المفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط: المغرب شريك أساسي وموثوق    عزيز غالي.. "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" ومحدودية الخطاب العام    الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارها العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    مطالب للحكومة بضمان المساواة وتحقيق الإنصاف لجميع المنخرطين بالتغطية الصحية بالقطاعين العام والخاص    العالم يحتفل باليوم العالمي للغة العربية    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجواهري: سنكون من أوائل الدول التي ترخص العملات المشفرة    أسعار النفط مستقرة قبيل قرار الفائدة الأمريكية    بعد الإعصار المدمر.. ماكرون يزور جزيرة مايوت    إقلاع أول طائرة من مطار دمشق الدولي    الوداد يعلن عن منع جماهيره من حضور مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي    "رموك" يتسبب في حادثة سير خطيرة بالبيضاء    بني ملال.. إجهاض عملية للتهريب الدولي لثلاثة أطنان و960 كيلوغراما من مخدر الشيرا (صور)    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    الالتزام ‬الكامل ‬للمغرب ‬بمبادرات ‬السلام ‬‮ ‬والاستقرار ‬والأمن    الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    إحصاء 2024… تباطؤ ملحوظ في معدل النمو الديمغرافي    بنموسى: تحسن متوسط مدة الدراسة لدى السكان البالغين 25 سنة    إجراءات تسليم بودريقة إلى المغرب مستمرة وفق إفادة النيابة العامة بهامبروغ ل"اليوم 24"    استهداف اسرائيل لمستشفيات غزة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنظم ندوة في "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"    مجلس الأمن الدولي يدعو لعملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون"    بنك المغرب…توقع نمو الاقتصاد الوطني ب 2,6 بالمائة في 2024    المكتب المديري للرجاء يتخذ قرارات جديدة لتصحيح المسار    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"        مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    هل تساهم كميات اللحوم المستوردة في خفض الأسعار بالسوق الوطنية؟    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    "فيفا" يعوض فينيسيوس عن الكرة الذهبية بجائزة "الأفضل"    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاجر الريسوني.. تطالب بالمساواة في الإرث وإباحة الإجهاض
نشر في برلمان يوم 13 - 10 - 2020

بالتزامن مع التصدع الداخلي الذي يعصف حاليا بجريدة أخبار اليوم، بسبب ما اعتبرها يونس مسكين وحنان بكور صراع الكرامة ضد الجشع وانقلاب المالكين، كانت هاجر الريسوني، الصحفية السابقة في ذات الجريدة، تدلي بتصريح صحفي لموقع فرنسي تخصص مؤخرا في معالجة قضايا المغرب من منظار ومنظور المعطي منجب وبؤرته شبه الحقوقية.
وفي خضم مطالعة هذا الحوار الصحفي، كانت الساحة الحقوقية ترشح أيضا بالعديد من المستجدات والأحداث المتسارعة، إذ كانت النيران الصديقة قد اندلعت لتوّها في تلابيب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتعالت معها الأصوات الداخلية التي تتهمها بالفساد المالي، وبامتهان التشهير بالنساء الضحايا، وتسريب الأخبار الحميمية للمشتكيات، والتحالف غير البرغماتي مع سدنة الدين وذهاقنة الإسلام السياسي، فضلا عن تهم مؤداها استهداف مقاربة النوع التمثيلي داخل الجمعية وفي المحافل الحقوقية الدولية.
كل هذه الأحداث الصحفية والتطورات الحقوقية، فرضت نفسها على القارئ المتمعن في الحوار الذي أدلت به هاجر الريسوني من ملاذها الأسري الاختياري في السودان الجميل، بعدما قررت الالتحاق بزوجها مثلما تقوم بذلك العديد من النساء المتزوجات، وإن حاولت الالتفاف على هذه الحقيقة وتقديم نفسها كطالبة لجوء لا إرادي.
موقف هاجر الريسوني من المسائل الخلافية.
