يرى خبير في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي أن قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوربي بإلغاء الاتفاق الفلاحي المبرم بين المغرب والاتحاد هو ، بالأساس ، مشكل داخلي يتعين تسويته من طرف الهيئات الأوربية ( المجلس واللجنة الأوربيين ). وأضاف هذا الخبير أن المغرب لم يلجأ إلى هذه المسطرة القضائية ، فهو إذن ليس معنيا بنتائجها وتبعاتها ، مؤكدا أن محكمة العدل الأوربية لا يمكنها أن تحل محل الأممالمتحدة في قضية الصحراء المغربية. وقال إن الاتحاد الأوربي لا يمكنه هو أيضا أن يحل محل الأممالمتحدة التي تتولى وحدها النظر في قضية الصحراء ، ولهذا لا يمكن للمحكمة تغيير طبيعة ومعطيات هذا النزاع الإقليمي . ومن جهة أخرى لاحظ الخبير أن الاتفاق الفلاحي لا يختلف عن الاتفاقات الأخرى العديدة المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوربي ، بحيث أنها لا تنص على أي استثناء ضريبي أو يتعلق بقواعد المنشأ أو جغرافي ما عدا التحفظ المجالي الذي كان بطلب من المغرب سنة 1996 بخصوص سبتة ومليلة . استمرارية العلاقات : واعتبر الخبير أن حكم المحكمة لن تكون له إذن انعكاسات مباشرة على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي بالنظر إلى أن المملكة عبرت دائما عن تمسكها بالشراكة الأوربية في إطار الثقة والاحترام المتبادل . ويرى أن السابقة التي يحاول هذا الحكم أن يأتي بها تشكل خطرا حقيقيا على المكتسبات الثنائية المغربية الأوربية ، ويدعو للتساؤل حول توقيته علما بأن اتفاق الشراكة يعود إلى سنة 1996. وأشار الخبير إلى أنه ، فضلا عن ذلك ، كان البروتوكول موضوع هذا الحكم ثمرة مسلسل مفاوضات مكثف وتشاركي . وهكذا تم اتخاذ جميع الاحتياطات لجعله معلمة جديدة على درب الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين ، مذكرا بأن رأيا قانونيا كان قد طلب قبل إبرام الاتفاق . وقد أكد هذا الرأي تطابق الاتفاق مع الشرعية الدولية . مسعى سياسوي : وبالتالي ، لاحظ الخبير ، أن هذا الحكم كان بدافع سياسوي من طرف خصوم المغرب ، ولذلك يتعين على الاتحاد الأوربي أن ينخرط في منطق قانوني وأن لا يصبح رهينة إيديولوجية معينة وموقف منحاز وأفكار مسبقة مغلوطة. ولاحظ أن الاتحاد الأوربي برفضه هذا المسعى السياسوي سيبتعد عن الازدواجية ويحافظ على حياده الإيجابي ، مؤكدا أنه في إطار العلاقات المتوازنة بين الطرفين فمن مصلحة الاتحاد الأوربي أن يبقى صوت العقل ويواصل تقديم مساهمته الإيجابية لجواره ، وحذر من أن كل مسعى مخالف لا يمكن أن يكون له سوى انعكاس سلبي على مختلف المسارات التي انطلقت . وأشار الخبير إلى أن المغرب يعتبر ، في هذا الصدد ، أن كل تسييس لتعاونه القطاعي أو التقني مع الاتحاد الأوربي سيلحق الضرر بالعلاقة بين الطرفين وسيعرقل جهود المجتمع الدولي الهادفة إلى إيجاد تسوية سياسية ومتفاوض بشأنها ومقبولة من الطرفين لقضية الصحراء المغربية ، تحت إشراف الأممالمتحدة ، مؤكدا أن المغرب سيبقى من جهته متشبثا بمبادئ القانون الدولي . المغرب شريك مسئول وملتزم : وشدد الخبير على أن المغرب سيبقى منخرطا ، بحسن نية ، في تنفيذ الاتفاق المذكور ، كما يفعل بشكل منهجي بالنسبة لباقي الاتفاقيات والمواثيق التي تربطه بالاتحاد الأوربي . كما سيبقى ملتزما بتطوير شراكته مع الاتحاد ومستعدا للإجابة على كل انشغال يتعلق بانعكاس هذا الاتفاق على المناطق المعنية وكذا بكل مسألة ترتبط بالشروط المؤسساتية للإنتاج الزراعي المغربي . ولاحظ في الأخير أن الحكم الصادر عن المحكمة يمكن أن يندرج في إطار الحرب الاقتصادية التي تشن على المغرب ، على اعتبار أن هذا الإجراء يهم منتوجات تتوفر فيها المملكة على مزايا تنافسية حقيقية .