قرر قاضي التحقيق بالرباط الثلاثاء الماضي إيداع المعطي منجب السجن بتهمة غسل الأموال، ومن المقرر عقد الجلسة الأولى لمحاكمته في 20 يناير الحالي. وقد عبرت بعض الجهات المعروفة بعدائها للمغرب عن غضبها من الاعتقال، رغم أن الرجل ليس ملكا، وبأنه غارق في المخالفات المالية حتى أذنيه، ويرفض الخوض في ثروته مع أصدقاءه وأمام المحققين. برلمان.كوم يقدم لقراءه بعض التفاصيل. في البداية دعونا نؤكد أنه لا علاقة لتوجيه تهمة غسل الأموال لمنجب بنشاطه في مجال حقوق الإنسان، يؤكد مصدر قريب من التحقيق. وبالرغم من كونه مدافعا عن حقوق الإنسان، فإن ذلك لايعفيه من المساءلة والمتابعة بتهم تشكل انتهاكا للقانون العام، ومن الإجرءات القانونية التي تسري على جميع المواطنين على حد السواء. وفي هذا الصدد، وبما أن السلطات المختصة كانت قد كشفت مخالفات مالية ارتكبها منجب في إدارته لمركز ابن رشد للدراسات والاتصال منذ عام 2015، دعونا نتساءل إذن، لماذا اتهمت السلطات المعطي منجب؟ ولماذا تم استدعاؤه آنذاك؟ يقول ذات المصدر. وفي هذا السياق فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقًا في الموضوع ضد المعطي منجب وزوجته الفرنسية دارد كريستيان إميلي آن ماري وشقيقته فاطمة منجب، وفقًا لتعليمات النيابة العامة، بالمحكمة الابتدائية بالرباط، وتم الاستدعاء بعد إعلان الاشتباه فيه من قبل وحدة معالجة المعلومات المالية. ويندرج هذا الإعلان في إطار المهام المعتادة ل"وحدة معالجة المعلومات المالية" باعتبارها المسؤولة عن تنسيق عمل السلطات الوطنية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمختصة كذلك في كشف الشبكات التي تنشط في الأموال السرية، إضافة إلى مهمة ضمان سلامة النظام المالي الوطني. ووفقًا للمادة 18 من القانون 43.05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال، فإن "وحدة معالجة المعلومات المالية" تعد التقارير المتعلقة بمراقبة تحويلات الأموال وترسلها للنيابة العامة. واستنادا على مصادر " برلمان.كوم"، فقد تضمن الإعلان عناصر يحتمل أن تشكل جريمة (غسل الأموال)، وهكذا أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق أولي من قبل الفرقة الوطنية للسلطة القضائية بشأن مصادر وطبيعة المعاملات وتحويلات الأموال التي نفذها المتهم، وتحديد مصدر الأموال والعقارات التي يمتلكها، وعلاقتها بالأفعال الإجرامية الأخرى المتعلقة أساسا بتبييض الأموال. وقد تم نشر بيان للرأي العام من قبل النيابة العامة في 7 أكتوبر الماضي تناول الموضوع، كما قامت الشرطة المعنية باستدعاء المعطي منجب الذي يملك ما لا يقل عن ثمانية حسابات مصرفية، اثنان منها باسم شركة "ابن رشد للدراسات والاتصال"، التي شهدت تحويلات كبيرة مشكوك في أمرها. وأضاف مصدر "برلمان.كوم" أن منجب يستخدم حقه في التزام الصمت، في كل مرة يتم استدعاؤه، خصوصا فيما يتعلق بالتحويلات الباهظة التي تلقاها، والتي لا تتوافق على الإطلاق مع أجرته كأستاذ، وأكدت مصادرنا أنه سلك نفس المسلك فيما يتعلق بالعقارات المسجلة باسمه وهي ثمانية أراضي زراعية وشقتان. أما أخته فاطمة منجب التي استخدمها كغطاء لتسهيل عملية غسيل الأموال، فلديها خمسة حسابات بنكية عرفت كلها تحويلات كبيرة للأموال، كما تمتلك أيضا خمسة عقارات، تتضمن ثلاث شقق. وقد استعملت هي الأخرى حقها في التزام الصمت في مواجهة أسئلة المحققين حول هذه التحويلات الضخمة، والعقارات، علما أنها تعمل كموظفة بسيطة في مؤسسة تعليمية خاصة.وتتوفر المواطنة الفرنسية دارد كريستيان إميلي آن ماري، زوجة منجب، والموجودة خارج المملكة، على حسابين مصرفيين فتحتهما في SGMB، وحسابين آخرين في البنك المغربي للتجارة الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، لجأ المعطي منجب، في 16 مرة، إلى الاشتراك في" الودائع لأجل معين(DAT)" في حسابه المصرفي الخاص، من 29 ماي 2009 إلى 8 أكتوبر 2015، مما أتاح له تحقيق أرباح كبيرة. واظهرت المعاملات المصرفية المختلفة التي قامت بها أخته فاطمة،والودائع الكبيرة للأموال في حساباتها من 2011 إلى 2020، إجمالي مبلغ 3،000،000 درهم، بالإضافة إلى شقتين بمساحة 70 متر مربع للواحدة، تم الحصول عليهما بسعر 550 ألف درهم للواحدة، أي ما يعادل 1100000 درهم، وفق ما ذكرته مصادر "برلمان.