال نهيان فقد يكون وصف الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بأنه هتلر. لكن الامتعاض الخليجي من فشل واشنطن في حماية سرية اللقاءات الدبلوماسية لن يتحول أزمة سياسية بين الطرفين بحسب المحلل عبدالوهاب بدرخان الذي قال إن دول مجلس التعاون «لا ترى أن التسريبات تعبر عن تغيير في السياسة الأميركية» والتأثير الأبرز هو «الإحراج». وقال إن «الدول الخليجية بحاجة لواشنطن وواشنطن بحاجة للدول الخليجية بسبب المصالح النفطية والاقتصادية والاستراتيجية» بين الطرفين.