تمتاز دول العالم بعادات وتقاليد تختلف عن بعضها البعض، تبرز في شهر رمضان، سواء بمظاهر الاحتفال أو الاستعدادات لهذا الشهر الكريم، إلا أن رمضان لهذه السنة 1441 هجرية الموافق ل2020 ميلادية عرف تغيرات عديدة، فجائحة كورونا جعلت بعض العادات واجتماع الناس أكبر خطر يهدد بعدوى الفيروس، لكن هذه العادات لازالت مؤرخة ومتداولة، لذا اختار موقع “برلمان.كوم” سرد بعضا من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم بمجموعة من الدول الإسلامية قبل ظهور فيروس “كوفيد 19”. عبر هذه السلسلة الرمضانية “رمضان من كل البلدان” يسافر “برلمان.كوم” بقرائه في بعض البلدان للتعرف أكثر على العادات والتقاليد الخاصة بكل دولة إسلامية، حيث سنتوقف في حلقة اليوم عند تقاليد دولة الأردن. ويشهد شهر رمضان في الأردن، مظاهر احتفالية وتراثية حيث يعتمد شعبها على معرفة هلال رمضان ودخوله عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فمع دخوله تعم الفرحة ويهنئ الشعب الأردني بعضه بعضا وتنشط خلاله العبادات من قراءة القرآن وإقامة الصلوات بالمساجد وبخاصة صلاة العشاء والتراويح. وتتزين الشوارع والبيوت والمساجد بالفوانيس والقناديل بألوانها وأحجامها المختلفة، وكذلك هلال رمضان، على شكل شريط كهربائي تتوسطه نجمة حيث يعلق على الكثير من الأماكن بالشوارع والبيوت. ولازالت مهنة “المسحراتي” في نطاق محدود في بعض المدن والقرى حيث يقوم بإيقاظ الناس لتناول السحور، كما يقوم بعض الشباب في الأحياء بالعاصمة عمان ومدنها في وقت متأخر بدق الطبل وترديد كلمات خاصة من أجل إيقاظ النائمين. كما يحرص الأطفال على ارتداء الملابس التقليدية وشراء الفوانيس الجميلة والتجول بها ليلا في جو من الفرحة والابتهاج، كما يحرص الجميع على الذهاب إلى المساجد لإقامة الصلاة وإعداد الموائد للفقراء والمساكين من أجود أنواع الأطعمة والتمور. ومن أبرز وأشهر الأطباق التي تؤثث المائدة الرمضانية في هذا الأردن، نجد “المنسف” الذي يعتبر سيد المائدة، وهو عبارة عن وجبة شعبية يتم إعدادها بالأرز واللحم “البلدي” واللبن المجفف ورقاق الخبز، إلى جانب “القطايف” الحلوى الرئيسية التي تتواجد بدورها وبشكل يومي على المائدة الرمضانية، وبعض المشروبات مثل “قمر الدين” و”العرق سوس” و”التمر الهندي”. ويحظى جانب العلاقات الاجتماعية باهتمام بالغ لدى الأسر الأردنية، حيث يحرص أفراد العائلة الواحدة وكذا الأقرباء والأصدقاء، في هذا الشهر الكريم، على الالتقاء على مائدة الإفطار، خاصة في اليوم الأول منه، وذلك في إطار واجب اجتماعي لا تلغيه الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض العائلات، بل أضحى أكثر من ذلك تقليديا يتوخى منه لم شمل أفراد الأسرة وترسيخ العلاقات الاجتماعية أكثر في هذه المناسبة المباركة. وخلال أيام رمضان تتنوع أوجه التكافل والتضامن الاجتماعي، حيث تكثر موائد الرحمان والخيم الرمضانية التي أضحت تقليدا سنويا في هذا البلد على غرار عدد من البلدان الأخرى العربية والإسلامية، ذلك أنه إلى جانب الموائد التي تنظمها وزارة الأوقاف وعدد من الجمعيات الخيرية، نجد مبادرات تطوعية وتلقائية من الأفراد والعائلات التي تتسارع إلى فعل الخير طيلة هذا الشهر (توزيع مواد غذائية وعينية على الفئات المعوزة والمحتاجة)، إيمانا منها بقيم التضامن وواجب التآزر والتكافل الإنساني. كما تحرص الأسر بهذه المناسبة العظيمة على إخراج زكاة الأموال أو دفعها للمؤسسات الخيرية، التي تتولى بدورها توزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل. وما يثير الانتباه أيضا خلال هذا الشهر الفضيل هو إطلاق مبادرة تسمى “إفطار الصائم”، وتتمثل في توزيع المياه والتمور على المارة في الشوارع والطرقات والذين لم يسعفهم الوقت للوصول إلى وجهتهم قبل وقت الإفطار، إلى جانب المبادرات التي تقوم بها جمعيات من خلال نصب خيم لمساعدة المحسنين وأهل الخير على إقامة مأدبة إفطار الصائم للأسر المعوزة وللطلبة من الدول الأخرى.