من تنغير إلى الدوحة محمد ربيعي الشاب ذو ال 22 ربيعاً. فتى مدينة تنغير الكتوم والخجول كما يصفه أصدقاؤه والمقربون منه، انطلق من قريته الصغيرة رفقة والديه ليحط الرحال بالبيضاء، وبالتحديد بحي الأزهار بالبرنوصي. هذا الحي الذي لطالما تخرج منه أبطال شرفوا المغرب في المحافل الدولية، ابتداء بالخروبي، ومرورا بحموت والربيعي، الذين رفعوا جميعا راية المملكة عاليا في بلدان أجنبية ومحالف دولية مختلفة. أبى محمد ربيعي إلا أن يكون واحدا من الذين يصنعون المجد لوطنهم، رافضا التذرع بقلة ذات اليد، أو انعدام الدعم، أو ضعف الإمكانيات، تدرب بشكل جنوني كما يقول مدربه الشيخ الغزواني، وطلب فتح صالات التدريب له خارج أوقات العمل، وركز على حلمه بتواضع واصرار لا نظير لهما. فخرج من حي البرنوصي شابا صغيرا طموحا، ليعود إليه بطلا عالميا تشرئب له الأعناق. مسار بخطى ثابتة دشن محمد ربيعي مساره الرياضي المتميز بإحرازه ألقاب محلية، كبطل المغرب في الملاكمة فئة الفتيان، وبطل المغرب في الملاكمة فئة الشبان، ثم نال بعد ذلك لقب بطل إفريقيا في وزن (69 كلغ) خلال البطولة الإفريقية التي شهدتها مؤخرا مدينة الدارالبيضاء. ليتوج بطلا عاليما بالدوحة كآخر إنجاز مشرف وليس أخير. نزالات الربيعي الضارية، أوقعت ملاكمين من العيار الثقيل أرضا من قبيل: الصيني ليو واي والكازاخستاني بولوسينوف دانيار. الربيعي هزم أبناء النوادي الراقية، بعزم الفتى المغربي الشجاع، ودعم الأسرة الدافئة، وتاطير الجمعية المحترفة، التي تمد المغرب عاما بعد عام بملاكمين أكفاء. الاحترافية والتأهل مشاركة الملاكم محمد الربيعي في الأدوار النهائية لهذه التظاهرة العالمية يعتبر تتويجا لمسار رياضي طويل ومتميز. الربيعي تسيد جميع مبارياته بالقبضة الحديدية، ومهارات المناورة المتقنة، فكان إلى جانب نيله البطولة، أفضل الملاكمين ضمن السلسلة العالمية، بعد تقييم أدائه أمام زملائه العرب والأفارقة الذين ودعوا البطولة في مراحل مبكرة. طموحات عربية تتحقق وألقاب قادمة الربيعي الذي ضمن تأهله إلى نهائيات دورة الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو في البرازيل 2016، يحمل آمال وطموحات الملاكمة العربية والإفريقية بإحرازه المعدن النفيس باعتباره ممثلها الوحيد في هذا الدور. كما يحمل معه آمال وثقة المغاربة في تشريف المغرب بألقاب جديدة. وتعطش المغاربة الشديد لمزيد من الإنجازات، راجع إلى غياب الألقاب والميداليات عن ساحة رياضة الملاكمة، الذي لم تشهد تفجرا في الطاقات منذ دورة برلين لعام 1995. لعيود بعد هذا الزمن الطويل، الفتى البسيط من حي البرنوصي الشعبي بلقب قوي بعد جمود النهاية للأبطال من أصل 31 ملاكما عربيا ينتمون ل 8 دول عربية، تمكن محمد الربيعي لوحده من حجز مقعده في النزال النهائي، علما أن الملاكمين المصري حسام عابدين ( وزن 75 كلغ) والجزائري محمد فليسي (وزن 52 كلغ) خرجا من دور نصف النهاية. هذا الصمود حتى نهاية المشوار عبرا عن روح الربيعي القتالية، وعن تفاينه في خدمة بلاده وإصراره على العودة إليها بلقب يرسم البهجة على وجوه مواطنيه. تتويج دولي وتهنئة ملكية أشاد الملك في البرقية التي بعثها لربيعي بنزاله البطولي وروحه التنافسية العالية في مختلف المراحل الإقصائية لهذه البطولة مما أهله للتتويج عن جدارة واستحقاق بهذا اللقب العالمي غير المسبوق. وأعرب الملك محمد السادس عن يقينه الكامل أنه سيشكل حافزا للبطل الربيعي ولكل الرياضيين الشباب المغاربة للمثابرة ومواصلة بذل الجهود من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات والألقاب وتأكيد الحضور المتميز للرياضة المغربية في مختلف المنافسات القارية والدولية. وعبر الملك محمد السادس في برقيته عن اعتزازه بهذا اللقب المستحق وتثمينه لجهود كافة الأطر التقنية والإدارية للجامعة الملكية المغربية للملاكمة التي ساهمت في تحقيق هذا التتويج العالمي. استقبال الأحباب الرائع ….. ورود جميلة وشعارات مؤثرة بعد أن حل ربيعي، زوال اليوم الجمعة بمطار محمد الخامس بمدينة الدارالبيضاء، تفاجأ الفتى المغربي اليافع باستقبال حافل وملوكي لأهله وأصدقائه وجيرانه ومتابعيه، الذي حملوا الورود وتسلحوا بالشعارات الحماسية التي أشعرت الربيعي بالامتنان والتقدير لما قدمه لبلده من خدمات.