كوم"، والتي ذكرت أن مليكة منجب، ربة منزل، الشقيقة الأخرى للمعطي، عبرت عن اندهاشها لهذه المبالغ الكبيرة، وقالت إنها متأكدة تمامًا من أن أختها كانت تعيش في وضع مادي غير مريح على اعتبار أنها لا تمتلك أي مصدر مادي، باستثناء عملها كمعلمة في حضانة ودروس محو الأمية. كما استنكر محمد القرني الممثل القانوني لشركة الاستشارات المحاسبية والقانونية والضريبية "FIDUGAR SARL" المسؤولة عن حسابات شركة "مركز ابن رشد للدراسات والتواصل" للمحققين استمرار المعطي منجب في ممارسة الاحتيال لإخفاء البيانات التي من المحتمل أن تكشف عن النشاط الحقيقي لشركته. وبحسبه فإن المعطي منجب أخفى الفواتير وشرع في تضخيم المصاريف المتعلقة بمركزه، وهي العملية التي مكنته من إدراج جميع المصاريف غير المبررة في حسابات شركته، على الرغم من أنها لا علاقة لها بنطاق هذه الشركة. وبالتالي فإن هذا المركز هو شركة واجهة، هدفها الوحيد هو تلقي الأموال من الخارج لأغراض غير محددة، يقول المصدر. وأكد الممثل القانوني لشركة الاستشارات المحاسبية والقانونية والضريبية "FIDUGAR SARL" أنه لم يتلق قط من موكله مستندات تبرر عمليات السحب التي قام بها، سواء عن طريق الشيكات أو عن طريق الشباك الأوتوماتيكي، وكذلك التحويلات التي تلقاها الأخير من الخارج، على الحسابين البنكيين، اللذين تم فتحهما باسم "مركز ابن رشد للدراسات والاتصال"، واللذين تلقايا مبلغ 4.737.881 درهما (1.424.096 درهما من الولاياتالمتحدةالأمريكية والباقي من هولندا)، بحسب المصدر نفسه. بالإضافة إلى كل ذلك، تمتلك أخت المعطي منجب عدة حسابات بنكية سجلت تحركات لا تتوافق مع وضعها الاجتماعي، حيث أعلنت خلال جلسة للاستماع إليها، أنها تعمل في مدرسة خاصة وأنها تقدم دروسا للدعم، دون أن تحدد صفتها في الشركة القابضة "لمركز ابن رشد للدراسات والاتصال". وكشف التقرير الذي أجرته "وحدة معالجة المعلومات المالية" على حساب فاطمة منجب، أنه يتوفر على مبلغ إجمالي قدره 2،050،000 درهم، أي 43.72٪ من المبلغ تم إيداعه، والذي يساوي مبلغ مليون درهم، فيما تم تحويل الباقي وهو مبلغ 1.050.000 درهم إلى الحساب. ونلاحظ أيضًا أن المعطي منجب، الذي أجرى تحويلات غير مبررة للمال لصالح أخته وزوجته، قد تلقى حسابه (المفتوح في وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية في أكدال بالرباط) بين 1 يناير 2009 و20 أكتوبر 2017، مبلغا قدره 1،657،872 درهما، مدفوعة نقدًا وموزعة على عدة ودائع، وكذلك تم تحويل مبلغ قدره 1،866،130 درهما. وتم إيداع مبلغ 478950 درهما، في ذات الحساب باستعمال شيكات. وفيما يتعلق بالعقارات المسجلة باسم الأخوين المعطي وفاطمة منجب، وكذلك لجوء المعطي إلى التحويلات لصالح أخته من حسابه أو من حساب "مركز ابن رشد للدراسات والاتصال"، فهو يؤكد ذلك دون الإشارة إلى أنه يستخدمه بشكل غير لائق. وللتذكير فإن المعطي منجب استُدعي للمثول أمام النيابة العامة بالرباط في 29 دجنبر الماضي على الساعة 9 صباحًا، لكنه فضل عدم الحضور، ومقابل ذلك ذهب لتناول غذائه في نفس اليوم في مطعم بمنطقة حسان، رفقة أصدقائه، قبل ان يتم توقيفه من قبل الشرطة في الرباط في نفس اليوم حوالي الساعة الثالثة عصرا، في إحدى مقاهي شارع "العلويين" بحي حسان، بناء على تعليمات من وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط. وقدمته هذه السلطة القضائية إلى قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعه سجن "العرجات 1" حيث خضع للتفتيش تحت إشراف مدير هذا السجن، وفقا لما يمليه القانون، كما تم إخضاعه أيضا للفحص الطبي في ذات المؤسسة، حيث أكد أنه مصاب بمرض السكري ومرض في القلب. وذكر مصدر" برلمان.كوم" أن منجب وجه طلبا لمدير هذا السجن يطالبه فيه بإيداعه في زنزانة فردية، وتم نقله إلى سجن "العرجات 2′′، مضيفا ذات المصدر أن منجب يتمتع بجميع الضمانات والحماية القانونية اللازمة لوضعه كمتهم. ونستخلص من كل هذا أن منجب متورط فعلاً في الاختلاس وغسل الأموال ويحاول التستر بغطاء النضال ليصرخ ضد ما يسميه الظلم، وأن من يدعمه إما يفعل ذلك جهلا بمساوئ الرجل، أو ينتمي لتلك الجهات المعادية للمغرب والتي لا تفوت أي فرصة لإطلاق النار على المغرب ومؤسساته.