الملاحظ أن الصحفيين اللذين أعدا هذا الحوار حاولا جاهدين الانسياق بهاجر الريسوني إلى خندق "الاستهداف الممنهج للمغرب"، إذ منحاها ما يشبه "عبوات كاتشاب أحمر" وطلبا منها تلطيخ صورة المغرب بدعوى أنها دماء الصحفيين والمعارضين التي تسيل على مذبح الحرية. لكن هاجر الريسوني، وهي تسير في جبهة الحرب الدعائية، وتوجه ماسورة كلامها للمغرب، سقطت في الكثير من التناقضات والزلات المفاهيمية والقانونية والدينية في العديد من المسائل الخلافية في الدين والقانون.
ففي معرض الجواب على تساؤل حول واقع الحريات الفردية، وتحديدا حقوق النساء والصحفيين بالمغرب، جزمت هاجر الريسوني بأن حقوق النساء غير محترمة بالمغرب، إذ أن القوانين تجرم الإجهاض، وأنها لا تسمح بالمساواة في الإرث، وأنها لا تعطي للنساء كافة حقوقهن في حالة الطلاق، وأنها لا تحظر الاغتصاب الزوجي، وأن النساء مقصيات من المشاركة السياسية ومن حق الولوج لمناصب المسؤولية.
ففي الوقت الذي كان فيه عمُّ هاجر الريسوني، فقيه المقاصد والكفايات، وأحد كبار اتحاد علماء المسلمين، يصف المطالبين بحرية الإجهاض ب" الإجهاضيين" الذين يناضلون من أجل "تحرير الفروج"، يظهر أن الصحفية سليلة نفس الأسرة لها موقف مناقض وتعتبر أن القانون المغربي متخلف وقرو-وسطوي لأنه لا يسمح بحرية الإجهاض. وفي الوقت أيضا، التي تتهم فيه هاجر الريسوني القانون المغربي بإقصاء النساء وسلبهن حريتهن في الإجهاض، نجد أن عمها أحمد الريسوني يتهم "الإجهاضيين" بمحاولة "شرعنة الإجهاض ورفع القيود على ممارسته"، مشددا على أن " من تلبيسات الإجهاضيين أنهم يدّعون محاربة الإجهاض السري، بينما الذي يريدونه هو استباحة الإجهاض الممنوع قانونا".
فانعطاف هاجر الريسوني عن "قالب" الحوار الذي وضع لها مسبقا، جعلها تفتي بغير ما لا تعرف، وتدخل في سجال ديني مع عمها أحمد الريسوني، خصوصا عندما زعمت بأن القانون المغربي لا يسمح بالمساواة في الإرث، مع أن "لا اجتهاد مع وجود النص" كما يقول عمّها وجمهور العلماء. أكثر من ذلك، فعندما انبرت هاجر الريسوني تتحدث عن إقصاء النساء من المشاركة السياسية ومن مناصب المسؤولية، فهل كانت تقصد بكلامها المغرب أم السودان الذي تعيش فيه حاليا. لأن الثابت، هو أن المغرب أقر منذ زمن " كوطا النساء في البرلمان"، و"اللائحة الوطنية للنساء" وهو ما فتح الباب مشرعا، وعلى مصراعيه، للنساء لولوج الساحة السياسية والنهوض بمختلف أعباء المسؤولية.
الكذب على المغرب.. من ضروب الكذب الحلال
أمعنت هاجر الريسوني، ومعها مُعدَّا الحوار روزا الموساوي ورشيدة العزوزي، في تلبيس الكذب صورة الحق، وكأن لسانهم وقلمهم يجتران أدبيات التطرف الديني، التي تسدل طابع "الحلال" على الكذب والإفك والبهتان الذي يستهدف الأنظمة السياسية التي تحكم بالقوانين الوضعية. فقد ادعت هاجر الريسوني بأنها "حطّت الرحال بالسودان بسبب فرط رِهابها وخوفها من انتقام الدولة المغربية"، والحال أن "الالتحاق بالزوج" كان هو السبب الوحيد لهذا اللجوء الطوعي والاختياري. لكن "الحبكة الصحفية المؤدى عنها" تحتاج لبهرات الكذب وتوابل التضليل، ليتسنى تقديم السودان الذي تعصف بها السيول والانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية وكأنه "جنة" مقارنة مع المغرب الذي تسيل فيه " دماء الكاتشاب" المزيفة.
