منذ عشر سنوات وحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية يسير الشأن العمومي من داخل الحكومة، جنبا إلى جنب مع أحزاب ذات مرجعيات مختلفة عنه، وخلال تعيين أمينه السابق عبد الإله بنكيران سنة 2011، أكد هذا الأخير أن محاربة الفساد وتثمين مكاسب المغاربة وتحسين ظروف معشيتهم تعد من بين أوليات الحزب. إلا أنه وخلال فترة تولي السلطة سواء في عهد بنكيران أو في عهد الرئيس الحالي للحكومة سعد الدين العثماني وجهت العديد من الانتقادات للحزب وعلى رأسها تخليه عن مبادئه ومرجعياته في سبيل تحسين الوضع الاجتماعي والمادي لقيادييه، حتى بات المغاربة يقولون "البيجيدي حسن فقط وضعيته المادية". وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري محمد شقير، "في المجمل هناك فرق بين الخطاب والممارسة السياسية، فما يتبناه أي حزب من مبادئ ومرجعيات وشعارات لا يمكن تطبيقها بحذافرها على أرض الواقع؛ إذ أنها تخضع للتعديل عند دخولها دواليب الحكومة، واحتكاكها مع أرض الواقع"، لكن الحزب الذي نحن بصدد الحديث عنه اختار منذ البداية التخلي عن الشعارات التي رفعها، وأتذكر في هذا السياق القولة المشهورة لعبد الإله بنكيران "عفا الله عما سلف". وأضاف المتحدث في تصريح ل"برلمان.كوم"، بهذه القولة أعلن بنكيران عن تطبيعه مع الفساد عوض محاربته ناهيك عن القرارات اللاشعبية التي طبقها والتي تتمثل في إصلاح نظام التقاعد، والعفو عن المتهربين من الضرائب، والأمثلة كثيرة في هذا السياق، "إذن هنا نستننج أن هناك "بون" شاسع بين القرارات التي اتخذها الحزب خلال ولايته والشعارات التي كان يرفعها". وأبرز المتحدث أن الصدمة الأخيرة التي ألمت بالحزب، والمتعلقة باستئناف المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، لها وقع كبير على الحزب ليس فقط على الصعيد الداخلي ولكن أيضا على مستوى علاقته بتنظيم الإخوان العالمي، الذين راسلوه وأكدوا له أنه حاز عن توجهاته، مشيرا إلى أن هذا المعطى سيؤثر على مكانة الحزب خارجيا وسيزيد من ضعفه لا محالة داخليا. وخلص المتحدث إلى أن هذه الاختلافات الحادة بالحزب ستؤثر على شعبية الحزب في الانتخابات القادمة، وستقلص من عدد المتعاطفين معه الذي بدأ يتقلص شيئا فشيئا، "لكن في اعتقادي لن يؤدي إلى انشقاقه بالكامل ومن الممكن أن يتقاسم التسيير في الولاية القادمة مع أحزاب أخرى على اعتبار أن خصومه يتسمون "بالضعف".