في سابقة غير مفهومة، أطل على الصحفيين، كعادته بعد كل مجلس حكومة، الناطق باسم حكومة أخنوش الوزير مصطفى بايتاس، الذي هو في ذات الوقت مدير حزب التجمع الوطني للأحرار، إلا أن إطلالته هذه المرة اتسمت بنوع من التحدي المبالغ فيه للمعطيات الرقمية المرتبطة واقعيا بالمعيشة وغلاء الأسعار ليعلن عن أنباء مشؤومة ومخيبة للآمال أمام الرأي العام الوطني، كون الأسعار ستعرف مزيدا من الغلاء والارتفاع. وبالرغم من أن أثمنة النفط في العالم عرفت انخفاضات كبيرة بحيث تراجعت من 130دولار للبرميل الواحد الى 102، بفضل التحالف الاقتصادي الدولي ضد روسيا، فإن أثمنة المحروقات في بلادنا تتابع مسيرتها الحارقة لجيوب المغاربة، والمحققة لأكبر الأرقام القياسية في تاريخ المغرب، والمدمرة للكثير من المصالح والخدمات، والباعثة على إفلاس العديد من المقاولات الصغرى والمتوسطة، باستثناء الشركات العملاقة، المحتكرة لشراء وبيع وتوزيع المحروقات في المغرب، ومنهم الشركة العملاقة التابعة التابعة لهولدينغ رئيس الحكومة. لقد ظهر الوزير بايتاس بمظهر يؤكد أن المعلم السابق لازال لم يتعلم قواعد التواصل الحكومي، وأنه وإن غير مهنته من معلم الى محامي متمرن، فقد خانه الاندفاع والتسرع ضد ما يجب ان يلتزم به من انضباط يتماشى مع أبسط أبجديات التعلم والتمرن، وهو بذلك افتقد لحس الانتباه والحذر الواجبين في مثل هذه المواقف، لتكون الحصيلة الاولية لادائه الحكومي أنه مهما ارتقى به رئيسه في الحكومة من مستويات تدريبية إلى مرتبة وزير متمرن، فإنه لم يحصد في آخر خرجاته سوى الخيبة والفشل. وإذا كان المغاربة في مقارباتهم الاجتماعية يشجبون التجبر والتكبر وإخراج الكلام على عواهنه بدون حس للمسؤولية، فإنهم يرفضون في امثالهم الشعبية التعلم على حساب الضعفاء ومنها قولهم "ما خصكش تتعلم لحسانة في راس اليتامي". وانطلاقا من هذا التوافق الاجتماعي المغربي فكلام مصطفى بايتاس مردود عليه، وعلى رئيسه في الحكومة الذي اكتفى بحصد الملايير "الممليرة" من الدراهم بعضها ذهب لخزينة الدولة وقد قدرتها مصادر صحفية بعدة ملايير في ظرف شهرين، وجزء آخر نالته كأرباح المقاولات العملاقة منها التابعة لرئيس حكومتنا. ولقد اعتبرت تصريحات الوزير المقرب من رئيسه تطاولا على المغاربة واستهتارا بالمسؤوليات الحكومية في حملة غير مسبوقة، منذ تزكية حكومة أخنوش، قادها رواد التواصل الاجتماعي رفضا لمضامين الخطاب غير المتوازن لحكومة عزيز أخنوش. وبينما ردد الكثير من المواطنين دعاء اللطيف "الطف بنا يارب" ودعاء الاحتساب " حسبي الله ونعم الوكيل"، واجه آخرون الحكومة بمسؤولياتها وانتقدوا البرلمان على تملصه من مهامه وتقاعسه المثير للخجل، وطالبوهما بالتعقل في هذه الظرفية الموسومة عالميا بالتوتر، مراعاة لضرورة إنجاح المشاريع الاجتماعية الضخمة التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك. وقد انتقد رواد التواصل الاجتماعي بشدة ما قاله مصطفى بايتاس بخصوص الطبقات البسيطة والمتوسطة التي تتنقل بسياراتها الخاصة، حين تحداها بما معناه "اللي ما عجباتوش الأثمنة يوضع سوارت طومبيلتو، ويتنقل بالوسائل العمومية"، مسائلينه هل حلم يوما بامتطاء السياراة الحكومية التي يستقلها اليوم "بيليكي"، على حساب أموال الدولة، ومتهمينه بنقل مضمون الكلام من رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران، (علما انه معلم سابق، وعليه أن يحارب الغش و"النقيل")، الذي نال جزاء "ثرثرته الكلامية" غير المتوازنة، ولعل نفس المصير ستلقاه حكومة أخنوش ما لم تراجع أوراقها وخطابها. وإذ ينشر موقع برلمان.كوم جزءا من ردود فعل المواطنين، فإنه يعيد الى الذاكرة ما سبق أن خلص إليه قبل موعد الانتخابات السابقة، كون عزيز أخنوش غير صالح لقيادة الحكومة في المغرب لأنه سيتيه حتما بين إكراهات الحكم والسلطة ورغباته في الاستثمار وجمع الأموال.