وقد بلغ الكذب منتهاه، عندما ادعى أصحاب الحوار بأن العفو الملكي عن هاجر الريسوني ومن معها كان نتيجة الضغط الدولي والتعبئة الجماهيرية! فهاجر التي رأسمالها هو "إجهاضها" أضحت في الحوار المنشور حدثا ضاغطا في الجغرافية السياسية. ولئن صح هذا الزعم الزائف، فلماذا لم "تقرض" المعنية بالأمر سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين بعضا من وهجها الدولي، رغم أن الأول يرتبط معها بآصرة القرابة والثاني يحتمل أن يكون هو المسؤول عن الإجهاض الأول المسكوت عنه.
ومن المفارقات الغربية أيضا، التي أعاد الحوار إحياءها بكثير من السطحية والتدليس، هي اتهام الطبيب البروفيسور رئيس مصلحة الولادة والنساء بالمستشفى الجامعي بالرباط بأنه أجبر هاجر الريسوني على إجراء الخبرة الطبية. بل إن المعنية بالأمر زعمت بكثير من الجسارة بأنها كانت تستغيث من فرط الوجع الذي تسببت فيه آليات الخبرة!
وهنا، لا بد توضيح فكرة بديهية ومسلم بها، وهي أن الخبرة الطبية بقدر ما قد تكون دليل إثبات، فإنها قد تكون أيضا دليل نفي وتفنيد. وبتعبير آخر، فالخبرة الطبية هي التي يمكنها أن تثبت براءة هاجر الريسوني من تهمة الإجهاض، مثلما هي القادرة أيضا على تأكيد فرضية قتلها للأجنة في مشيمة الأرحام. واستنادا لهذا المنطق، فإذا كانت هاجر الريسوني بريئة كما تدعي، فإنها ستكون أكثر حرصا على الخضوع للخبرة لإثبات براءتها، لكنها سلكت للأسف الطريق الخطأ، وفضلت ازدراء الخبرة بعدما أكدت هذه الأخيرة احتواء الرحم على رواسب من حياة أدمية تم وأدها بمقصات الطبيب وتم إهمالها في حاوية المتلاشيات.
ولم تكتف هاجر الريسوني بهذا القدر من "بهرات الكذب"، بل ادعت بأن عمها سليمان الريسوني محروم من الزيارة ومن ضمانات المحاكمة العادلة، متعمدة الالتفاف على كل التدابير الاحترازية التي فرضتها جائحة كوفيد على المحاكمات العلنية في فترة الحجر الصحي، كما أنها سقطت في تناقض غريب عندما وصفت شروط حبسها وكأنها في "أبو غريب"، قبل أن تردف حديثها بأنها كانت تزجي كل وقتها في القراءة والمطالعة. فهل سجن أبو غريب و "ألكتراس" كان يسمح فيهما بالقراءة والمطالعة كل الوقت! إنها فعلا ضروب الكذب الحرام على المغرب والسلطات العمومية.
ومن حسنات الصدف ختاما، أنه في الوقت الذي كانت فيه هاجر الريسوني تثني كثيرا على جريدة أخبار اليوم، التي قالت بأنها مستهدفة من طرف الدولة وأنها تشكل موضوع انتقام متواتر، كانت رئيستها السابقة في العمل ومديرة نشر موقع اليوم 24 تكتب تدوينة مطولة تقول فيها " صراحة كانت المعركة الأكبر مع المالكين.."، وهي تقصد هنا آل بوعشرين، بل إنها كتبت علانية وبالخط العريض "ليشهد الله والتاريخ بأنني لم أتعرض لأي ضغط كما يروجون..(حقا هي خايفة والمخزن يضغط عليها واختارت تمشي). مثل هذه الهرطقات تصلح حكاية لطفل صغير غير قادر على التمييز، لم يضغط علي أحد إلا طمع وجشع المالكين".
فعلا إن هرطقات الصحافة الفرنسية، وتحديدا جريدة L'Humanité التي نشرت حوارا بنكهة "سرديات الأطفال القاصرين غير القادرين على التمييز والإدراك"، أما "بوح " هاجر الريسوني فإنه لا يعدو أن يكون مجرد "اغتصاب لبراءة الوطن المفترى عليه دائما".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.